قراءة الجاسم في اعتصام 8-3 الشبابي:

زاوية الكتاب

عمل فعل وليس ردة فعل سيستمر إلى أن يرحل الرئيس

كتب 4063 مشاهدات 0


حساباتهم وحساباتنا!

 
تكمن أهمية الاجتماع العام الذي نظمته القوى الشبابية يوم أمس الثلاثاء في كونه حصل على اعتراف السلطة 'مجددا' بشرعية الاجتماعات العامة في الساحات العامة، فلم تعد السلطة قادرة على استخدام قواتها الخاصة لضرب المواطنين أو حتى 'فرد عضلاتها' من خلال التواجد الأمني المكثف.. وسواء كانت شرعية الاجتماعات العامة قد انتزعت انتزاعا أو كانت نتيجة لعوامل عدة محلية وإقليمية، فقد كسر اجتماع 8 مارس الحاجز النفسي الذي فرضته السلطة منذ اجتماع ديوان النائب جمعان الحربش في ديسمبر الماضي، وهو مقدمة لاجتماعات قادمة حاشدة بإذن الله سوف تتوج برحيل رئيس مجلس الوزراء ومنهجه، وتأذن بانطلاق عهد جديد.. عهد ينحسر فيه الظلم والفساد و'التدمير المبرمج' للمجتمع.

إن نجاح اجتماع 8 مارس لا يتمثل في عدد الحضور فقط ولا في الكلمات التي ألقيت، ولا في حضور كافة فئات المجتمع، بل يتمثل النجاح في انعقاده (كفعل) وليس رد فعل كما جرت الأمور في السابق، ومن دون ارتباطه بحدث 'سابق' محدد، فقد كان الغرض منه إعلان انطلاق حملة شعبية (في الشارع) تطالب بإقصاء رئيس مجلس الوزراء. كما أن نجاح الاجتماع يتمثل بجلاء في قبول أعضاء مجلس الأمة القيام بدور 'الجمهور' هذه المرة. فضلا عن ذلك فإنني أتمنى أن يكتمل النجاح ويكون اجتماع 8 مارس نواة لتأسيس قوى سياسية شبابية 'فعالة في الميدان' تعمل على نحو مستقل عن القوى البرلمانية حتى تتمكن مستقبلا من القيام بدور مهم ومؤثر في العمل السياسي الشعبي يصحح مسيرة العمل البرلماني فيخلصه من نزعته 'التكتيكية' الغالبة، إضافة إلى مراقبته أعمال الحكومة. لقد نجح شباب 'السور الخامس' و'كافي' و'نريد' في تثبيت ريادتهم الميدانية وإعلان مطالبهم السياسية وحصلوا على دعم جماهيري مهم. إن مسؤوليتكم يا شباب أصبحت كبيرة الآن فحافظوا على استقلاليتكم وتعاونكم وواصلوا احتجاجكم.. فالمستقبل لكم وسوف تنالون ما تريدون.. نعم فقد بدأ العد التنازلي لمنهج ناصر المحمد، فالسألة مسألة وقت لا أكثر من ذلك والفضل يعود لكم.

والآن.. ماذا يعني نجاح اجتماع 8 مارس؟ ولماذا أبلغ وزير الداخلية المنظمين أن بإمكانهم استخدام 'ساحة التغيير' المقابلة لقصر السيف، وهو المكان الذي اختاره الشباب بمحض إرادتهم، كمكان للتعبير عن احتجاجهم ولو كان ذلك بشكل متواصل؟

في تقديري الشخصي أن الأسرة الحاكمة مقتنعة تماما بضرورة إعفاء الشيخ ناصر المحمد من منصبه، إلا أن القرار تأخر قليلا لأسباب 'داخلية'، أي أسباب تعود إلى أسلوب اتخاذ القرار داخل أسرة الحكم، فليس من اليسير عليهم اتخاذ قرار إعفاء رئيس مجلس الوزراء، وهو ينتمي إلى ذرية مبارك الصباح ويعد نفسه لبلوغ سدة الحكم، بل يجب إن يأتي هذا الإعفاء المستحق كما لو أنه 'آخر علاج'، وبعد أن تظهر الأسرة أنها سعت إلى حمايته و'تثبيته' في منصبه، وذلك كله من أجل بيان 'تماسك' الأسرة.. ألا تذكرون كيف تمسك المرحوم الشيخ جابر الأحمد بالمرحوم الشيخ سعد العبدالله على الرغم من حالته الصحية التي لم تكن تسعفه لأداء مهامه؟ إن اتخاذ القرارات المهمة لدى الأسرة الحاكمة ليس بالأمر الهين.. فإذا كان من السهل علينا أن نقول 'خل يتوكل على الله ويستقيل'، فإن الأمر أكثر تعقيدا لدى الأسرة الحاكمة، وحساباتهم 'الخاصة' تختلف عن حساباتنا 'العامة'، وهم يقدمون حساباتهم على حسابات الدولة.

ويبقى السؤال قائما.. ماذا يعني نجاح اجتماع 8 مارس؟
أطرح هذا السؤال وأنا على يقين بأن 'تساهل' السلطة في عقد الاجتماع لم يكن قرار الشيخ ناصر المحمد. لذلك أقول أنه ربما كانت الأسرة الحاكمة تريد الاستعانة 'بقوة الشارع' من أجل إقناع الشيخ ناصر المحمد بضرورة تقديم استقالته 'طواعية'.. أي رفعا للحرج عن الأسرة الحاكمة في اتخاذ قرار إقالة الشيخ ناصر. إن الشيخ ناصر، كما هو معروف، يسيطر على قرار الأغلبية في مجلس الأمة، وهو يضمن، من خلال 'أسلوبه المعتاد' في حشد الاتباع، استمرار دعم تلك الأغلبية، لذلك فإن من شأن مطالبته بالاستقالة من قبل الأسرة الحاكمة أن يصطدم بالحجة التي يرددها هو وأنصاره والتي مفادها أن أغلبية النواب يقفون في صفه.. لذك فإن الضغط عليه من جبهة شعبية من خلال السماح بالاجتماعات العامة المطالبة برحيله يسقط تلك الحجة ويعجل برحيله.. أي قد تدفعه تلك الاحتجاجات إلى المبادرة بتقديم استقالته 'طواعية' نظرا لتزايد الضغط الشعبي، وهو ما يرفع الحرج عن الأسرة الحاكمة.

على أي حال.. وأيا ما كان التفسير، وحتى لو قيل بأن موقف السلطة المتساهل حيال الاجتماع الأخير كان نتاج القلق من انتقال عدوى الأحداث المتسارعة في بعض الدول العربية إلى الكويت، فإن الحقيقة الأساسية هي أن اجتماع 8 مارس نجح بامتياز في إطلاق الجهد الشعبي الشبابي المنظم لرحيل الشيخ ناصر المحمد، وما على شباب الكويت النقي سوى مواصلة احتجاجهم والتعبير عن رأيهم، ففي نهاية المطاف، وسواء طال الوقت أم قصر، سوف يرحل الشيخ ناصر المحمد وسوف يسقط أعوانه بإذن الله، فلم يعد لدى الأسرة الحاكمة أي عذر لاستمرار عهد الشيخ ناصر.. اللهم إلا إذا كانت الأسرة قد بلغت مرحلة العجز التام عن اتخاذ القرار المستحق..

رابط: http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=69445&cid=30
 
9/3/2011 

الميزان-مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك