موقع الخليج على خريطة الاحداث في سوريا

عربي و دولي

3805 مشاهدات 0

متظاهر سوري

أول سبب للغضب ﻫﻮ اﻷﻣﻞ كما قال الفيلسوف سيناك Sènèque ،حيث إن فقدان اليقين ينتهك التفاؤل بوحشية.وقد غضب الشعب السوري بعد خيبة أمله في وعود رئيسه و إعترافه بمشروعية مطالبهم.ثم تراجعه بضغط من صقور أسرته وطائفته وحزبه.حيث أمتطى مع أخية ماهر -الذي أشعل مناخ التعبئة في صفوف الفرقة الرابعة حرس جمهوري- دبابة روسية من طراز تي 72  مقررا إستخدام الخيار الدموي،ومتخليا عن الاصلاح،ليقمع  الشباب من درعا حتى اللاذقية. معتمداً على ذاكرة متعبة لا تفرق بين صيغة الاخبارعن درعا في تويتر وعن حماة في صحيفة تشرين  .
ستخلق ممارسات سرايا الدفاع،غضباً لن يستطيع العنف ان يوقفه.ولتخفيف الضغط عليه سوف يقترح صقور دمشق على الرئيس بشار إشعال فتيل صراع الملفات الاقليمية ،بتصدير الأزمة إلى الخارج لإطفاء غضب الداخل.ولأن بيروت لم تعد كبش الفداء المناسب ولا الطريق الاسلم لابتـزاز المجتمع الدولي. ولوعي دمشق إن بيروت المثخنة بالجراح لم تعد قادرة على إظهار ماتريده دمشق من صراخ.كما إن دول عدة لن تنخرط في البكاء  في زمن الربيع العربي المثمرة أشجاره على غصن آخر يسقط من شجرة الارز. فقد نسوا ان لبنان بدون حكومة منذ زمن طويل.  ولآن دمشق لاقبل لها بمقارعة إسرائيل التي تستعد لأوسع مناوراتها المسماة 'تحول 5' إلا بالبطولات الخطابية فلابد من حدود أخرى يلقى خلفها بالازمة التي ضيقت عليه ريف دمشق . فأين الصندوق السيادي الذي كان للاسد فيه إستثمار كثيف لمثل هذا اليوم ؟ 
 
قبل أيام تفتق ذهن الرئيس اليمني المراوغ علي صالح عن فكرة تصدير أزمته الى الخليج،بإفتعال أزمة سياسية مع بعض دول المجلس.لكنه لم  يجتهد في خلق ادوات إستثماريةمثل العلاقات السورية مع إيران،وحزب الله.لقد أتسعت دائرة إتهامات سوريا وحلفائها لدول الخليج  بالتدخل في الشأن السوري تصريحا وتلميحا ،مما  خلق جملة من الوقائع المقلقة للمراقب الخليجي،وقد تأسست هذه القناعات على المقدمات المنطقية التالية:
 
1.صورت دمشق الاعلام الخليجي وهويجرد عليها الحملات الظالمة، بينما قالت العواصم الخليجية بحق السوريين في الاصلاح وفضح الممارسات القمعية ضدهم، فدخل الطرفان في جدليات تبادل النفي بدل تبادل الاعتراف، فجاء ذلك مبررا لصدور فتوى لاستباحة أمن الخليج .
2. لتعميق المشاكل المعيشية  في الخليج برفع اسعار المنتجات الزراعية  تم إغلاق المعابر الحدوديّة بين سوريا والأردن ولبنان  لوقف تصدير المحصول الزراعي. كما منعت الشاحنات الفارغة والآتية من الخليج من دخول الأراضي السوريا.
3. تصريحات حزب الله وهو ينظر لتدخله المرتقب في الخليج  لصالح دمشق من منطق فهمه ' للضغوط الدولية والعربية التي تستهدف سوريا وفقا لأهداف الإدارة الأميركية التي تنفذها أدواتها في المنطقة' ومفتاح الصول في نوتة حزب الله الجنائزية والتي سماها 'ادوات الادارة الاميركية' هي العواصم الخليجية التي سيخلق عدم استقرارها علي يد حزب الله  كم هائل من العقد لواشنطن.
4. لادخال الخليج في دينامية التصعيد،عادت طهران للنفخ في أزمة خمدت نارها،بعد خسارتها جولة المنامة والكويت،وكان آخرالنفخ تصريحات رئيس هيئة الأركان الإيراني  حسن فيروز آبادي حول ملكية ايران للخليج وتهديد السعودية، لتخفيف الضغط عن سوريا رغم ان الحصافة السياسية تقتضي اختيار الصمت في الظل  بعد تراجع المكاسب .
5. أما قارص القول من دمشق في حق دول مجلس التعاون فقد تمثل في نشرإعترافات هزيلة الاخراج  لخلية إرهابية ذات توجهات سلفية. واستخدام صيغة البصمات الوهابية في الحراك هناك،بالاضافة الى نشر اخبار مصادرة اسلحة ونقود قادمة من  طرابلس السنية. لتختمها بتلميح بحجم بعير بعرضها شيكات تمول العنف في سوريا موقعة من شخصيات خليجية هامة.
 6.تعتقد دمشق ان هناك جهد أمريكي يقضي بحشد إجماع إقليمي لفرض سيناريو التنحى اليمني عليها ،ومع تراجع دور القوى العربية الاخرى تصبح دول الخليج هي العمود الفقري للسيناريو. بل أن دمشق تتوجس لو فشل سيناريو التنحي  تكرار سيناريو القذافي بحيث يلعب الخليجيون دور المحرض لولادة قرارات أممية أو حتى مشاركة خليجية بقوافل إغاثة بالقوة .لذا يجد فريق الاسد ضرورة تتسويق امتلاكهم لورقة ضغط للتأثير في مسار الاجندة الاميركية من خلال الضغط على دول الخليج  بايران وحزب الله .
7. ترى طهران إن المعنى الاستراتيجي لنجاح التحول في سوريا  هو فقدان عصفورين بحجر واحد،حكومة البعث، وحزب الله،وتعني سقوط حجر الدومينو الاول.ولن تقف طهران حيال ذلك مكتوفة الايدي حتى ولو كان تدخلها لعب بكرات النار في مستودع البارود.
 
تكمن مشكلة دمشق في حاجتها الى ان تكون على ألفه بمصطلح التغييروالاصلاح ،لكنها تتمزق بين شعورين، فتراهن من جهة على ان الانظمة الخليجية التقليدية  التي  تقدس الاستقرار ستلتقي مع سياسة دمشق عاجلا أم آجلا لخوفها من الثورات . فالاسد ليس القذافي والمسافة من الخليج الى دمشق ربع المسافة الى قاهرة  مبارك، وأسهل من تعرجات الطريق لصنعاء،لكن دمشق اخطأت في قراءة ان دول الخليج ترى ان القهر للشعوب المحيطة بها قد ينشر ثقافة التمرد لديها حتى وإن  كانت شعوب الخليج  محصنة بالرخاء ضد تلك العدوى. من جهة اخرى ترى دمشق ان تردد وضعف قرارات الادارة الاميركية ضد دمشق مرجعه أرباح الاستثمار السوري في العلاقات مع  ايران وحزب الله، وكيف ان عليها استخدامه  بشكل أوسع في نقطة الضعف الاميركية الاقليمية وهي دول الخليج .

د. ظافر محمد العجمي- المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك