عن التطرف الفكري والتشجيع السياسي والاجتماعي له يكتب عبدالعزيز القناعي

زاوية الكتاب

كتب 901 مشاهدات 0


شخابيط صبيانية 

كتب عبدالعزيز عبدالله القناعي : 

في تتابع كبير نحو الانزلاق الى مسار ومنهج الدولة الدينية في الكويت، يتضح حجم غياب الوعي الوطني ودور دولة المؤسسات والديموقراطية بكبح التفرد السياسي الديني من أن يمسك بزمام الامور في البلد على أعتاب شخابيط صبيانية مذهبية، ولا يمكن أن تحدث هذه المهاترات لولا التشجيع السياسي والاجتماعي لهذه التصرفات، إما علانية أمام شاشات التلفاز، أو من خلال الكتب والمناهج الدراسية والدينية.
ان المعضلة التي نشكو منها جميعا هي في التطرف الفكري وإسقاطه على الواقع المحلي وجعل السياسة وتجارها هم الوقود لهذه التحركات، إما من خلال دعم الآراء والمواقف، أو باتخاذ الاجراءات اللازمة التي تصب دائما ضد الطرف الآخر، مستصغرين، جميعا، دور الدولة المدنية بحماية الرأي والرأي الآخر، مما يجعلنا نستمر في دوامة لا تنتهي من التطرف والغلو. لقد أفرزت لدينا المدارس الدينية باختلاف توجهاتها أهمية الولاء الديني على حساب الوطن والمواطن، واستطاعت تلك المدارس أن تنمي الروح العدائية ضد الطرف الآخر، معتمدة على تراث مختلف أساسا حول صحته وبياناته التاريخية، ولعل حادثة قتل الارهابي بن لادن استطاعت أن تعري المستتر من الافكار والآراء حول الجهاد وضرورة الخروج وقتل الابرياء بغير ذنب، ولم يكن لابن لادن هذا الزخم الملاحظ من التأييد والقبول في الكويت لولا وجود النوازع الدينية المتطرفة في القلوب والأنفس والتي تسقى دائما من أمهات الكتب والسير الدينية المتطرفة.
لقد استطاع المنهج الديني أن يثبت، وخصوصا في الكويت، بان القضية ليست بمدى الايمان والتدين، وخصوصا اذا علمنا أن التوجه الديني في الكويت كان ولا يزال مفطورا على السجية وبعيدا عن التطرف والغلو، ولكن القضية الأساسية في الكويت هي أجندات تفرض على الشارع المحلي لصبغه بمسار وتوجه متطرفين لجعل الحاكمية للدين وليس للدولة الحديثة، وهذا ما اجاد لعبه بعض النواب والمتطرفين.
ولعل ما يؤيد ما ذهبنا اليه هو كم ردات الفعل المتشنجة على ما جرى أو ما سيجري من أحداث صدامية وقضايا، فالانتصار للدين أو للطائفة، ايا كانت، لا يمكن، بل، ولا يجوز أن يتخذ منهجا عدائيا ضد الطرف الآخر، الا اذا كانت هذه الفزعة متشربة في نفوسنا وعقولنا منذ أزمان طويلة، والفجوة ما بين الاختلافات الفكرية لكل المذاهب أكبر من أن تغلق أو تخمد بمؤتمرات ترفيهية أو وعظ وخطب رنانة تلامس الأفئدة حينا ويرفضها الجميع أحيانا أخرى، وحل مشاكلنا مع الصحابة وغيرهم من الشخصيات والرموز الدينية لن يكون ناجحا من خلال تغليظ العقوبة أو إرهاب الطرف الآخر، فنتيجة هذه التصرفات والقوانين هي بازدياد النتائج العكسية لا بانخفاضها، فالمشكلة هي بوجود الآخر واحترامه، وقبل هذا احترام قوانين الدولة والمكتسبات الديموقراطية التي أتاحت للجميع هذا الكم الهائل من الحريات، فانظروا الى أين المسير؟.

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك