أحمد الديين يكشف عن خطأ في تصريحات الوزير العفاسي عن مكافحة الفساد، متمنيا ان يكون مجرد زلّة لسان ؟!

زاوية الكتاب

كتب 2421 مشاهدات 0


ذمّة الحكومة ونكتتها السمجة! 
 
كتب أحمد الديين

التحفّظ الحكومي تحت ذريعة إجرائية على الكشف عن الذمّة المالية لكبار مسؤولي الدولة عند مناقشة الاقتراح النيابي بقانون في شأن إنشاء هيئة مكافحة الفساد يكشف بوضوح عدم جدّيّة الحكومة في مكافحة الفساد، إذ إنّ الكشف عن الذمّة المالية لكبار مسؤولي الدولة هو المدخل الأهم لمكافحة فسادهم وإفسادهم، أو لنقل فساد وإفساد معظمهم، ومن دونّ الكشف عن ذممهم المالية تتحوّل هيئة مكافحة الفساد المراد تشكيلها إلى هيئة شكلية لا معنى لوجودها غير خداع المواطنين وتضليلهم.
ولتتضح أمامنا حقيقة عدم الجدّيّة الحكومية في مكافحة الفساد، فمن المفيد التذكير بأنّ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي انضمّت إليها الكويت في العام 2003 وكان يفترض أن يبدأ نفاذها في 17 مارس من العام 2007 لما تنفّذ بعد إلى يومنا هذا وذلك على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على موعد تنفيذها، والأهم أنّ هذه الاتفاقية الدولية تتطلّب بالأساس أمرين رئيسيين، أولهما: إنشاء هيئة وطنية مستقلة تتولى مكافحة الفساد وتشرف على السياسات المتصلة بهذا الشأن وتنسق الجهود، والآخر: وجود نظم لإقرار الذمّة المالية للموظفين العموميين المعنيين... وهاهي حكومتنا بعد لأي ومماطلة وتأجيل وطول انتظار توافق على اقتراح قانون إنشاء مثل هذه الهيئة ولكن مع تحفّظها على وجود نظم للكشف عن الذمّة المالية للموظفين العموميين المعنيين... وكأنّ الكشف عن الذمّة المالية جزئية جانبية تفصيلية هامشية صغيرة يمكن الاستغناء عنها وتأجيل إقرارها ويمكن مكافحة الفساد من دون الأخذ بها!
وحتى يتضح الأمر أكثر فإنّ المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تبدأ أول ما تبدأ بتعريف 'الموظف العمومي'، لأنّه محور الفساد ومكافحة الفساد، فتعرّفه بأنّه 'أي شخص يشغــل منصبـا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا لدى دولة طرف، سواء أكان معينا أم منتخبا، دائما أم مؤقتا، مدفوع الأجر أم غير مدفوع الأجر'... وهذا ما ينطبق على رئيس مجلس الأمة والنواب، ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء، ووكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين، والقضاة ورجال النيابة العامة والفتوى والتشريع... وإذا انتقلنا تحديدا إلى موضوع الكشف عن الذمّة المالية للموظفين العموميين المعنيين نجد أنّ البند الخامس من المادة 52 من الاتفاقية الدولية ينصّ بوضوح لا لبس فيه على 'أن تنظر كل دولة طرف في إنشاء نظم فعّالة لإقرار الذمّة المالية، وفقا لقانونها الداخلي، بشأن الموظفين العموميين المعنيين، وتنص على عقوبات ملائمة على عدم الامتثال. وتنظر كل دولة طرف أيضا في اتخاذ ما قد يلزم من  تدابير للسماح لسلطاتها المختصة بتقاسم تلك المعلومات مع السلطات المختصة في الدول الأطراف الأخرى، عندما يكون ذلك ضروريا للتحقيق في العائدات المتأتية من أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية والمطالبة بها واستردادها'... هذا ما تنصّ عليه الاتفاقية الدولية وتتطلّبه، فيما تتحفّظ حكومتنا على التزام تطبيقه، بل تتحفّظ على إيراده في قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد، تحت ذريعة إجرائية مردود عليها!
وإذا انتقلنا إلى التصريح الذي نشرته وكالة الأنباء الكويتية 'كونا' على لسان وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتور محمد العفاسي في هذا الشأن فلابد أن تستوقفنا ملاحظته الغريبة العجيبة القائلة إنّ دولة الكويت وقّعت على الاتفاقية الدولية 'ولم تنضم إليها'... وما تثيره هذه الملاحظة من تساؤل حول ما يعنيه الدكتور العفاسي منها بوصفه رجل القانون قبل أن يكون وزيرا، فهذه الملاحظة تحمل في طياتها محاولة تنصّل من تطبيق الاتفاقية الدولية؟... مالم يخن التعبير الوزير، أو لعلّه خطأ مراسل 'كونا'؟!
أما ما نقلته 'كونا' على لسان الوزير عن 'إنّ هذه الاتفاقية لا يمكن أن تضيف شيئا... فلديها (أي الكويت) القوانين والتشريعات التي تراقب الذمة المالية والمتكسبين بطرق غير مشروعة والإثراء غير المشروع'... فأتمنى أن يكون مجرد زلّة لسان، وما لم تكن كذلك فهي بالتأكيد نكتة حكومية سمجة تتناسب مع الذمّة الحكومية الواسعة!
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك