بين تربية الاستبداد وحركة الشباب- يكتب علي الطراح ؟!
زاوية الكتابكتب مايو 24, 2011, 1:48 م 821 مشاهدات 0
أنت وأنا
بين تربية الاستبداد وحركة الشباب
د.علي أحمد الطراح
يقولون إن للتاريخ دوراته ولا اعرف اذا ما كانت مقولة التاريخ يعيد نفسه علمية لكون التاريخ يقدم لنا صور الماضي بمتغيراته الذاتية والموضوعية ونستنبط منه مؤشرات المستقبل وقد نستخدمه في القياس لما هو متوقع. فاليوم يعيش العالم العربي تغييرات ضخمة تهز كيانه وتقلب موازينه ولا نعرف الى اين يتجه المستقبل بنا، فعندما حدثت ثورة الشباب في فرنسا كان لها ما يبررها وهي في كل الأحوال تعبر عن حدة الرفض الاجتماعي للواقع المعاش فالحركة الشبابية كانت تعبر عن رفض الهيمنة وتحدي السلطة بكافة أنواعها وقادت الى تغيير كبير في ملامح المجتمع الفرنسي ومن ثم الغربي ولولا هذه الحركة الاجتماعية لقبعت أوروبا بمكانها.
رفع الشباب ابان الثورة الفرنسية شعارات تعبر عن ارادة التحدي ومنها على سبيل المثال: المقدس هو هذا العدو، بعد المصانع والجامعات لنحتل الرأي العام، لا جدوى من الترميم عندما تكون البنية متهرئة، نريد منشآت في خدمة الانسان لا الانسان في خدمة المنشآت، كل فكر يركن يتعفن، لنكن في مستوى أحلامنا، الرفاهية نعم العبودية لا، وحدها الحقيقة ثورية، انسوا ما تعلمتم واحلموا. فكل شعار كان يحمل معاني كبيرة في داخله ويرمز لرغبة التغيير المرغوب الوصول اليه. في حالتنا العربية مازالت الأمور غامضة فالظروف مختلفة عنها في فرنسا وهنا يقبع الخوف من ان تسرق الثورة الشبابية حيث الهياكل المهترئة باقية وراسخة ومقاومتها ليست بالسهلة، وفي تحليلنا للظاهرة الشبابية مازلنا نقف في حيرة في تفسيرها لكوننا تربينا على الحكم والاسقاطات السريعة ونتخيل ان ثورة الشباب في 1969 تعود من جديد وتطرق بابنا العربي. فبعض من علماء الاجتماع يعتقدون بأن التغيير قادم في البلاد العربية وان حقبة تاريخية قاربت من الزوال والبعض يميل للمؤامرة ولا يقدر القوة الكامنة للشباب ويلجأ الى المخطط الغربي في تفسيره للظاهرة الشبابية ومازال الغموض هو سيد الموقف حيث لا اميل للاستعداء لكوننا مررنا بثورات وردية وتحولت الى دماء تسيل تقتل كل من يعارضها، فالمستعمر الخارجي سقط وتحولت القوة للمستعمر الداخلي وهي الحرية التي يرفضها من جاء بالثورة وقادها لكون عقله الاجتماعي والثقافي لا يستوعب حقيقة التغيير وتربى على الاستبداد. فقد خسرنا عقوداً طويلة من طاقاتنا وتحول القتال الى الداخل وشغلونا بالثورة الفلسطينية وجعلوا منها المشجب لكل من يريد ان يعادي ويعارض النظام، فتفاوتت الطبقات ونمت الطفيليات الفاسدة وكبرت وعششت وعادت مقاومتها من المستحيل واليوم ينقلب كل شيء وبمفاجأة ودون تمهيد. وما يلفت الانتباه ان الحركات الشبابية لم تحركها القوة الوطنية المهترئة التي تحولت عبر السنوات الى جزء من طفيليات الفساد وتحولت الى مدافع عن مصالحها، بل أصبحت مصالحها هي محكها الوطني، فالوطنية ارتبطت بالمصالح، ولعلنا في الكويت نجد ان الأفواه المفتوحة والمدوية في الصف الوطني تتساقط حيث مصالحها تفرض عليها موقفها. فثورة الشباب العربية لم ترفع شعارات اقتصادية وانما كانت سياسية تطالب بتغيير الحكم وحل الأحزاب المهيمنة لانها ببساطة صحت ووجدت كل الطرق أغلقت أمامها ووصلت الى حالة انسداد مما ادى الى ان ينتفض الشباب بسرعة هائلة لم يتوقعها احد لا داخليا ولا خارجيا. فهل نحن نقدم على وعي سياسي جديد يقوده الشباب الذي لا يريد اسقاط الحكومة فقط وانما حتى القوة الوطنية التي تحالفت مع الحكومة لتحقيق مصالحها.
يشير كثير من المؤشرات الى ان الحركة لن تسكن وهي ماضية وتحولت الى عفوية بل هي عدوى ان صحت التسمية… تطير كما طارت عدوى الخنازير والطيور في عالم ألغي فيه البعد المكاني ولا غرابة في أن نجد مجتمعات تتباعد او تتباين اجتماعيا ولكن تتوحد عالميا حيث الثقافة العالمية سحقت الحدود السلطوية. وفي ظل حركة التغيير علينا ان نستوعبها بظروفها وبمتغيراتها الموضوعية والذاتية ولا نقول اننا نملك كل أوراق اللعبة حيث العقل والمنطق يعاكسنا ولكن السلطة تجد نفسها امام حالة عسر هضم فهي فقدت المرونة في التفكير والوسيلة ومصرة على التفكير التقليدي. هذا ما دار بيني وبين مجموعة من المفكرين العرب وبعض من الفرنسيين المهتمين في الشأن الشبابي ونحن نحتسي القهوة في احد مقاهي باريس. ولعل ما يجعلنا نشعر ببعض الراحة ان الحراك العربي الشبابي تحول الى مصب اهتمام عالمي واليوم تتولى اليونسكو معرفة ما يحدث في عالمنا العربي ولعل وزيرنا الجديد القانوني والمحامي احمد المليفي يدرك ضخامة التغيير والمسؤولية التي ألقيت على عاتقه ونأمل منه وهو الذي يملك الحيوية ان يعيننا في ظل تخلف يقبع في وزارته.
وعلى المحبة نلتقي،،،
د. علي أحمد الطراح
تعليقات