للمتذمرون من الغبار.. عبدالحميد البلالي يبين فوائده
زاوية الكتابكتب إبريل 23, 2011, 1:22 ص 1371 مشاهدات 0
ملينة من الغبار
عبدالحميد البلالي
يتضايق الكثيرون من ظاهرة الغبار، والتي يبدو أنها تزيد عن الأعوام السابقة كما وكيفا، نظرا لما يشاهدونه من طوابير المراجعين في المستشفيات بسبب ضيق التنفس، والحساسية والربو وما شابههما من أمراض، إضافة إلى انعدام الرؤية، وصعوبة العمل في الخارج، ولكنهم يغيب عنهم الفوائد الكثيرة لهذا الغبار، والتي ذكر الكثير منها المتقدمون والآخرون، ليس في البلاد العربية فحسب، بل هناك العشرات والمئات من الدراسات والمقالات، والكتب التي كتبت في الغبار وما فيه من أضرار ومنافع تغيب عن الكثير، ومن أولئك الذين كتبوا في ذلك، الكاتب الجيولوجي الأميركي (Dale W Griffin) في كتابة (The Global Transport Of Dust) الانتشار العالمي للغبار، حيث ذكر «إغفال الجوانب الإيجابية المثيرة لظاهرة الغبار، والتي منها تجديد التربة التي استنفدت من الجسيمات والمواد الغذائية الذاتية من التآكل، بالإضافة إلى أهمية الحديد والمواد المغذية الأخرى التي تدخل مياه المحيطات من ترسب الغبار، وذلك في زيادة انتاجية النباتات البحرية».
ولم تكن هذه المقالة والأبحاث في فوائد الغبار وليدة هذا العصر الحديث، بل سبق علماء هذا العصر علماؤنا العرب، ومنهم الإمام ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، حيث ذكر أن «الأرض بعد تقلب الفصول من فصل إلى فصل أي من الشتاء إلى الصيف، تبدأ بلفظ الأمراض والحشرات التي لو تركت لأهلكت العالم، فلذلك يرسل الله عز وجل الغبار أو الأمطار بحسب ما يصلح لها، فتقوم هذه الأتربة والغبار بقتلها حتى لا تفتك بالناس، وتتراوح حجم حبة الرمل بحسب الحشرة، فبعضها صغير يدخل عيونها، وبعضها يدخل أنوفها، وبعضها في جوفها، وبعضها في آذانها، وتميتها، وأيضا تلفظ الأرض الأمراض بعد الرطوبة خلال فصل الشتاء، فلا تقتلها ويبيدها إلا الغبار، فسبحان من بيده التدبير، وله الحكمة البالغة». وذكر أيضا مجموعة من العلماء والباحثين جملة من هذه الفوائد غير التي ذكرها العالم جرفن وابن خلدون.
وهي أن الغبار يذكرنا بنعمة نقاء الجو التي ننعم بها، وننسى شكرها وقيمتها، كما أن الغبار يساهم مساهمة فعالة في كسر ارتفاع معدلات درجات الحرارة خاصة في الصيف الملتهب في دول الخليج، وكذلك فإن الغبار أحد الأسباب الرئيسية في تلقيح النباتات. والأكثر من كل ذلك فإننا يجب أن نتذكر ما تصاب به الأمم الأخرى من زلازل وبراكين، وأعاصير تدمر الأخضر واليابس، وتحيل البناء إلى ركام، وتخسر تلك الدول البلايين من الدولارات، ويتشرد الناس بالعراء، كل ذلك لا يحدث لنا، ألا يدعونا ذلك أن نبتعد عن التذمر، ويزيدنا صبرا وتحملا لمثل هذا البلاء الضئيل أمام تلك الكوارث العظمى؟
تعليقات