عن التناقض الصارخ في السلوك السلطوي.. يكتب أحمد الديين مستشهدا بتعامل المحمد والفهد مع استجوابيهما

زاوية الكتاب

كتب 1447 مشاهدات 0


 

تناقضات سلطوية غير مستترة! 
 
كتب أحمد الديين
 
لعلّ المتابع للأحداث والتطورات السياسية قادر على ملاحظة ما برز أخيرا على السطح من تناقضات صارخة وتباينات فاضحة على مستوى سلوك الأطراف السلطوية في التعامل مع المواقف المستجدة التي تواجهها.
ونبدأ بالاختلاف في كيفية التعامل مع الاستجوابين الأخيرين الموجّهين إلى رئيس مجلس الوزراء، حيث حرص الرئيس على إحالة الاستجواب الموجّه إليه من النائبين أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري إلى المحكمة الدستورية وذلك بالارتباط مع طلب تفسير المواد 100 و123 و127 من الدستور، وألحقه بالطلب من مجلس الأمة تأجيل مناقشة الاستجواب لمدة سنة أو إلى حين ورود قرار المحكمة، أيهما أسبق، بينما لم تتضح بعد الكيفية التي سيتعامل فيها الرئيس وحكومته مع الاستجواب الآخر الموجّه إليه من النواب الدكتور محمد الطبطبائي ومحمد هايف ومبارك الوعلان حول قضايا مثيرة للجدل تتصل بعلاقات الكويت الخارجية وبالوضع الإقليمي من شأنها إثارة حساسيات طائفية... ولعل مرد تأخر حسم كيفية التعامل مع الاستجواب الأخير يعود إلى أنّ طلب الحكومة تأجيل مناقشته مدة مماثلة لمدة تأجيل الاستجواب الأول يمكن أن تستثير حفيظة الأوساط الشعبية المستثارة أصلا من التأجيل الأول؛ وتستفزها أكثر مما هي مستفزة من الاستخفاف بأدوات الرقابة الدستورية بما يغذي غضبها المعتمل في الصدور تجاه العبث السلطوي بالدستور، وفي الوقت نفسه فإنّ تكرار تأجيل مناقشة الاستجواب الموجّه إلى الرئيس من شأنه أن يقدم المبرر لنائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد الفهد لطلب تأجيل مناقشة الاستجواب الموجّه إليه هو الآخر، وهذا ما يبدو أنّ الرئيس لا يريده، بينما سيمثّل صعود الرئيس المنصّة تناقضا مع ادعائه حول عدم دستورية الاستجواب الأول، ذلك أنّ الذريعة ذاتها قائمة في الاستجواب الأخير على نحو أوضح من الاستجواب الأول، ناهيك عن ما يمكن أن يسببه صعود الرئيس المنصة هذه المرة من إحراج شخصي وسياسي مباشر لنائبه المتردد في صعودها وإفشال محاولته تأجيل مناقشة الاستجواب الموجّه إليه تحت ذريعة عدم دستورية اثنين من محاوره، إذ لا بد في هذه الحالة من صعوده المنصة اقتداء بصعود رئيسه!
وهذا ما يقودنا إلى رصد ما برز من  إشارات عن الخلاف الدائر والمستتر إلى حدّ العلن بين الرئيس ونائبه، الذي يعود إلى الأيام الأخيرة من عمر التشكيلة الحكومية السابقة وذلك قبيل استقالتها المرتبكة جراء توجيه الاستجوابات النيابية إلى ثلاثة من الشيوخ الوزراء بينهم نائب الرئيس ذاته في استجواب مشابه للاستجواب الحالي، فهناك معلومات وتفاصيل تتداولها الأوساط السياسية والإعلامية عن تعليمات متضاربة حول كيفية تصرف نائب رئيس مجلس الوزراء مع الاستجواب الموجّه إليه وذلك بالتحفظ على تأجيل مناقشته أو إحالته إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة وعدم التضامن الحكومي في هذا الشأن، وما أشير إليه حول التزام نواب الرئيس والوزراء أحد الخيارين المرين فإما الصعود إلى المنصة لمواجهة الاستجواب أو الاستقالة!
ومن بين ما يمكن أن نلحظه من تناقض في السلوك السلطوي ذلك التناقض بين الادعاء بالتزام المبادئ الدستورية في التعامل مع الاستجوابات، في الوقت الذي يتم فيه ضرب هذه المبادئ الدستورية عرض الحائط عبر إهدار مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية المطلقة، مثلما حدث في السابقة الخطرة لمساءلة النائب الدكتور فيصل المسلم قانونيا أمام المحاكم عن عمله البرلماني المحصّن دستوريا داخل قاعة مجلس الأمة!
ويضاف إلى ما سبق من تناقضات في السلوك السلطوي ما شهدناه خلال الأسبوعين الماضيين من استنفار أمني مبالغ فيه وفي مظاهره الاستعراضية والترهيبية لمواجهة التجمّعات الشعبية، بحيث تحوّلت ساحة الصفاة إلى ساحة حرب مشهودة، بينما يطلق رئيس مجلس الوزراء في المقابل تصريحات صحافية غير حصيفة يعلن فيها استهانته بهذه التجمّعات واستخفافه بمحدودية حجمها وتقليله من أهمية تأثيرها!
هذه بعض مظاهر التناقض الصارخ في السلوك السلطوي، وهي بالتأكيد ليست دليلا على تماسك وضع القائمين على السلطة وانسجام تصرفاتهم وعلاقاتهم البينية، وإنما هي الدليل الأكيد على عمق أزمتهم وارتباك مواقفهم!
 
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك