خطبة الجمعة 'ولا تنازعوا فتفشلوا...'
مقالات وأخبار أرشيفيةالشعيب: وحدة المسلمين هي الضمان الوحيد لأمن المجتمع واستقراره
مايو 25, 2011, 2:03 م 8515 مشاهدات 0
أكد وكيل وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية المساعد لشئون المساجد وليد عيسى الشعيب أن وحدة المسلمين وترابطهم هي الضمان الوحيد لأمن المجتمع واستقراره، كما أنها السبيل لمواجهة الفتن ووأدها في مهدها قبل أن تستفحل وتخلق حالة من التحزب والتشرذم والفرقة وجميعها معاول هدم للبناء الاجتماعي مهما كانت قوته، ولذلك دعا الإسلام إلى التوحد والترابط وعدم التنازع وجمع الكلمة وتوحيد الصف والاعتصام بحبل الله المتين ، لأن العمل بغير ذلك يؤدي إلى الهلاك.
وتابع الشعيب: وانطلاقاً من المسؤولية المناطة بها فقد رأت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية توجيه جمهور المسلمين في هذه الآونة إلى نبذ الفرقة والخلاف، والعمل على تقوية عرى الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع .
هذه الدعوة كانت الدافع لتعميم خطبة صلاة الجمعة المذاعة والموزعة على مساجد الكويت بتاريخ 27/5/2011م تحت عنوان ' ولا تنازعوا فتفشلوا' لحث المواطنين على توحيد الصف والكلمة والابتعاد عن كل مظاهر الفرقة والخلاف والنزاع.
وفيما يلي نص خطبة الجمعة التي ستلقى بعد غد الجمعة في مساجد الكويت والمذاعة على الهواء مباشرة( إذاعياً وتلفزيونياً ) من مسجد ( جابر العلي ) بضاحية جابر العلى- محافظة الأحمدي- وسيلقيها الشيخ نواف محمد السالم:
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ([آل عمران:102]، ) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ( [النساء:1]، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ( [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ r، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:
يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: )وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ( [التوبة:71].
لَقَدْ كَانَ تَأْلِيفُ الْقُلُوبِ بَابَ الإِسْلاَمِ إِلَى تَحْقِيقِ نِعْمَةِ الْوَحْدَةِ وَالأُخُوَّةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى تَحْقِيقِ التَّكَامُلِ وَالرُّشْدِ فِي الأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: ) وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون( [آل عمران:103]، وَقَالَ تَعَالَى: ) وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( [الأنفال:62- 63].
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ tقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ».
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ وَحْدَةَ الْمُسْلِمِينَ رِبَاطٌ وَثِيقٌ، لاَ تَنْفَصِمُ عُرَاهُ وَلاَ تَنْفَكُّ عُقْدَتُهُ، قَامَ عَلَى مَبْدَأِ الدِّينِ وَالأَرْضِ، وَجَعَلَهُ اللهُ صَرْحًا شَامِخًا مُتَمَاسِكًا؛ لَنْ يُوهِنَهُ بَرْقُ الْمَعَاوِلِ، أَوْ يُهَدِّدَ أَوْصَالَهُ هُبُوبُ الأَعَاصِيرِ وَالرِّيَاحِ.
وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْعُصُورِ الذَّهَبِيَّةِ الأُولَى إِخْوَةً مُتَحَابِّينَ، وَأَوْلِيَاءَ مُجْتَمِعِينَ، لاَ يَنْزِعُ أَحَدُهُمْ يَدَهُ مِنْ يَدِ أَخِيهِ، أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُ، أَوْ يَنْأَى بِجَانِبِهِ لِيَعِيشَ وَحْدَهُ دُونَ إِخْوَانِهِ، وَإِنْ خَالَفَهُ وَعَارَضَهُ فِي الرَّأْيِ وَالْقَوْلِ، بَلْ كَانُوا مِثَالاً لِلإِخَاءِ وَالْمَوَدَّةِ، وَلَوْ عَلَى حِسَابِ رَاحَتِهِمْ وَمُهْجَتِهِمْ، مُسْتَجِيبِينَ لِهَدْيِ سَيِّدِ الْخَلْقِ r إِذْ يَقُولُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]؛ فَلاَنَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا، يَجُوبُونَهَا نَشْرًا لِلْخَيْرِ وَالْقُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ.
طُوبَى لِشَعْبٍ غَدَا بِالْحَقِّ مُعْتَصِماَ وَحَبَّذَا أُمَّةٌ قَدْ أَنْشَأَتْ رَحِمَا
تَحْمِي الدِّيَارَ وَتَرْعَى الدِّينَ رَابِطَةً يَداً تَذُودُ وَقَلْباً وَاحِداً وَفَمَا
وَإِذَا كَانَ هَذَا وَاقِعَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَزْهَى عُصُورِهِمْ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ فِي أَعْقَابِ الزَّمَنِ وَبِخَاصَّةٍ فِي زَمَانِنَا هَذَا؛ وَقَدْ تَتَالَتْ عَلَيْهِمُ الْفِتَنُ وَالْمِحَنُ، هُمْ فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَى تَشْيِيدِ مُجْتَمَعَاتِهِمْ، وَبِنَاءِ صَرْحِ جَامِعَتِهِمْ؛ عَلَى الأَمْثِلَةِ الرَّفِيعَةِ الرَّشِيدَةِ الَّتِي ضَرَبَهَا السَّلَفُ فِي التَّمَاسُكِ وَالتَّضَامُنِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.
إِنَّ قَافِلَةَ الْخَيْرِ وَالْعَمَلِ فِي بَلَدِنَا الْحَبِيبِ يَجِبُ أَنْ تَسِيرَ قُدُماً إِلَى الأَمَامِ، وَتَرْقَى سَمَاءً إِلَى الْعَلْيَاءِ، لاَ تَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ أَوْ فَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ، وَلاَ تُضْعِفُهَا عَصَبِيَّةٌ أَوْ حِزْبِيَّةٌ مَقِيتَةٌ، بَلْ يَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُجْتَمَعِ نَفْسَهُ مَسْؤُولاً عَنِ الْخَلَلِ وَالتَّقْصِيرِ، لأَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِجَمْعِ الْكَلِمَةِ، وَاتِّحَادِ الصَّفِّ، وَتَوْجِيهِ الْخُطَا.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
لاَ بُدَّ لِلْعَامِلِينَ عَلَى رِعَايَةِ شُؤُونِ النَّاسِ وَمَصَالِحِهِمْ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ التَّنَازُعَ وَالاِخْتِلاَفَ وَفَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ يُضْعِفُ الأَقْوِيَاءَ، وَيُهْلِكُ الأَفْرَادَ وَالْمُجْتَمَعَاتِ، بَيْنَمَا التَّعَاضُدُ وَالاِتِّحَادُ وَإِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ يَصْنَعُ النَّصْرَ وَالْقُوَّةَ وَالتَّمْكِينَ، قَالَ تَعَالَى: ) وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ( [الأنفال:46].
وَقَـالَ رَسُولُ اللهِ r: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ].
وَلَمْ يَقْرَأِ التَّارِيخَ أَحَدٌ إِلاَّ عَلِمَ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ مِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ سُقُوطِ الدُّوَلِ عَلَى اخْتِلاَفِ عَقَائِدِهَا وَمِلَلِهَا: التَّفَرُّقَ وَالاِخْتِلاَفَ.
فَهَا هِيَ الْخِلاَفَةُ الْعَبَّاسِيَّةُ سَقَطَتْ بَعْدَ أَنْ تَفَرَّقَتْ دُوَلاً إِسْلاَمِيَّةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَنَشَأَتِ الدَّوْلَةُ البُوَيْهِيَّةُ، وَالْمَمَالِيكُ، وَدُوَيْلاَتُ الشَّامِ، فَلَمَّا زَحَفَ الْمَغُولُ إِلَى بَغْدَادَ لَمْ يَقِفْ فِي وَجْهِ زَحْفِهِمْ غَيْرُ أَهْلِ بَغْدَادَ فَقَطْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا صَدَّهُمْ، فَأَعْمَلُوا فِيهِمُ الْقَتْلَ وَالنَّهْبَ وَالتَّشْرِيدَ.
وَسَقَطَتِ الدَّوْلَةُ الإِسْلاَمِيَّةُ فِي الأَنْدَلُسِ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ دُوَيْلاَتٍ مًتَفَرِّقَةً مُتَنَاحِرَةً، لاَ هَمَّ لأَحَدِهِمْ سِوَى التَّنَاحُرِ وَالْمُبَارَزَةِ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَائِرِ صَحْبِهِ وَإِخْوَانِهِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا النَّاسُ - وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوهُ وَلاَ تَعْصُوهُ، وَتَأَمَّلُوا فِي أَخْبَارِ مَنْ سَبَقَكُمْ مِنَ الصَّادِقِينَ الأَتْقِيَاءِ، وَأَتْبِعُوهَا الْعَمَلَ وَحُسْنَ الاِقْتِدَاءِ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ( [التوبة:119].
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:
إِنَّ مَا ظَفِرَ بِهِ أَعْدَاءُ الأُمَّةِ مِنْ سَطْوٍ وَاسْتِيلاَءٍ: لاَ يَرْجِعُ إِلَى خَصَائِصِ الْقُوَّةِ فِي أَنْفُسِهِمْ بَقَدْرِ مَا يَعُودُ إِلَى آثَارِ الْوَهْنِ فِي صُفُوفِ أَصْحَابِ الْحَقِّ، فَالْفُرْقَةُ تَجْعَلُ هَلاَكَ الأُمَّةِ بِيَدِ أَبْنَائِهَا فِي حَرْبٍ بِلاَ مَعْرَكَةٍ، وَنَصْرٍ بِلاَ مُقَارَعَةِ عَدُوٍّ.
مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ:
إِنَّ وُقُوعَ الْخِلاَفِ أَمْرٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَلاَ مَفَرَّ مِنْ تَبَايُنِ الآرَاءِ، وَلَكِنَّ الَّذِي لاَ يَجُوزُ هُوَ اسْتِبَاحَةُ الأَعْرَاضِ، وَالنُّفْرَةُ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَ الْمُتَخَالِفِينَ، فَلَيْسَ مِنَ الدِّينِ وَلاَ مِنَ الأُخُوَّةِ الإِيْمَانِيَّةِ الْقَائِمَةِ بَيْنَ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ الْوَاحِدِ، أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدُ الْخِلاَفِ سَبَبًا لِلْقَذْفِ وَالتَّحْرِيضِ وَالْعُنْفِ، بَلِ الْوَاجِبُ: إِسْدَاءُ النُّصْحِ لِكُلِّ مُوَاطِنٍ أَوْ مُقِيمٍ؛ مَهْمَا كَانَ انْتِمَاؤُهُ أَوْ فِكْرُهُ أَوْ مَنْهَجُهُ.
فِإذَا فَعَلَ الْعُلَمَاءُ وَالدُّعَاةُ وَحَمَلَةُ الأَقْلاَمِ ذَلِكَ فَقَدْ قَامُوا بِوَاجِبِ النَّصِيحَةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ r: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
إِنَّ الرِّجَــالَ إِذَا مَـــا أُلْجِئُوا لَجَئُوا إِلَى التَّعَاوُنِ فِـــيمَا جَــلَّ أَوْ حَـزَبَا
لاَ تُعْـــدَمُ الْهِمَّــةُ الْكُبْرَى جَوَائِزَهَا سِيَّانَ مَنْ غَلَبَ الأَيَّــــامَ أَوْ غُلِبَا
وَكُلُّ سَعْيٍ سَيَجْزِي اللهُ سَاعِيَهُ هَيْهَاتَ يَذْهَبُ سَعْيُ الْمُحْسِنِينَ هَبَا
اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ, وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الْحَلِيمُ، رَبَّنَا أَوْزِعْنَا أَنْ نَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتَِي أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا وَعَلَى وَالِدِينَا وَأَنْ نَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ, وَأَدْخِلْنَا بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَنَا وَأَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، وَفَرِّجْ كُرُوبَنَا وَكُرُوبَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ, وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ, الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ, إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ, وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمَا بِحِفْظِكَ, وَاكْلأْهُمَا بِرِعَايَتِكَ, وَأَلْبِسْهُمَا ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَالإِيمَانِ, يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ, وَتَقَبَّلِ اللَّهُمَّ شُهَدَاءَنَا وَشُهَدَاءَ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ ِللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
تعليقات