لابديل لميناء بوبيان إلا مفاعل وربة

محليات وبرلمان

12391 مشاهدات 0


دمر البريطانيون رأس الخيمة في عام 1819م  بحجة القرصنة ،و هاجم الفرس الزبارة1811م بنفس الذريعة، وفي 1783م غزى بني كعب الكويت لرفضنا طلب المصاهرة. وفي 1775 م أحتل  كريم خان زند البصرة بحجة عدم مساعدة واليها العثماني له ضد سلطان عمان. وقبل ذلك  بكثير دمرت أسبرطة مدينة طروادة بدعوى خطف الأمير باريس للأميرة هيلين . لكن جميع تلك الأسباب لم تكن إلا ذريعة حرب،حيث كانت الضحية مدن تجارية كان ازدهارها منافسة جادة للقوة المعتدية .
تلك كانت أدوات التعامل في العلاقات الدولية الغابرة، لكن  قلة من إخواننا في العراق لا يظهرون مايدل على قابلية إستيعابهم ذلك.وعليه سنقلب صفحة  تاريخية أخرى أقرب في الزمان والمكان. ففي 1936م ولتطورالمواصلات بين العراق وساحل المتوسط ،ولفشل المفاوضات مع إيران حول شط العرب طلب نوري السعيد بناء ميناء في جزيرة بوبيان الكويتية متصل بسكة حديد تكرم في عرضه لنا بامكانية إستخدامها ، بشرط ان يكون الميناء منطقة جمركية حرة، فرفض الشيخ أحمد الجابر  تلك الغطرسة. فرد وزير الخارجية العراقي توفيق  السويدي بأن وربة وبوبيان ليست للكويت في الاصل ، لكنه تراجع وعرض نخيل وأراض في البصرة كبديل للميناء . وتكرر الرفض والعرض في 1951م مع طلب 4 كم من ساحل الصبية نظير إيصال مياه شط العرب، وكان رد الشيخ عبدالله السالم بناء أكبر مشروع تحلية في العالم كرد على الإبتزاز العراقي . 
في المكان نفسه الذي أراد العراقيون بناء ميناء قبل 75 عاما ، وضع صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الصباح -حفظه الله ورعاه- في 6 ابريل 2011م  حجر الأساس لميناء مبارك الكبير، وفجأة بدأ تصعيد عراقي ضد المشروع من جانب واحد تمثل في :

  1. قيام نواب عراقيون بحملة جمع تواقيع للضغط علي حكومتهم لوقف مشروع ميناء مبارك . 
  2. دفع أوساط شعبية لتنظيم اعتصامات أيام الجمعة، لرفع الظلم الكويتي، وكأن مايجري جزء من الربيع العربي ضد الحكام الطغاة.
  3. شكل العراق لجنة طوارئ لأنهاء المشكلة،وكأن البلدين في أجواء نزاع أو اشتباك مسلح .

تخلل التصعيد العراقي مطالب نحصرها في نقل ميناء مبارك لموقع آخر، بعيد عن الممر المؤدي لميناء البصرة والزبير،و لا يقابل  ميناء الفاو المزمع إنشائه. ويمكن ان نرد على تلك المطالب بالتالي :

  1. كيف أصبح نفس المكان الذي أرادوا شراءه أواستئجارة أوحتى مبادلة أرضه بارض في البصرة لبناء ميناء منذ 1932م غير صالح لميناء اليوم .
  2. كيف سيؤثر ميناء واحد على 12ميناءعراقي، ففي البصرة 5 موانئ تجارية، و2 نفطية. وفي شط العرب و الفاو خمسة  موانئ أخرى .
  3. ما أكثر هشاشة أقتصاد العراق العظيم  بسب نهش الساسة  الفاسدين له ،حتى هزه ميناء واحد في الكويت، فهل سيهزه غدا مجمع تجاري،فندق كبير،أو مطار جديد!
  4. لقد عرضت الشركة الإستشارية الإيطالية 4 مواقع لبناء ميناء الفاو، فاختاروا أقربها لميناء مبارك، ولا زال في المجال متسع لنقل ميناء الفاو اليها ،حيث لم يوضع حجر واحد في المشروع ،بعكس المشروع الكويتي الذي بدأ العمل به 2005م.

أما الاسباب الحقيقية للتصعيد العراقي الأخير فيرجع الى أسباب عدة منها :

  1. التكسب السياسي لنواب لا زالوا أوفياء لمقرر مدرسة البعث  السياسية في التعامل مع الكويت. فبعد فشل الأجندة الطائفية ، كان لابد من ركوب موجة جديدة . 
  2. أعلن نوري المالكي يوم أمس عدم إستقرار العملية السياسية ،وبدل تحمله لمسئولياته ،ألقى باللوم على التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة ،في نهج تسهل قراءة أفقه،حيث بدأت خطوات  نقل الفشل  خارج حدود العراق لتخفيف الضغط الداخلي، وخلق اصطفافات من هذه المعارك الوهمية .
  3. قد لاتخلوا الضجة المفتعلة من محرك إيراني،كرد فعل معاكس على رفض الخليجيين  لمفاعل بوشهر النووي قريب الخطرمن أراضينا .
  4. كما أنها قد تكون جزء من جهد إيراني كبير  يمتد من البحرين الى الامارات الى الكويت عبر أصابعه في العراق لخلق ضغط على دول الخليج لتخفيف صخب الشارع.
  5.  التصعيد  العراقي الأخير جزء من إستراتيجية الضربة الإستباقية لتعويم ملفات الديون و تعويضات الغزو و وترسيم الحدود والمفقودين وإعادة الأرشيف الوطني الكويتي .
  6. قد يكون التصعيد محاولة مبكرة لخلق ذريعة جفوة مع الكويت لإبعادها عن المشروع الإقتصادي الآسيوي الأوروبي الضخم ' القناة الجافة ' الذي يبدأ من شمال الخليج الى أوروبا حتى تنفرد بالإستحواذ على إطلالته على الخليج .

وفي ومضة تنويرية أخيرة من مبادئ السياسة ' Politics 101' .  نشير الى أن مفهوم السيادة يعني، سيطرة الدولة على أرضها وبحرها وسمائها،وعدم قبولها التدخل الخارجي ليس في الأمور السياسية فحسب بل الإقتصادية والثقافية وحتى التكنولوجية. وحتى نستبق التدخل العراقي في مشروعنا النووي  المعلن عنه منذ سنوات ،نعلن أن جزيرة وربة  هي أنسب موقع لإقامته فمن و وجهة نظر بيئية يجب أن يكون على بعد 30 كم عن أقرب مناطق عمرانية، كما يجب أن يكون على ساحل البحر لخلق تيار مائي لعمليات التبريد. وأمنيا يجب ان يقام المشروع في منطقة يمكن الدفاع عنها، وليس أنسب من جزيرة وربة المنعزلة التي جعلنا النظام البعثي  منذ عقود نحسن  التخطيط  لجعلها  كجزء من حدودنا الشمالية جوهرة التاج في شبكة منظومتنا الدفاعية .

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك