فئران السفينة العربية الغارقة
عربي و دوليإبريل 9, 2011, 10:58 م 8216 مشاهدات 0
قبل 7500 سنة قرضت الفئران سفينة نوح عليه السلام. وفي عام 1347م تسللت الفئران في الصين الموبؤة بالطاعون لسفن إيطالية هناك، لتنشره في أوروبا و تقتل ثلث السكان خلال عشرة سنوات .وفي 1969م أقرت منظمة الصحة العالمية شهادة إبادة الفئران والجرذان في السفن. حيث صادقت عليها الدول العربية لكنها فشلت في فهم المعنى الاوسع للفئران اذا اعتبرنا ان كل زعيم عربي هو ربان سفينة بلده وان شعبه هم البحارة والركاب، وإن كل مفسد هو من فئران السفينة. ففي تونس تعلم الاطفال ان بن علي هو هانيبعل قائد السفن القرطاجية الذي غزا روما عام 218 ق.م. وفي مصر كان مبارك هو ريس المركب الفرعوني. وتتنوع السفن العربية، لكن العامل المشترك فيها كان كثرة الظلام و الممرات الضيقة والدهاليز المعتمة التي كانت ملاذا لفئران بشرية متعددة الاشكال والاحجام.باستثناء ليبيا التي كان القذافي يرى ان الجرذان هم من كان خارج سفينته. لقد تقافزت الفئران حين أوشكت السفينة على الغرق، حاملة الطاعون الملازم لها منذ ان عرفت تسلق الحبال في الموانئ جراء تقصير الربان في واجبه . ولا نريد التوسع في مقدمة الفئران السابقة -أجلكم الله- لكنها مدخل الى جملة حقائق فرضتها تحولات الشارع العربي الحالية،و التي دفعت الفئران البشرية للقفز دون أن يتنبه أحد لها. ويمكن حصر القافزين بعد سقوط بن علي ومبارك وأهتزاز حكم القذافي و زعماء آخرين في شرائح اقتصادية و سياسية وأمنية وثقافية:
1.وفقا لصحيفة الفايننشال تايمز قبل اسابيع، وضعت بريطانيا التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة تسهيلات وقوانين مفصلة لفئران السفينة العربية الغارقة ، فمن يودع 5 ملايين جنيه إسترليني في أحد المصارف البريطانية يُمنح الإقامة بعد ثلاث سنوات فقط .أمَّا من يودِع مبلغ 10 ملايين جنيه إسترليني فأكثر، فسيحصل عليها خلال عامين فقط .فإذا كانت لندن ذات القوانين والضوابط المعقولة الى حد ما تفعل ذلك ، فما هي فرص أموالنا المسروقة الى بنوك الكاريبي وجزر كيمان وأوروبا الشرقية وهي التى لاتنظر لمصدر الاموال أبد ؟
2.كبار رجال الاحزاب المستبدة التي اغتصبت (صفة الحزب الحاكم) ، وعاشوا كالعلق، ،ومنهم البعثيون الذين تقافزوا من سفينة الطاغية صدام،ليغتصبوا(صفة المعارضة) وليعودوا بعد عام 2003م بطاعونهم وموبقاتهم . كما يضاف لهذه الفئة المستشارون والخبراء الذين كانوا ذراع تبريري للطغاة. كما تقافز الوزراء والمحافظين والسفراء من الانتهازيين والوصوليين محاولين الانضمام للمتظاهرين في اللحظة المناسبة .
3. لقد تقافز أيضا رجال الامن من جلادي كل مؤسسات الخوف والملوثة ايديهم بدماء الشهداء،بعد ان ألقوا ببذلات العنف وارتدو مسوح الرهبان واندسوا في الحشود .بل أكاد اجزم أنهم قد تلقوا عروض عمل في ملاذات آمنة في دول عدة تحتاجهم لقمع شعوبها .
4. في خطوة ناجحة حصر الشباب المصري اسماء المطبلين لعصرمبارك من رجال الاعلام والثقافة والرياضة والفن على موقع للعار. كما تكشفت حقائق مخجلة لفنانين خليجيين كبار غنوا كلمات تافهة للقذافي نظير ثمن بخس من قوت الليبيين. كما ان من الفئران التي تقافزت العديد من تجار الدين الذين ساهموا فى تزييف وعي المواطنين وتضليل عقولهم.
لكن اخطر القافزين من السفينة الفاسدة هم قناصي الفرص الذين يحاولون سلب انجازات الشباب بحثا عن الزعامة ، لنعود لدائرة الفساد. فهل يستطيعون ذلك؟
نعم ،
ففي عام 1928م استطاع والتر إلياس ديزني ' جعل الفأر ميكي ماوس اكثر قبولا من خلال إضفاء صفات انسانية لشكلة،فخرج علينا وله عيون بملامح بشرية، بحدقة متحركة لاظهار انطباعاته،ورموش وحواجب فاحبه الصغار والكبار ونسوا انه فأر بعد ان تحول من مخلوق قبيح الى دمية لطيفة. وفعل مثلة الكثير من الذين راهنوا على ضعف ذاكرتنا ونجحوا بالتبرير العاطفي الهزيل لمواقفهم السابقة،وإتباع الواقعية الميكافيلية. ولأن لعودتهم او نجاتهم بفعلتهم انعكاسات مأسوية ومستدامة على احوال أوطاننا ،لايبقى لنا إلا التسلح بموروثنا الشعبي القائل' مافي الفئران فأر طاهر' وعلينا عدم التسامح معهم بل وتعقبهم حتى ينالوا العقاب ولو كانوا بوداعة ميكي ماوس.
تعليقات