مع تحية النطق السامي، يكتب فيصل الزامل ثلاثة مشاهد عن الغزو العراقي الغاشم ؟!

زاوية الكتاب

كتب 2188 مشاهدات 0


ثلاثة مشاهد... مع تحية للنطق السامي 
 
السبت 26 فبراير 2011 - الأنباء
 

(المشهد الأول).. قال صاحبي: «كنت خارج الكويت عندما وقع الاحتلال، اتجهت الى مدينة الدمام للتعرف على أحوال أسرتي داخل الكويت، لم يكن معي مال سوى الشيكات السياحية التي رفضت ثلاثة محلات صرافة قبولها، وعندما عرضتها على المحل الرابع صرفها بهدوء، ووضع عشرين ألفا من فئة خمسمائة ريال على الطاولة لكي أتسلمها، فبدرت مني عبارة في التوقيت الخطأ «إذن لماذا ترفض بقية المحلات الصرف؟»، عندئذ سحب الموظف الأموال وأنزلها تحت الطاولة من جهته وأعاد إليّ شيكاتي، خرجت وقد ضاقت بي الدنيا، ليس في جيبي أكثر من عشرين ريالا، حاولت إقناع صاحب سيارة الأجرة نقلي الى فندق أوبروي ـ مقر الإدارة الكويتية ـ بالعشرين ريالا فرفض مع عبارة قاسية، طالبا ثلاثين رغم تكرار طلبي، فأصابني من الهم ما لا يوصف، مشيت مبتعدا والدموع تتحدر على خدي من الشعور بالضعف، سمعت صوتا يخاطبني من خلفي بلهجة سورية، ويعرض علي أن يوصلني الى الفندق، فقلت له بغير أن ألتفت حتى لا يرى وجهي ودموعي «بعشرين ريالا بس».. فقال لي: لا عشرين ولا عشرة، أنا طريقي الى هناك تفضل معي لو سمحت. وفي الطريق أخبرني بأنه كان موجودا في محل الصرافة وشاهد كل شيء» انتهى.

هذا الحال أصاب الكثيرين من الكويتيين، وإنما نستذكره اليوم عرفانا لله عز وجل وشكرا له سبحانه أن نقلنا من ذلك الحال الى ما تعيشه الكويت اليوم من حال العزة والشعور بالكرامة، هذا فضل عظيم جدا ويحتاج الى شكر للباري عز وجل وعمل دؤوب للمحافظة عليه.

(المشهد الثاني) في مدينة بعقوبة، ديسمبر 1990، وقفت مع جمهور كويتي ننظر الأسرى، فلما وصلت الباصات ودخلت الى المعتقل المقرر لزيارة أقاربهم، نزلوا واحدا تلو الآخر، فلما شاهد أحد الأطفال أباه ينزل من الباص انفلت من بين الحراس وهرول باتجاه والده الذي اتجه نحوه غير مبال بالحراس واحتضنه واختلطت دموعهما، ومعها دموع الكويتيين الواقفين خلف الأسوار، كان مشهدا لا ينسى.

(المشهد الثالث) في مطار بغداد، استقبلت والدي يرحمه الله ووالدتي والأخوات، دخلوا في ديسمبر، قال لهم ضابط الجوازات «جوازتكم ملغية»، فقال له الوالد «هذي هي الوثائق اللي سافرنا بها، وهي التي انتقلنا بها من عمان الى هنا، ولا توجد عندنا ولا عندكم غيرها، إذا دخلنا نشوف شيصير» ودخلوا، وانتقلنا إلى الكويت بالطائرة التي حطت في قاعدة علي السالم.

لقد أراد المحتل تجريد شعب شقيق من هويته بشكل لم يفعله عربي مع عربي من قبل، إلا أن إرادة الله عز وجل كانت هي السابقة، وهي الأمضى.

كلمة أخيرة: كلمة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد يحفظه الله يوم أمس الأول امتداد لنهج التواصل الذي حافظ عليه حتى قبل أسبوعين حينما ألمت به وعكة صحية تطلبت منه الراحة غير أنه حرص على القيام ببرنامجه المعتاد، ومعظمه يقوم على التواصل مع الناس في أفراحهم وأتراحهم، وسأتوقف هنا عند بعض عباراته السديدة، حيث قال:

ـ لا تستقووا بغير القانون وتحصنوا بسلطان القضاء.

ـ تمسكوا بتعاليم الدين الحنيف.

ـ علينا أن نستوعب الدروس وأن ننبذ الفرقة والتباعد.

جزاك الله خيرا بوناصر، وحفظك ذخرا لشعبك وأمتك.

 
فيصل الزامل

 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك