'فوكوشيما' نهاية عصر الطاقة النووية

الاقتصاد الآن

الشمس والريح والماء، طاقات بديلة أكثر أمنا

1557 مشاهدات 0


  قرار الحكومة اليابانية بتجميد وووقف العمل ببناء محطات نووية جديدة وقرارات الحكومات الصينية وألمانيا ومن ثم  قرار الولايات المتحدة الأمريكية بعدم المضي قدما في تطوير مفاعل نووية جديدة. كل هذا يصب على توجه واحد، ألا وهو وقف العمل ببناء مفاعلات نووية جديدة حتى اشعار آخر، وإعادة النظر في الطاقات المتجددة البديلة.
كارثة فوكوشيما فتحت العيون والآذان بشأن مضار هذه الطاقة على بقاء ووجود الإنسان، ونكاد أن نجزم بأن هذه الكارثة سهلت قرارا لوقف العمل وتأجيل بناء محطات جديدة حتى اشعار آخر.

وعلى الرغم من عدم ثبوت وجود أي خطأ بشري حتى الآن، إلا أن القوة الطبيعية كانت أقوى من كل شيء، من الزلزال المدمر إلى أمواج تسو نامي، حيث كانا  مدمران و لم يكن في استطاعة الإنسان التنبؤ أو اتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة لحماية المفاعل النووية مهما بلغت التقنيات المتقدمة، وفشلت اليابان في مواجهة التعامل مع الطبيعة وأدت إلي كل هذا الدمار وفي لحظات.
 
من المؤكد أن المفاعلات الحالية والعاملة في مختلف بقاع العالم لن تغلق ولن  تتوقف، ولكن ستطبق عليها شروط أكثر قسوة، ووكالة الطاقة ستعمل من جديد بتحديث شروط الأمن والسلامة من الألف إلى الياء، ولن تقبل ببناء محطات جديدة من دون شروط أكثر صرامة، وبزيادة عدد أنظمة السلامة . 
والعالم حاليا يعتمد على نسبة اقل من 3% على الطاقة النووية، إلا إن الدول الصناعية الكبرى تعتمد على معدل 25% لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية ومنها
الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا وكندا وكوريا وروسيا، لكن في بعض الدول الأوربية هذه النسبة أكثر ارتفاعا و تبلغ معدل ال77% في فرنسا، حيث تصدر وتبيع جزءا كبيرا من الكهرباء إلى ايطاليا، ولهذا السبب لم تبني ايطاليا مفاعل نووي على أراضيها معتمدة على جيرانها، وتعتمد كل من بلجيكا على نسبة 50% و سويسرا و السويد على 40% إلا أن هذه الدولتين أوقفتا العمل ببناء وزيادة عدد المفاعل ومنذ فترة طويلة، والتوجه الأوروبي الحالي هو وقف العمل بالمفاعلات الحالية العاملة وتشديد الشروط الرقابية من الأمن و السلامة.

ولاتمتلك الدول العربية أية مفاعل نووية عدا العراق وقد دمر هذا المفاعل في عام 1982. و إن كانت هناك خطط لدى بعض الدول العربية إلا أن هناك مقاومة شعبية حادة ضد بناء مفاعل نووي في الكويت واقتراح برلماني بعدم بناء مفاعل نوويى على الأراضي و البحار الكويتية. في حين لم يوافق سوى 5% في استطلاع تلفزيوني لمحطة أبو ظبي على اقامة مولدات نووية في هذه الأمارة. 

والتوجه العالمي الحالي يسير نحو الطاقات المتجددة الآمنة مثل الطاقة الشمسية والريح والماء، والمطلوب من الدول العربية الخليجية أن يصبوا جميع اهتماماتهم بالطاقة الشمسية، واستغلالها ببناء وتطوير مراكز بحوث واكتساب وجلب الخبرات الأجنبية المتخصصة في هذا المجال وتمتلك هذه الدول النفطية الأموال الفائضة لتكون الرائدة في الطاقة الشمسية ومن جميع جوانبها. وخاصة وهذه الدول النفطية هي مجال الطاقة والضرر في اكتساب خبرات جديدة و متنوعة في طاقة منافسة.
و هناك من يقول بأن هناك أكثر من 450 مفاعل نووي في أكثر من 30 دولة وسجل السلامة النووي هو الأفضل مقارنة بكل الصناعات وإن فوائد المفاعلات اقتصادية، اذن لماذا كل هذه الضجة مباشرة بعد حادثة  فوكوشيما؟  ولكن هل نسينا أو تناسينا كلفة التخلص من النفايات النووية ومن ستتحمل كلفتها أو من ستوافق على دفن هذه النفايات على أراضيها؟
و إذا اليابان الدولة الصناعية الكبيرة والمتقدمة في مجال البيئة والسلامة التي يتمتع أهلها بحس صحي ومع ذلك وقعت فيها أكبر كارثة والتي كانت خارجة عن إرادتها. فما بالنا نحن في الدول العربية حيث لا نؤمن و لا تتجسد فينا  الثقافة لإنشاء مراكز أبحاث الأمن والسلامة .
ولما لا تنشئ الدول الخليجية النفطية مراكز بحوث لتطوير الطاقة المتجددة مثل الشمس، ونحن نمتلك أموالا فائضة وبإمكاننا جلب أفضل العقول والخبرات، ولنتقدم في مجالات الطاقة المتجددة.  وأليس الأفضل لنا جميعا أن نركز ونتعمق في صلب مجالنا النفطي و الغاز،  ولنترك مجال الطاقة النووية لأصحاب التقنيات المتطورة وأصحاب الموارد البشرية والخبرات المتخصصة.
الوقت الحالي ليس الوقت المناسب في التفكير في الطاقة النووية، لكنه مناسب جدا للطاقات المتجددة والشمسية، ولما لا ننظر إلى الخبرات المصرية في هذا المجال، خاصة وانها بصدد البدء في افتتاح أول محطة لتوليد الطاقة الشمسية التي ستدخل حيز التشغيل قريبا. وهي خبرة عربية من الممكن الاستفاة منها ومن كل جوانبها، وهذا هو أوسع أبواب التعاون العربي وفي مجال آمن جدا.

كامل عبدالله الحرمي    
 كاتب ومحلل نفطي  مستقل   

الآن: كامل عبدالله الحرمي - كاتب ومحلل نفطي مستقل

تعليقات

اكتب تعليقك