حسن جوهر مع الشعب بصوت عال: يا سيادة الرئيس 'كنت حرامي'!!

زاوية الكتاب

كتب 2385 مشاهدات 0


سيادة الرئيس... أنت حرامي!
د. حسن عبدالله جوهر

عندما سقط نظام صدام حسين طبع الأميركيون نسخة خاصة من ورق اللعب أو كما يسميها الكويتيون «الجنجفة» تحمل صور أزلام البعث العراقي لمطاردتهم والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة، ولعل أحد أسباب هذا التكتيك الإعلامي والميداني يعود إلى عدم دراية الجنود الأميركيين بالشأن العراقي وعدم معرفتهم بشخصيات النظام البائد، وللتأكد منهم في حال الإمساك بـ»تلابيبهم»، وقد نجحت هذه الخطة ولم يتبق من «الجنجفة» العراقية سوى «الجيكر» عزت الدوري.

وفي الأمس اقتيد الرئيس المخلوع حسني مبارك وابناه للمحاكمة، وأمر النائب العام بحبسهم على ذمة التحقيق أسوة بالعديد من الوزراء ورؤساء الحكومات السابقين والنواب ورؤساء مجلسي الشعب والشورى ورجال الأعمال والعسكريين، ولم تحتج الثورة المصرية إلى طباعة نسختها من ورق «الكوتشينة» هذه المرة للتعرف ثم القبض على أركان النظام المصري البائد لأسباب عدة، منها أن عدد رموز الفساد و»الحرمنة» المتهمين بـ»شفط» خيرات الشعب المصري والمشاركين في قتله إبان الانتفاضة الشعبية يتجاوز بكثير أوراق «الكوتشينة» من «الخال» إلى «البوثنتين»!

ومنها أن من يقف وراء القضبان اليوم من كبار المسؤولين يعتبرون أشهر من نجوم الفن والرياضة؛ لكثرة ما «رزّوا» أنفسهم على وسائل الإعلام، وبات يعرفهم أصغر مواطن في صعيد مصر، كما أن المصريين بطبيعتهم هم «عيال قرية» وكل «يعرف أخاه»!

والحالة المصرية التي تسجل اليوم سابقة عربية يجب أن تكون مدرسة يتعلم منها العرب، بدءاً بحكامهم، أقوى العبر والدروس في معاني العدالة والقصاص، وتحمل المسؤولية ودفع ثمن الظلم والفساد، والتحكم برقاب أضعف خلق الله، وبهذا الشكل الحضاري وأمام المحاكم المدنية وعلى درجة من الشفافية التي تتناولها وسائل الإعلام.

نعم تمت محاكمات رؤوس أنظمة مخلوعة في بعض الدول العربية بعد الإطاحة بها بانقلابات عسكرية، ولكنها كانت سريعة وشكلية وسرية انتهت معظمها بالإعدام أو النفي من أجل طمس معالم جرائمهم، ولكن محاكمات اليوم يجب أن تكون من الوضوح والتفصيل اللذين يستفيد منهما الشعوب في نظم أمورهم مستقبلاً.

وكما أن محاكمة صدام وأزلامه كشفت للشعب العراقي والرأي العام العالمي فنون الإجرام والقتل والتعذيب، نتمنى أن تكشف المحاكمات المصرية فنون النهب، وأسرار سرقة أموال الشعوب، وفك رموز الودائع المليارية في الداخل والخارج، لأن مصر بوابة الأمة العربية؛ ليس فقط في التاريخ والحضارة والثقل البشري والعمق الاستراتيجي، إنما بوابة أخرى خلفية لعصابات المافيا المالية و»البلطجة» السياسية، ولهذا لا نستغرب استنفار العديد من الحكومات العربية ووساطتهم المستميتة لدى حكومة الثورة بعدم محاكمة «الريّس» وعياله لأن أصابع الاتهام قد تطولهم سواء في مصر أو داخل بلدانهم أو في الإمبراطوريات المالية في أوروبا وأميركا.

وسبحان مغير الأحوال، هل كان لأحد حتى تاريخ 25 يناير الماضي أن يقول لـ»الريّس» أنت حرامي؟! وماذا كان مصير من يتفوه بذلك وأهله وعشيرته و»عيال حتته»! أما اليوم فالشعب كله يقول وبصوت عال يا سيادة الرئيس «كنت حرامي»!

الثورة المصرية فتحت قريحة الجرأة والشجاعة لدى الشباب العربي ليواجهوا كبار المسؤولين في بلادهم بتهم الفساد و»الحرمنة» والظلم، ويخاطبوهم بصيغة الحاضر وليس الماضي بالقول: «أنتم حرامية وظلمة»!

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك