إنه لأمر معيب أن يتم السماح بالتجمع والتظاهر للكويتيين، ويمنع البدون ويعتدى عليهم بسبب تجمع سلمي محدد الزمان والمكان.. رأي د. غانم النجار

زاوية الكتاب

كتب 2049 مشاهدات 0


 

الناس سواسية

د. غانم النجار


الحراك الشعبي العربي، الذي أفضل أن أطلق عليه اسم الثورات العربية، رفع بوضوح شعارات غير سياسية، تركز على حقوق الإنسان والمساواة والعدالة وسيادة القانون، متجاوزاً بذلك الطرح العقائدي الحزبي التقليدي سواء أكان يمينياً أم يسارياً أم دينياً أم غير ذلك.
ولا يبدو والحال كذلك أن هناك مجالاً لحزب ديني أو غير ديني أن يتسيد الموقف، وأن يعلن احتكاره للحقيقة وأن يلون المجتمع بلون واحد.
في ذلك الإطار المتحرك السريع مازال البعض منا غير قادر على استيعاب أن ثوراتنا العربية الراهنة هي مختلفة إلى حد بعيد عن الحراكات السابقة، والثورات السابقة، ونحن بحاجة بالتأكيد إلى فهمها ودراستها.
وفي إطار جملة المتغيرات التي تجرى في العالم لم يعد مقبولاً السكوت عن أمور منافية ومعارضة لاستحقاقات التحولات الإصلاحية. فمن غير المفهوم إطلاقاً منع البدون أو غيرهم من الاحتجاج السلمي في مكان محدد ولفترة زمنية محددة، مع أنه كان أجدى الاتفاق على تنظيم التجمع وفضه دون عنف أو تعد أو تعسف غير مبرر على الإطلاق.
كما أنه من غير المفهوم أيضاً حدوث حالة وفاة تحت التعذيب في أحد مخافر الشرطة لأحد الوافدين الآسيويين، لاسيما أنها تأتي بعد حادثة قتل المرحوم محمد الميموني. وبقدر ما يسيء ذلك إلى أجهزة الأمن المعنية فإن ذلك لا يقل إساءة إلى نواب الأمة، حيث لم أسمع بموقف حاد وصارم ضد سلوكيات أمنية تنتهك حقوق الإنسان، حيث يبدو أن هناك تصنيفاً لكرامة الإنسان تتفاوت فيه البشرية حسب جنسيتها لا حسب انتمائها إلى الإنسانية.
إنه لأمر معيب أن يتم السماح بالتجمع والتظاهر للكويتيين، ويمنع البدون ويعتدى عليهم بسبب تجمع سلمي محدد الزمان والمكان، مع علم السلطات المعنية بذلك، كما أنه أمر معيب أن نستنكر جميعنا حادثة انتهاك سافر ولا أخلاقي على إنسان كويتي من خلال قتله تحت التعذيب، وأن نعتبر قتل إنسان آخر بذات الظروف ربما، مسلم ربما، لا يحمل الجنسية الكويتية، ونتعامل معه كمجرد خبر على ورق وحبر.
حسب فهمي المتواضع للأمور فإن مبدأ الناس سواسية في الكرامة الإنسانية هو مبدأ متفق عليه ولا خلاف حوله.
هكذا يقول الدين الإسلامي الحنيف الذي يتشدق به البعض ولا يلتزمون به أو يلتزمون ببعض الكتاب ويرفضون بعضه، وهكذا يقول الدستور الذي يتشدق به الإسلاميون وغيرهم، وهكذا تقول المواثيق الإنسانية الدولية التي يتشدق بها غير الإسلاميين، فإن كان الحال كذلك، وليس التشدق مجرد حالة نفاق ظاهري، فما هي يا ترى المرجعية التي يستند إليها الذين يفرحون بالتفرقة ويعززون التميز ويشجعون انتهاك حقوق الناس؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك