عبدالهادي الصالح يُحذرنا من 'الفتنة الكبرى'، لأننا نعيش اليوم فتنا تلو الفتن ؟!
زاوية الكتابكتب إبريل 17, 2011, 11:40 م 1063 مشاهدات 0
فاطمة الزهراء عليها السلام حذرت من الفتنة بين المسلمين
الاثنين 18 أبريل 2011 - الأنباء
لما نزلت الآية الكريمة (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) «العنكبوت 2» سئل عنها امير المؤمنين الامام علي عليه السلام فقال: علمت انه الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين اظهرنا، فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي اخبرك الله تعالى بها؟ فقال: يا علي، ان امتي سيفتنون من بعدي، يا علي ان القوم سيفتنون بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم ويتمنون رحمته، ويأمنون سطوته ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة، والاهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع، قلت: يا رسول الله فبأي المنازل انزلهم عند ذلك؟ أبمنزلة ردة ام بمنزلة فتنة؟ فقال: بمنزلة فتنة.
ولعل الفتنة السياسية التي نعيشها اليوم على المستوى المحلي او المستوى الاقليمي هي مصداق ما ورد في الحديث الشريف السابق «يستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية».
والفتنة السياسية قد عصفت بالمسلمين منذ وفاة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وكانت ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام تعبر عن ضيقها وحزنها عن ذلك عندما تذهب الى قبر ابيها صلى الله عليه وسلم ومعها ولداها وتردد هذه الابيات المنسوبة لها:
ماذا على من شم تربة احمد
ان لا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها
صبت على الايام صرن لياليا
بل ان الزهراء عليها السلام تحدثت عن هذه الفتن في خطبة عصماء امام حشود الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وامام كبار الصحابة رضي الله عنهم تنهي وتحذر وتذكر المسلمين، ومما جاء في هذه الخطبة البليغة، واطلع الشيطان رأسه من مغرزه (مخبئه) هاتفا بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا واحشمكم (أغضبكم) فألفاكم غضابا، فوسمتم غير ابلكم، ووردتم غير مشربكم هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة (الا في الفتنة سقطوا وان جنهم لمحيطة بالكافرين) «التوبة 49» فهيهات منكم، وكيف بكم، واني تؤفكون، وكتاب الله بين اظهركم، اموره ظاهرة، واحكامه زاهرة، واعلامه باهرة، وزواجره لايحة، واوامره واضحة، وقد خلفتموه وراء ظهوركم ارغبة عنه تريدون؟ ام بغيره تحكمون؟... (انظر مصادر خطبة الزهراء: شرح نهج البلاغة لابن الحديد ج 16/252) المسعودي مروج الذهب 2/311 وغيرها.
بل ان هذه الفتنة التي ألمت بالمسلمين كانت مثار احتجاج وسخط بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد عبرت عن عدم رضاها بالاشارة الى زوجها الامام علي عليه السلام ان يدفنها ليلا وسرا بإلا يحضر جنازتها احد الا نفر قليل من اهلها، ولذلك لا يعرف حتى الآن مكان قبرها الشريف على نحو الجزم رغم انها امرأة عظيمة وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها سيدة نساء العالمين!
بل ان هذه الفتن اتسعت لتحدث الفتة الكبرى، كما اسماها الكاتب الكبير طه حسين كعنوان لأحد كتبه المعروفة، وكان من ذلك قتل كثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معارك الجمل وصفين والنهروان، ثم ما جرى بعد ذلك على ابناء الزهراء كالامام الحسن المسموم عليه السلام والامام الحسين المقتول بأرض كربلاء عليه السلام، وما اشبه اليوم بالبارحة فنحن نعيش اليوم فتنا تلو الفتن لايزال يذهب ضحيتها سمعة المسلمين الذين يقاتلون بعضهم بعضا ويكفر بعضهم بعضا، والسباب والاتهامات الزائفة والتعديات على الحقوق، بل ان بعض المسلمين يفرحون ويصمتون «في أحسن الاحوال» عن المجازر الرهيبة والتعذيب والاذلال بحق من يختلفون معهم في الرأي والموقف السياسي! والمسلم الحر لا يملك الا الدعاء والذكر بأن لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم: «إلهي عظم البلاء، وبرح الخفاء، وانكشف الغطاء وانقطع الرجاء، وضاقت الارض، ومنعت السماء، وانت المستعان واليك المشتكى، وعليك المعوّل في الشدة والرخاء، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، اولي الامر الذين فرضت علينا طاعتهم، وعرفتنا بذلك منزلتهم ففرج عنا بحقهم فرجا عاجلا قريبا كلمح البصر او هو اقرب».
عبدالهادي الصالح
تعليقات