هل تؤيدني على أن (الاسلام مدني بطبعه).. سؤال يطرحه د. مبارك الذروة على القراء

زاوية الكتاب

كتب 1218 مشاهدات 0


 

الإسلام مدني بطبعه!


كان عمر الفاروق رضي الله عنه يشتكي إلى الله فيقول «اللهم أني أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة». والحقيقة كما أراها أن ثمة أمراً لا يجوز تجاوزه يتعلق بشكوى الفاروق عمر وهو جلد الفاجر. وعجز الثقة... فالثقة المأمون الذين نبحث عنه عاجز ضعيف مكبل، والفاجر المفسد يقف خلفه ويحميه سور منيع من أصحاب النفوذ والسلطة، إذا أضفنا إلى ذلك ضعف وقصور معياري القوة والأمانة كمحكين أساسيين لدخول البرلمان والحكومة، فإننا نكون قد وضعنا تصور المشكلة التي نعاني منها اليوم بكل بساطة.
القوة المهنية والعلمية والسياسية والفكرية اللازمة لشغل المناصب، والأمانة في تطبيق القانون واتخاذ القرارات «إن خير من استأجرت القوي الأمين». لقد اشتكى الفاروق عمر المشهود له بالعدل والنزاهة، حين قال اللهم أني أشكو إليك من جلد الفاجر وعجز الثقة.
حين يكون النائب فاجراً مرتشياً منتهكاً لحرمة المال العام وحين يكون الوزير فاجراً في المحسوبية وتكريس القبلية والعائلية والحزبية، وفاجراً في اتخاذ القرارات وكسر القوانين، وفاجراً في إهمال وزارته فيسود الظلم وتغيب العدالة وتنتشر العداوة والبغضاء بين الزملاء والعاملين، حينئذ يكون جلد الفاجر وجبروته وبطشه سبب في هلاك الوطن وتدمير مقدراته البشرية والمادية.
وحين يعجز الثقة من النواب والوزراء عن الإصلاح وتطبيق القانون ونشر العدالة ومحاربة المحسوبية اللعينة، حين يعجز الشرفاء من ذوي الأيادي النظيفة والقلوب العفيفة عن إنكار المنكر والسعي لتغييره، حينها نفهم أبعاد القلق الإجتماعي من شكوى الفاروق عمر رضي الله عنه ونتعوذ معه من جلد الفاجر وعجز الثقة!
من حقنا أن نتساءل؛ ألا يوجد في الكويت ثقات وعدول، ألا يوجد أقوياء وأمناء يحملون هم الكويت دون المتاجرة بمناصبهم! إنها فرصة حقا تاريخية أن يثبت السيد رئيس الوزراء أن للكويت وفي الكويت رجالا قادرين على التخطيط والمتابعة والتقويم، رجالا لهم من القوة والأمانة ما يمكن أن يكون نهجاً جدياً جديداً بدماء شبابية طموحة مخلصة تنتشل الوطن وهم المواطن الى مستقبل افضل وغد مشرق.
سلاح الجمعة
هل تؤيدني على أن (الاسلام مدني بطبعه) وليس الإنسان على اعتبار أن الجانب المدني منه يتضمن مؤسسات المجتمع المدني ومنها بالطبع المساجد ودور العبادة، انظر فقط إلى صلاة الجمعة وأثرها في حشد الجماهير وتوصيل الخطاب. لقد برزت الجمعة كفاعل محوري على مدى الأشهر الماضية من جمعة الغضب إلى الرحيل إلى جمعة التحدي والإصرار... لماذا كانت صلاة الجمعة انطلاقة الثورة، أليس البعد الديني من صميم أي ثورة في العالم، ألم تتحدث الأديان قاطبة في كتبها عن الظلم والظالمين، ألم يبعث الأنبياء لنصرة المسحوقين والفقراء والعبيد، وهل كانت ثورة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلا على الظلم والطغيان والاستبداد؟
المشاهد كلها تدل على بروز الدين كرسالة مدنية تسعى إلى حرية الإنسان وتنمية الموارد لصالحه! القرآن يؤصل مفهوم الحرية الدينية فيقول «لا إكراه في الدين» وعمر الفاروق يستنكر استعباد البشر فيقول «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».
واليوم لا يمكن الغاء المسجد من حياة الناس، لكن مع ذلك يجب تصحيح دوره وتوجيهه لخدمة الإنسان من خلال التوجيه العام والإرشاد القيمي الذي يزرع مفاهيم الأخوة والتضحية والتعاون والمحبة في نفوس المواطنين الذين اشمأزت قلوبهم من تنامي دور المسجد في الثورات العربية اليوم، يتناسون خصوصية الإسلام في بلادنا ويعمون أبصارهم عن فطرة المواطن العربي التي فطر الله الناس عليها خصوصاً عندما يسمع كلمة لا إله إلا الله!


د. مبارك الذروة

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك