عن تفاصيل رحلة العجايب إلى بلاد القذافي الخايب يكتب وليد الطبطبائي
زاوية الكتابكتب مارس 6, 2011, 12:56 ص 2324 مشاهدات 0
ديوان العرب
أيام في ليبيا.. القذافي ولعبة القط والفار
كتب , د.وليد الطبطبائى
ذكرت في مقالي السابق أني سأتحدث عن رحلة العجايب إلى بلاد القذافي الخايب، وهي الرحلة الأولى لي إلى ليبيا، بلد القذافي والكتاب الأخضر.
في سنة 1998 كان الموعد مع مؤتمر للاتحاد البرلماني العربي للتضامن مع ليبيا ضد الحصار المفروض عليها نتيجة اتهام النظام الليبي بالضلوع في مؤامرة تفجير طائرة البان امريكان فوق اسكتلندا وسقوط المئات من القتلى، وكان الوفد البرلماني برئاسة النائب مبارك الخرينج وعضوية النائب مسلم البراك والنائب السابق عبدالمحسن المدعج وعضويتي.
بدأت رحلة المتاعب من الكويت بالطائرة إلى القاهرة، وبعد استراحة ليومين غادرنا إلى تونس العاصمة بالطائرة وبعد يوم من الانتظار غادرنا مطار تونس العاصمة الى مطار جزيرة جربة التونسية وهي اقرب منطقة فيها مطار إلى ليبيا، وفور وصولنا إلى مطار جربة اخذتنا سيارات ليبية كانت في استقبالنا إلى الأراضي الليبية وبعد رحلة شاقة عبر البر وصلنا إلى طرابلس العاصمة بعد 5 ساعات من السرعة الهائلة عبر السيارات الرسمية، وهكذا استغرق وصولنا الى ليبيا من الكويت 5 أيام!!
وصلنا قرب منتصف الليل، وفي الصباح الباكر طلبوا منا الذهاب الى العزيزية لزيارة منزل القذافي الذي دمرته الطائرات الامريكية قبل نحو 3 سنوات، وتحولنا نحن وجميع الوفود إلى المنزل المحطم، وواضح ان كثيراً من الحطام تم بواسطة السلطات الليبية وليست الطائرات الامريكية، وذلك من أجل المزيد من الإثارة. وفجأة وبدون مقدمات طلب المسؤولون الليبيون من جميع وفود البرلمانات وسكرتارية الوفود التوجه بالباصات إلى مطار طرابلس للسفر إلى مدينة سرت عبر رحلة داخلية لأجل مقابلة العقيد القذافي، وكنا نتساءل لماذا لا يأتي القذافي ليقابل الوفود الذين قطعوا رحلات شاقة لمناصرته ومناصرة شعبه ضد الحصار هنا في طرابلس؟!، ولماذا تم نقل المئات من أعضاء الوفود لمقابلته في سرت؟!!
وفعلاً غادر جميع الوفود لمقابلة القذافي في سرت، وصلنا مطار سرت وادخلونا قاعة مؤتمرات مجهزة بأحدث وسائل التكنولوجيا وقالوا لنا ستقابلون القذافي هنا بعد صلاة الظهر وتعودون بعدها الى طرابلس لمباشرة المؤتمر، وجاء الظهر ولم يأت العقيد القذافي، فقالوا لنا اللقاء سيكون بعد العصر، وجاء العصر ولم يأت القذافي، فقالوا لنا اللقاء سيكون بعد المغرب، وجاء المغرب ولم يأت القذافي، فقالوا لنا اللقاء سيكون بعد العشاء، وجاء العشاء ولم يأت القذافي، وقد بدأ الإرهاق والملل والضجر تصيب الجميع، بسبب إرهاق الرحلة الطويلة عبر الطائرات والبر وعدم الاستراحة، ثم طول الانتظار في قاعة المؤتمرات، وايضاً تأخر الوقت في الليل ولم يأت القذافي، فقالوا لنا اللقاء سيكون غداً صباحاً!! ماذا؟!.. اللقاء سيكون في الغد؟!! نعم في الغد، وهل سنغادر إلى طرابلس ونعود في الغد؟!! فقالوا لنا: لا طبعاً ستنامون هنا في سرت وتقابلونه غداً، فقلنا لهم: وملابسنا وأغراضنا في طرابلس، فقالوا سنحضر لكل عضو بيجاما ومكينة حلاقة!! فقال البعض المشكلة ليست في الملابس وإنما أدوية القلب في الحقيبة، فقالوا: سنحضر لكل شخص الأدوية التي يحتاجها، فقال احد الضيوف وهو عصمت عبدالمجيد أمين عام الجامعة العربية: «أنا مراتي في طرابلس، فقالوا له سنجعلك تتصل بها وتطمنها على نفسك، فقال: أنا خايف عليها، فقالوا: ما تخافش يا بيه الأمور كلها سنحلها»، وهكذا اجبرت الوفود كلها على البقاء في سرت، وتم توزيع جميع أفراد الوفود على بيوت الشباب وبعض الفنادق التي لم تتسع لجميع الوفود، ونحن كان نصيبنا في غرف من بيوت الشباب كأنها غرف سجن لا تتوافر فيها وسائل الراحة اطلاقاً، ولكن ما العمل؟ وكلنا نقول: هل هذا جزاؤنا نحن الذين اتينا للتضامن مع ليبيا ضد الحصار فتعملون بنا هذه العملة؟!..
وفجأة وقبيل الفجر تم طرق أبواب غرفنا ليقول لنا المسؤولون: هيا استيقظوا للذهاب إلى المطار للعودة إلى طرابلس فقلنا: كيف؟ وأين العقيد القذافي الذي حضرنا لمقابلته هنا في سرت؟! ولكن لا أحد يجيب.
وفعلاً عدنا إلى مطار سرت وركبنا الطائرة عائدين إلى طرابلس، ووصلنا هناك مع الفجر في رحلة شاقة استغرقت نحو 24 ساعة، بدون نتيجة!!
وعند الظهر بدأ المؤتمر في طرابلس في نفس الفندق الذي كنا نقيم فيه، وواصلنا الاجتماعات إلى المساء وعند صلاة العشاء وأثناء تواصل الاجتماع.. فجأة حدثت حركة غريبة وفوضى.. ما الأمر؟! فإذا بالقذافي يدخل إلى قاعة المؤتمر هنا في طرابلس، وطلب من الوفود التقدم لمصافحة العقيد القذافي وبعدها ألقى القذافي كلمة مختصرة، ولم يعتذر اطلاقا عما حدث للوفود أمس في سرت بانتظار طلته وغادر مباشرة بعد الكلمة.
وتشاورنا في الوفد الكويتي وطلبنا من المنظمين توفير سيارات للمغادرة مباشرة إلى تونس في الليل، فاعتذروا وطلبوا منا البقاء لحين انتهاء المؤتمر، فرفضنا وقلنا إذا لكم توفروا لنا سيارات سنؤجر سيارات خاصة للمغادرة فقالوا: لن نسمح لكم بتأجير سيارات ولن تغادروا ليبيا، فقلنا لهم: إذاً نحن رهائن عندكم، فقالوا: لا ولكن لن نسمح لكم بالمغادرة، فقلنا: نحن حضرنا للتضامن معكم، وعملنا ما نقدر عليه ونصر على المغادرة، فقبلوا أخيراً، واحضروا لنا سيارات أخذتنا الى الحدود التونسية وذهبنا الى جربة وسكنا في فندق تملكه الكويت في جربة وفي الصباح غادرنا مطار جربة الى مطار تونس العاصمة وبعد يوم غادرنا تونس الى القاهرة، ومن القاهرة غادرنا الى الكويت، في أغرب رحلة في حياتنا.. حقا انها رحلة العجايب إلى بلاد القذافي الخايب.
تعليقات