اتحاد المحامين: وثيقة لتطوير القضاء والنظام القانوني

محليات وبرلمان

1034 مشاهدات 0


نظم اتحاد المحامين الكويتيين مؤتمرا صحافيا مساء أمس الأحد 10/4/2011 بمقره الكائن في منطقة الخالدية أعلن خلاله عن تقديمه وثيقة لتطوير القضاء والنظام القانوني في الدولة، فضلا عن مشروع قانون لتنظيم مهنة المحاماة.
وأكد رئيس الاتحاد المحامي ناصر الهيفي أن تلك المبادرة جاءت من منطلق وعي اتحاد المحامين الكويتيين بأهمية المساهمة الفعلية في تطوير النظام القضائي والقانوني للدولة ليواكب التطورات والاحتياجات الوطنية الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن الاتحاد دشن مرحلة مهمة لتوسيع النقاش والبحث حول الوسائل والآليات اللازمة لتطوير القضاء والنظام القانوني في الدولة تمهيدا لإعداد قانون بذلك وتقديمه لمجلس الأمة، داعيا كافة المتخصصين للمشاركة في إغناء الأفكار والرؤى الخاصة بهذا القانون، ولفت إلى أن الاتحاد قد انتهى من إعداد مقترح بقانون لتنظيم مهنة المحاماة وتم تقديمه لعدد من نواب مجلس الأمة للتقدم به كمشروع بقانون، مضيفا إن من الأهداف الرئيسية للاتحاد نشر الثقافة وتقديم الدراسات القانونية، وانه من مبدأ الشعور بالمسؤولية ارتأى الاتحاد انه لزاما عليه التقدم بالدراسات والآراء لما نراه من اعوجاج وسلبيات في القوانين والأنظمة المعمول بها في البلاد، وأنه لمن المؤكد عدم تحقيق الطموح بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجارى دون تطوير القانون، ولكم أن تسألوا مكاتب المحامين كم مستثمرا أجنبيا يريد الاستثمار في الكويت وهرب لمجرد معرفته بالواقع القانوني وتطبيقاته، ولكم أن تقرؤوا أحكام القضاء في التحكيم والتعويض والحقوق المدنية والتجارية، فالمشكلة ليست في النصوص ولكن المشكلة في الهيكل القانوني للدولة، ولن يكون هناك تشجيع للقطاع الخاص والدولة تضم جيوشا من المحامين الموظفين في القطاع الحكومي للدفاع عن الدولة كخصم أمام المحاكم، وانطلاقا من ذلك ارتأى اتحاد المحامين أن يطلق هذه المبادرة ويتقدم برؤيته لتطوير القضاء والنظام القانوني للدولة، فضلا عن التقدم بمشروع قانون لتنظيم مهنة المحاماة والارتقاء بها.
وبين المحامي الهيفي أن الاتحاد ومنذ انطلاقته كان يضع تلك المبادرة ضمن أولوياته ولكنه أراد أن تتم الدراسة بشكل متأني ومدروس بعناية بما يكفل الارتقاء بمهنة القضاء وتهيئة الأجواء المناسبة لتلك الشريحة لأداء دورها العادل بنزاهة دون التعرض لأي مغريات أو مؤثرات خارجية، حيث أن توفير تلك الأجواء سيعود بالنفع على المجتمع ككل بكافة شرائحه، فالعدل أساس حضارة المجتمع وقوة الدولة وأمان الأفراد، مشيرا إلى أن وثيقة تطوير القضاء والنظام القانوني في الدولة تعد من أهم الضمانات الأساسية للعدل والحريات وحقوق الإنسان وتعزيز المسار الديمقراطي، بل أنها ستكون من أهم الضمانات لحماية الدستور ذاته، مشيرا إلى أن الوثيقة قد ارتكزت على 5 محاور رئيسية تندرج في المميزات المادية للقضاة، وإعادة النظر في بناء القاضي منذ تخرجه من الجامعة، ومبدأ فصل سلطة الاتهام عن سلطة الحكم، وتطوير النظام القانوني للدولة، إضافة إلى قانون المحاماة الجديد.
وأشار المحامي الهيفي إلى أن وثيقة تطوير القضاء تتلخص في أربع محاور رئيسية وهي:-
المحور الأول.
المميزات المادية للقضاة وتكون من خلال ما يلي:-
يجب أن يتمتع القاضي بأعلى مرتب في الدولة وأن تكفله الدولة بكافة مناحي حياته الاجتماعية والعلمية والصحية وغيرها، هو وأفراد أسرته من الدرجة الأولى.
وتأتي هذه الكفالة لتكون بمثابة صيانة للقاضي من أي مغريات مجتمعية قد تتسبب في انحرافه عن ميزان العدالة وحتى يتفرغ للفصل بين الناس دون أن تكون له أية مصالح شخصية يبحث عنها، كما يجب أن يترك المجال مفتوحا وفقا للقانون لمواجهة أي تغيرات مستقبلية في الرواتب أو الضرورات المعيشة حتى يبقى القاضي متميزا عن غيره من أفراد المجتمع، وذلك نظرا لأهمية وحساسية مهنة القضاء في الاستقرار المجتمعي وسيادة القانون والعدالة بين الناس والأمن والأمان ورقي المجتمع.
المحور الثاني:-
بناء القاضي منذ تخرجه من الجامعة ويكون من خلال ما يلي.
أ - يجب الاهتمام ببناء القاضي منذ تخرجه من كلية الحقوق، وذلك من خلال إنشاء معهد عالي للقضاء يلتحق به خريج الحقوق أو ما يعادلها من الراغبين بالعمل بمهنة القضاء، وتكون الدراسة بهذا المعهد ذات طبيعة خاصة بحيث يتم من خلالها تكوين القاضي نفسيا بحيث يكون قادرا على ضبط النفس والالتزام بالحيادية والقدرة على فهم النصوص وتطبيقها، والتقيد بما جاء بتلك النصوص وعدم الانحراف عن إرادة المشرع وعدم الخضوع للمؤثرات التي قد يتعرض لها،  كما تشتمل الدراسة بالمعهد تقييم شخصية المتقدم من قبل متخصصين للوقوف على سلامة شخصيته من أي اعوجاج قد يؤثر على قدرته القيام بمهامه على الوجه المنشود.
ب -  تكون مدة الدراسة بمعهد القضاء 4 سنوات، وخلال السنة الرابعة يلتحق الطالب في إحدى الدوائر القضائية كمتدرب ولا يعتبر قاضيا في الدائرة خلال تلك الفترة، ولرئيس الدائرة أن يقيم أدائه من جهة الفهم والاستيعاب والبحث والكتابة وغيرها.
جـ - بعد اجتياز الطالب لمدة التدريب في معهد القضاء يعين قاضيا، ويتم التدرج على فترات زمنية كافية لاكتسابه الخبرة اللازمة، ولا يجوز تجاوز تلك المدة.
 المحور الثالث.
فصل النيابة عن القضاء.
لابد من فصل النيابة عن القضاء نهائيا لأنه لا يجوز لمن تشبع بالخصومة أن يتدرج ويعمل في القضاء القائم على الحيادية التامة، كما يجب ألا تكون مهنة القضاء امتدادا لغيرها من المهن، أو تكون إحدى المهن امتدادا لمهنة القضاء بحيث لا يجوز للقاضي العمل بأي مهنة أخرى لها ارتباط بالعمل القضائي بعد تركه لمهنة القضاء إلا بعد مرور 4 سنوات من تركه مهنة القضاء، ولا يمارس القاضي أي مهنة قبل توليه القضاء، كما يحظر عليه الترشح لأي انتخابات إلا بعد مرور 8 سنوات على انتهاء عمله في القضاء.
 
المحور الرابع.
النظام القانوني للدولة.
إن إدارة الفتوى والتشريع هي الممثلة للحكومة أمام القضاء أي أنها خصم للآخرين، وبالتالي لا يجوز أن تكون تابعة للقضاء، كما يجب الالتزام بدورها في الإفتاء للحكومة فقط، ويتم توزيع قضايا الحكومة على مكاتب المحامين بالقطاع الخاص تماشيا مع الدعوات المستمرة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله بضرورة تشجيع القطاع الخاص وكذلك عملا بما هو متعارف عليه دوليا، فالحكومات عبر العالم تتعاقد مع مكاتب محامين في القضايا التي ترفعها أو تُرفع ضدها، كما يجب توزيع قضايا بلدية الكويت على المحامين بالقطاع الخاص، وأن تكون الحكومة داعمة للمحامين في القطاع الخاص.
 
وكشف المحامي الهيفي أن الاتحاد سينظم خلال الأيام المقبلة ندوات نقاشية يشارك بها نخبة من المختصين بالشأن القانوني في دولة الكويت لإتاحة الفرصة لكافة الأطراف أن تدلوا بدلوها حول تلك الوثيقة لوضع اللمسات الأخيرة عليها وتنقيحها قبل تقديمها لمجلس الأمة، ولفت إلى أن الاتحاد قام بالتشاور والتنسيق مع عدد من أعضاء مجلس الأمة الموقر بشأن تلك الوثيقة ولاقت استحسانا لديهم ووعدوا الاتحاد بتبنيها تحت قبة المجلس ودعمها حتى ترى النور وتكون حيز التنفيذ.
وفيما يخص قانون المحاماة الجديد قال الهيفي ان الاتحاد قد دأب على معالجة وضعية مهنة المحاماة منذ إنشائه بكل تجرد ومسئولية وخلق لذلك عدة ورش عمل داخلية أفرزت العديد من المعطيات تمت جدولتها لاحقا على شكل مشروع قانون استمد قوته من تكامله ومسيرته للتطورات الإقليمية والدولية على اعتبار أن مهنة المحاماة تؤثر وتتأثر بالمحيط الداخلي والخارجي شأنها في ذلك شأن باقي المهن الأخرى.
وردا على سؤال حول العلاقة بين قانون المحاماة الجديد ومشروع تطوير النظام القضائي والقانوني للدولة أجاب الهيفي بأن اقتراح قانون محاماة جديد لم يأت من فراغ أو رغبة في الظهور والانتشار، وإنما جاء ليعالج مشاكل عديدة ومعقدة لم يستطع القانون القديم تأطيرها، فلم يعد مقبولا حاليا في عصر التكوين العلمي المتين وعصر التكتلات والاندماجات الكبرى أن يجلس المحامي مقيدا بقانون لا يستجيب لهمومه وتطلعاته ويقف حجر عثرة أمام تطور العدالة، لذلك فقد حرصنا أن يضم القانون الجديد العديد من الأفكار الخلاقة والعملية حول أتعاب المحامي وإنشاء معهد لتكوين وتدريب المحامين قبل إدماجهم في المهنة ونظام القيد في جدول المحامين والعقوبات التأديبية، ثم نظام الشركات المهنية للمحاماة وتنظيم العلاقة بين القضاء الواقف والجالس، كما حرصنا في ذلك على رد الاعتبار لمهنة المحاماة وتأهيلها وتنقيتها من كافة السلبيات والشوائب، محددين بكل حزم ووضوح سبيل الإصلاح الذي لا مناص منه.
ولقد كان هدفنا ونحن نعكف على صياغة مواد وفصول وأقسام القانون أن نوفر الرؤية التوقعية الحقوقية المطمئنة والموضحة للضمانات التي يكفلها القانون لنعزز بذلك مناخ الثقة الذي يعد حجر الزاوية لكل تطور، ولنلبي الطموحات المشروعة للمتقاضين وللمجتمع.
وبين الهيفي أنه من وجهة نظر الاتحاد يستحيل التحدث عن تطوير النظام القضائي والقانوني بالكويت دون الحديث عن مهنة المحاماة والتي تعتبر من أهمية الأعمدة الشامخة والحاضنة للعدالة، ولذلك قمنا بصياغة القانون وتقديمه للجان المعنية بمجلس الأمة للنظر فيه، وبإذن الله إقراره كقانون عملي يستجيب لتطلعات المحامين والمتقاضين ولمسار العدالة ويُدخل الكويت في مجال المنافسة الدولية ويؤكد على قدراتها بأن تصبح مركزا ماليا ووسيطا تجاريا، معربا عن أمله ان يتحقق هذا الانجاز على المستوى التشريعي، وتبقى المحاور الأخرى جديرة بالتفكير والبحث والتي من شأنها استكمال بناء صرح العدالة وتعزيز قدرات المحاكم للتغلب على البطء باعتماد القضاء الفردي، فضلا عن إضفاء البعد الإنساني على قانون السجون وتحديث القضاء الجنائي وإعادة تأهيل المهن القضائية، وتحسين تكوين القضاة وكافة الأعوان القضائيين وكذلك ظروف عملهم.
 
وأضاف الهيفي أن الاتحاد قد دعا كافة الفعاليات الوطنية من خبراء وأساتذة قانون وأكاديميين وأساتذة علم الاجتماع والعلوم الإنسانية بصفة عامة وسياسيين ومهتمين بالشأن الوطني والطلبة والصحافيين والمحامين أن يساهموا في إغناء النقاش وإثرائه، فالمشروع حسب تعبير المحامي الهيفي يعتبر خطوة أساسية في مسار ترسيخ العدالة والنموذج الديمقراطي التنموي الكويتي المتميز بالخصوصية الوطنية والعدالة المنشودة، مشيرا إلى أن الاتحاد يحرص كل الحرص على إشراك كافة الفعاليات في المساهمة باقتراحاتها للتأكيد على الحكامة المحكمة وترسيخ العدالة في التركيبة والمضمون مما يساهم في تعزيز مقومات المواطنة الكريمة.
 
'إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب'
صدق الله العظيم

الآن:فالح الشامري

تعليقات

اكتب تعليقك