أربعون سنة من مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية
عربي و دوليمارس 10, 2011, 4:46 م 802 مشاهدات 0
تفيد المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الانتربول) بأن الاتجار بالممتلكات الثقافية يحتل إحدى المراتب الأولى في العالم من حيث الإيرادات، شأنه شأن الاتجار غير المشروع بالأسلحة والمخدرات. وتعتبر بعض المصادر أن الإيرادات السنوية الناتجة عن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تبلغ 6 مليارات دولار وفقاً للتقديرات، علماً بأنه يصعب التحقق من هذا الرقم نظراً إلى الطابع غير المشروع لهذه الأنشطة.
ويساور المجتمع الدولي قلق بالغ إزاء عمليات نهب المواقع الأثرية، والاتجار غير المشروع بالقطع الفنية الدينية، والطفرة التي يشهدها سوق التحف الفنية في العالم، والأعمال الإجرامية المرتبطة بتنقل الممتلكات الثقافية وبتمويل الأنشطة الإرهابية. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الكثير من البلدان الأفريقية فقدت ما يصل إلى 95% من ممتلكاتها الثقافية التي تتوزع اليوم على مجموعات عامة وخاصة خارج حدود القارة. ومنذ عام 1975، تم اقتلاع أو تشويه أو تحطيم المئات من تماثيل بوذا في معبد أنكور بكمبوديا. وتعتبر اليونسكو أن أعمال التخريب هذه تُرتكب مرة واحدة على الأقل كل اليوم.
وبغية التصدي لهذه المشاكل وتوعية الحكومات والجمهور بها، اعتمدت اليونسكو قبل 40 سنة اتفاقية بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة. وتمثل هذه الاتفاقية التي صدقت عليها 120 دولة حتى تاريخه أول اعتراف دولي بأن الممتلكات الثقافية ليست مجرد بضائع أو سلع.
واحتفالاً بالذكرى السنوية الأربعين لاعتماد هذه الاتفاقية، تنظم اليونسكو يومي 15 و16 آذار/مارس في باريس ندوةً ترمي إلى تحليل الأضرار الناجمة عن عمليات الاتجار غير المشروع المنتشرة في شتى أنحاء العالم، وإلى تقييم التدابير المتخذة حالياً للاستجابة لهذه المشكلة، واقتراح حلول للمضي قدماً في تحسين هذه التدابير على المستويين الدولي والوطني. وسيشارك في الندوة أعضاء من هيئات تُعنى بمكافحة الاتجار غير المشروع لاسيما الانتربول، والمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص، والمنظمة العالمية للجمارك، والمجلس الدولي للمتاحف، فضلاً عن ممثلين لمؤسسات مختصة بالمزادات العلنية مثل ساوثبي أو لعدد من المتاحف منها متحف كي برانلي في باريس والمتحف الوطني في مالي.
وتقول المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، إن 'عمليات السرقة أو التدمير أو النهب أو التهريب التي تطال الممتلكات الثقافية تمس الهوية الثقافية للشعوب'. وتضيف أن 'حماية التراث الثقافي ومكافحة المشاكل المرتبطة به مسـألتان تمثلان اهتماماً مشتركاً وتستوجب رداً أخلاقياً جماعياً. وينبغي بالتالي الاضطلاع بالأنشطة الرامية إلى مكافحة الاتجار غير المشروع على جميع المستويات، أي على المستوى الوطني والدولي وعلى مستوى الأفراد والجماعات والحكومات والرابطات'.
وترتكز الاتفاقية على ثلاثة محاور، فهي تطلب من الدول الأطراف اتخاذ تدابير وقائية على المستوى الوطني (تكييف التشريعات، وإعداد قوائم الجرد، وإطلاق حملات تعليمية، وتدريب الموظفين، ما إلى ذلك)؛ وتتضمن أحكاماً تتعلق برد الممتلكات تتعهد الدول من خلالها باتخاذ التدابير المناسبة لاسترداد وإعادة الممتلكات الثقافية المستوردة بصورة غير قانونية؛ كما أنها توفر إطاراً للتعاون الدولي لتحسين مكافحة الاتجار غير المشروع.
وتتناول هذه الوثيقة القانونية الرائدة مجالاً يتطور على نحو سريع جداً. فخلال السنوات الأخيرة، أصبح نقل الممتلكات الثقافية عبر شبكة الإنترنت نشاطاً تجارياً يدر مبالغ طائلة من الأموال. ولا بد من الإشارة إلى أن أكبر عدد من أنشطة الاتجار غير المشروع تُسجل على الإنترنت. وستغتنم اليونسكو الذكرى السنوية الأربعين لاستعراض المراحل التي مرت بها الاتفاقية، ولتقييم نجاحاتها ونقاط القوة والضعف التي تتسم بها.
بعض الوقائع ذات الصلة:
في أمريكا الوسطى، تسفر أعمال التنقيب غير القانونية كل شهر عن استخراج ما لا يقل 000 1 قطعة خزفية تابعة لشعوب المايا تُقدّر قيمتها بما يساوي 10 ملايين دولار.
خلال الحرب التي شهدها العراق، سُرق حوالى 000 15 قطعة من المتحف الوطني ببغداد. وتم استرداد نحو 000 2 قطعة منها في الولايات المتحدة، و250 في سويسرا و100 في إيطاليا. ووُجد ما يناهز 000 2 قطعة في الأردن وعُثر على أخرى في لبنان. لكن أكثر من نصف عدد هذه القطع لا يزال مفقوداً.
تزداد قيمة بعض القطع بعشرة أمثال بين عملية التنقيب غير القانونية وعملية البيع النهائية. ويُذكر أن نسبة الارتفاع هذه تفوق ما يُسجل في مجال الاتجار بالمخدرات.
عمدت بعض المتاحف في أمريكا الشمالية إلى تعديل سياسات اقتناء الممتلكات الثقافية استناداً إلى اتفاقية عام 1970. وقامت عدة متاحف منها متحف متروبوليتان في نيويورك ومتحف بوستون ومتحف غيتي برد نحو 120 ممتلكاً ثقافياً إلى بلادها الأصلية، لاسيما إيطاليا واليونان وتركيا.
وبين عامي 2002 و2011، نجحت مصر في استرداد نحو 000 5 قطعة مسروقة. لكن العديد من المواقع الأثرية التي تتسم بأهمية كبيرة تعرضت للتخريب خلال الأحداث الأخيرة، لاسيما مقبرتين في سقارة وأبو صير. وسُرق حوالى 9 قطع من المتحف المصري بالقاهرة.
ويشمل المشاركون في الندوة المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا؛ ومدير وحدة الجرائم المتخصصة والتحليل في الانتربول، بورند روسباك؛ والخبير في الآثار المصرية، وزير الآثار المصري زاهي حواس؛ ورئيس متحف كي برانلي ستيفان مارتان؛ والأمين العام للمعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص، جوزيه أنجلو إستريلا فاريا؛ والأمين العام لاتفاقية الاتجار الدولي بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المعرضة للانقراض، جون سكانلون؛ وسفيرة بيرو الدائمة لدى اليونسكو والمديرة السابقة للمعهد الوطني للثقافة في بيرو، سيسيليا باكولا؛ والمديرة العامة للآثار والتراث الثقافي في وزارة الثقافة والسياحة في اليونان، ماريا أندرياداكي-فلازاكي، فضلاً عن عدد من الخبراء المرموقين، لا سيما البروفيسور ليندل ف. بروت (أستراليا)، والمدعي العام باولو فيري (إيطاليا)، والدكتور رضا فراوا (سويسرا).
تعليقات