الايمان والصلاة والعبادات ليست حصنا منيعا ضد الفساد والجريمة.. عبداللطيف الدعيج يستشهد بكلام الشيخ محمد عبده حول إزدواجية المواقف

زاوية الكتاب

كتب 829 مشاهدات 0


 

الازدواجية أيضاً 

كتب عبداللطيف الدعيج : 

 
قضية ازدواجية المواقف، التي تناولناها يوم امس، والغفران والنسيان الجماهيري لها، بل الممارسة الجماهيرية العادية لها، تجعل طرح سؤالنا حول فسادنا كشعوب حقاً وضرورة من المفروض مواجهتها والتعامل معها بجدية. لكن من سيجرؤ.. ومن سيواجه او حتى سيتساءل اذا كان مثقفونا ـــ هذا ان كان لدينا مثقفون ـــ ومفكرونا ـــ وهم من نشك اكثر في وجودهم ـــ هم جزء من هذا الفساد والتسيب الاخلاقي الذي يعم المنطقة، (اغلب شهاداتهم مزورة).
عندما قال الشيخ محمد عبده «انه وجد الاسلام من دون مسلمين في اوروبا ووجد المسلمين من دون اسلام عندنا»، كان يعني بالدرجة الاولى والاخيرة الاخلاق والامانة والالتزام. وبالتأكيد لم يكن يعني العبادات واداء الفروض. فهذه نحن فالحون باظهارها والتباري فيها وزيادة. بل ليس من قبيل الصدفة ان دولة الكويت العظمى معنية اكثر من غيرها برعاية وابراز هذه المظاهر الدينية عبر مسابقات يحتفل بها على اعلى المستويات، وتخصص لها الجوائز المربحة والاعلام الصاخب.
مع هذا فان الملاحظ انه كلما زاد « ايماننا»، او بالادق مظاهره الكاذبة، زاد الفساد واستشرت الخيانة وتنوعت الجريمة. نعلم ان المتدينين سيتحججون بالعصرنة وبتقدم وسائل الترفيه وتقنيته، وبالتالي تأثيرها في النشء والناس. وان صح هذا او اعترفوا به، فالاولى ان يتم الاعتراف اذاً بأن «الدين ليس عامل حسم في التربية»، وان الايمان والصلاة والعبادات ليست حصنا منيعا ضد الفساد والجريمة. لكن لندع هذا الخلاف جانبا ولنقر بأن العصرنة والتحضر يساعدان على التحلل والتنصل من الالتزامات الاخلاقية. لكن ألم نزد نحن في المقابل جرعة التدين ايضا؟ ألم تواكب الزيادة في الدعاية او الدعوة الدينية كما يسميها اصحابها الزيادة في العصرنة.؟! ألم تزدد اعداد المصلين خلال العقود الاخيرة مئات المرات وليس عشراتها قياسا الى السابق؟ ألم تزد الجرعة الدينية في الاعلام وفي المدارس وفي المناهج؟.. اذاً لماذا لم تتم محاصرة التحلل من الاخلاق؟ ولماذا لا يزال الغرب متقدما ولا يزال الغربي شريفا وملتزما بعهوده ومواثيقه رغم مواصلته التقدم، بينما نحن لا تزال تصدق علينا مقولة الشيخ محمد عبده وتزيد.؟!
***
يتم عبر الانترنت هذه الايام تداول احصائيات يبدو، والله العالم، انها ملفقة، تتناول ثروات الرؤساء او بشكل ادق الدكتاتوريين العرب عند البنك المركزي السويسري، الاحصائية تشمل رؤساء الدول التي تعاني الاضطرابات والاحتجاجات حاليا، على سبيل المثال هناك زعم بان الرئيس القذافي تعدى الخمسة مليارات فرنك سويسري، والرئيس الاسد قارب المليارين، اما الرئيس المسكين علي عبدالله صالح فقد نجحت الاضطرابات في منعه من الاقتراب من نصف المليون فرنك، فهو يقف عند أربعمائة وشوي، وعلى فكرة هذا هو «الكاش» فقط الذي عند البنك المركزي السويسري لوحده.. للبنك المحترم الذي تنسب اليه تسريب هذه الثروات، نحن لا تهمنا ثروات الرؤساء «الحفاي»، بل يهمنا مقدار «كاش» الذين لم يتوقفوا عن التبرع لهم، فهل يجرؤ البنك المركزي السويسري ان كان حقا قد سرب ثروات المذكورين من الرؤساء العرب، هل يجرؤ على تسريب ثروات الذين ما زالوا يتمتعون بالسلطة، ويتمتعون ايضا بامكانية زيادة الثروة؟!!

عبداللطيف الدعيج

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك