حسن جوهر لا ينتظر حكومة جديدة ستلبي طموحات شعبها، وتفرض هيبتها، وإن غداً لناظره قريب!

زاوية الكتاب

كتب 1061 مشاهدات 0


حكومة خلف الكواليس!
د. حسن عبدالله جوهر

بدأت المشاورات الفعلية بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة، وسيبدأ معها مسلسل الإشاعات وتداول بورصة الأسماء الحقيقية منها أو الوهمية أو حتى الحالمة بالكرسي الوثير على الطريقة الكويتية التي تترقب مثل هذه المرحلة لخلط الجد بالهزل، فهناك من يطرح المعايير المجردة ويدعو إلى اختيار الكفاءات ورجال الدولة والتكنوقراط، وفي المقابل هناك من يسخر بالقول إنه سيترك جهاز نقاله مفتوحاً ليل نهار لعل وعسى يأتيه اتصال من فوق!

ومثل هذه المفارقات قد تكون مقبولة في ظل الرأي والرأي الآخر، ومن قبل عامة الشعب؛ نتيجة لما يرونه عادة عند اختيار الوزراء، وما تحمله كل تشكيلة حكومية من مفاجآت يدعو بعضها إلى الضحك من القلب!

ولكن الأهم يجب أن يتركز على كيفية تعاطي القوى السياسية والكتل النيابية مع كل تشكيل حكومي، والتناقضات الحادة في المواقف المعلنة والخفية، وما يدور خلف الكواليس عند الالتقاء بالمرجعيات العليا صاحبة القرار السياسي، وما يعلن أمام القواعد الشعبية لها، وقد تكون مثل هذه التكتيكات مبرراً لرئيس الحكومة المكلف إبرام الصفقات، وفي المحصلة تأتي التشكيلة الوزارية مهزوزة ومعرضة للانهيار في أي لحظة، أو تكون خاوية من أي برنامج حقيقي وجاد يرسم سياسة واضحة للدولة يمكن الرهان عليها للمستقبل الواقع تحت رحمة المجهول.

وفي ظل الترتيبات والمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة نطرح بعض الصور من خلف الكواليس، وهي لا تختلف بالتأكيد عن السوابق إلا من حيث تبدل الأسماء والحقائب، فمثلاً صرحت أكثر من كتلة برلمانية بتغيير رئيس الحكومة، الأمر الذي يفترض أن يكون بمنزلة عدم القناعة في النهج الحكومي من الأساس، ولكن من خلف الغرف المغلقة هناك لقاءات ومفاوضات لطرح شخصيات معينة لتولي حقائب وزارية و'فيتو' على أسماء محددة.

وهناك من أعلن وبشكل رسمي عدم الرغبة في المشاركة في الحكومة القادمة، ولكن يمارس وبكل قوة تصل إلى حد تهديد استمرار الحكومة القادمة إذا لم تضم وزراء محسوبة على خطه، ولن يتورع هذا النوع من البراءة من أي من أولاده شكلاً وليس مضموناً في حال توليهم الوزارة، وقد تصل الحال إلى فصلهم من التنظيم السياسي الذي رباه وأوصله إلى القمة ولو 'ديكورياً'!

وهناك جهات ومؤسسات ذات نفوذ اقتصادي طالما كانت شوكة في بلعوم الحكومة، ولكنها مستذبحة الآن لعدم الإفراط بالوزارات ذات الطابع المالي والتجاري، وتحولت المبادئ إلى وعود بتقديم التنازلات السياسية إذا ظفرت بما تريد من وزارات يسيل لها اللعاب!

وهناك كتل نيابية كانت الحصن الحصين للحكومة السابقة وتلقت نيابة عنها الضرب المبرح تحت الحزام، وفقدت الكثير من قواعدها الانتخابية وهي في المقاعد الخلفية، ولم تعد ترضى بالوقوف موقف المتفرج لمدة عامين آخرين دون وزارة تكحل بها العين وترد لها الجميل ولا تحرم من الكيكة هذه المرة.

وهناك أخيراً الطوق الحديدي المتمثل في الجهاز الاستشاري لمكتب رئيس الوزراء، ومن بعض المستشارين تحديداً؛ لفرض أسماء معينة وإلغاء أخرى من خلال 'الزن' المتواصل على رأس الرئيس دون التفكير في تبعات ونتائج التشكيلة الوزارية.

وفي النتيجة وكما هي الحال في معظم الأحيان، فإن هذا الكم من التناقضات والتجاذبات كفيل بإخراج حكومة هشة همها الترضيات من أجل البقاء على حساب إدارة شؤون الدولة، وفرض هيبتها، وتنفيذ مشاريعها، وتلبية طموحات شعبها، وإن غداً لناظره قريب!

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك