كيف يكون التدخل العسكري الدولي في ليبيا ؟!
عربي و دوليفبراير 23, 2011, 2:33 م 7400 مشاهدات 0
ذكر جنود في مدينة طبرق بشرق ليبيا يوم22 فبراير 2011م ان المنطقة الشرقية كلها باتت خارج سيطره القذافي منذ ثلاثة ايام .وحين يذكر اسم طبرق تقفز في اذهان العسكريين من أرجاء المعمورة صورة عسكرية رومانسية مثيرة . فقد أصدرت القيادة الالمانية لجيش البانزر الأفريقي، أمر عمليات بالهجوم على 'طبرق'، في فجر 20 يونيو1942م، ، ونجح الجنرال رومل ' E. Rommel ' بنفسه في فتح ثغرة بعمق كيلومترين،وتابعت مجموعة قتال الفيلق الأفريقي تقدمها بسرعة مروعة، ووصلت الى بلدة طبرق قبل انسحاب أي قوات معادية منها فاستسلم 33 ألف جندي ودخلها رومل بعد 26 ساعة من بدء العمليات، وبذلك أحرز الفيلق الأفريقي أعظم انتصارات. لكن كلفة النصر كانت مقابر لاتزال كالوشم الحزين في وجه طبرق؛ فالمقبرة الالمانية تضم رفات 7 آلاف جندي ، والمقبرة الفرنسية 200 جندي، و مقبرة الكومنولث 2479 جندي أغلبهم من الاسترالين، بينما تضم مقبرة عكرمة رفات 3649 جندي معظمهم من الإنجليز وجنوب أفريقيا ونيوزيلندا
ولأن ليبيا أرض الاعمال العسكرية الخاطفة،كما فعل رومل،أو حتى كما فعل القذافي نفسه المولود عام 1942م في قرية اسمها 'جهنم ' حين قفز الى السلطة وهو برتبة ملازم اول فقط وعمره 27 عاما ، لذا لا نرى مايخرج عن المعقول لو تدخل المجتمع الدولي عسكريا لانقاذ الشعب الليبي .
في الجانب السياسي لعملية التدخل العسكري الدولي في ليبيا لابد من قراءة الموقف العربي والدولي قراءة استشرافية .فقد شجب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بشدة أعمال العنف التي يرتكبها النظام الليبي حاليا ضد أبناء الشعب الليبي العزل. كما شجبت جامعة الدول العربية القمع القذافي لشعبة واوقفت المشاركات الليبية فيها . بل ان افريقيا التي طالما راهن عليها القذافي قد قلبت له ظهر المجن.وبهذا الموقف العربي والافريقي يفقد القذافي الغطاء الذي يحتمي به أمام القرارات الدولية. أما في مجلس الامن الدولي،والمكون من الدول دائمة العضوية و عشر دول غير دائمة هي كولومبيا والهند وجمهورية جنوب افريقيا والمانيا والبرتغال و البرازيل والبوسنة والهرسك وغابان ولبنان ونيجيريا، فقد لاحظنا غياب دول كان يمكن ان تتعاطف مع النظام الليبي مثل كوبا وفينزويلا . كما لا يوجد بلد عربي في مجلس الامن في دورته الحالية الا لبنان الذي يجرم القذافي رسميا على اختطافه لموسى الصدر .
يبقى في الجانب السياسي لعملية التدخل العسكري الدولي في ليبيا موقف الدول دائمة العضوية، ونرجح كفة التدخل أكثر من الحياد أو الضغوط الاخرى لتوافر مبررات كثيرة منها
1. وصول عدد الضحايا الى اكثر من 7 آلاف قتيل في ابادة جماعية' Genecide'.
2. بخطابه غير المتزن أهدر القذافي دم الشعب، وامر بقتلهم بشكل رسمي.
3. ظهور بوادر لحرب اهلية، وفتنة بين اطياف وعشائر الشعب الليبي .
أما موقف الدول دائمة العضوية فقد ظهر على شكل تصريحات كالتالي :
1. الموقف الاميركي جاء على لسان وزير الخارجية هيلاري كلينتون و قالت ان واشنطن سنتخذ خطوات مناسبة بما يتماشى مع سياساتنا وقيمنا وقوانيننا، ولكن يجب أن نعمل بالتنسيق مع المجتمع الدولي.
2. الموقف الاوروبي جاء على لسان كاثرين اشتون التي طلبت من الزعيم القذافي الكف عن تهديد شعبه،معربة عن اسفها لكافة اعمال العنف في ليبيا.
3. أما الصين فقد أبدت قلقها من الوضع في ليبيا لكنها لم توبخ القذافي.
4. أعربت روسيا عن قلقها من سقوط الكثير من الضحايا بين المدنيين، لكنها وحفاظا على مصالحها النفطية ولكون ليبيا سوق سلاح رائج لها فقد ذكرت انها تخشى سقوط أنظمة عربية بأيدى متطرفين اسلاميين وهي نغمة تكررت على لسان اكثر من مسئول اوروبي .
يعتبر التدخل العسكري خيارا صعبا للكثير من الدول حتى الكبرى منها ، لكن بامكان الولايات المتحدة تحريك بعض القطع البحرية المتواجدة في البحر الابيض المتوسط .و منها مجموعة القتال إنتربرايز ' Enterprise Carrier Strike Group' التابعة للاسطول الخامس بدعوى الطوارئ لتنفيذ عمليات إجلاء للأميركين والاوروبيين وحتى الاجانب بالقوة، بعد رفض السلطات الليبية هبوط طائرات نقل عسكرية امريكية ، كما ان بإمكان البريطانيين القيام بنفس الدور ، خصوصا بعد تحرك الفرقاطة كمبرلاند للمياه الدولية الليبية ' HMS Cumberland' . وكلا القطع البحرية تضم طائرات مروحية وطائرة نفاثة من طراز هارير .
إن صدور قرار من مجلس الامن الدولي بالتدخل العسكري لاسقاط القذافي كما سقط الطاغية صدام حسين يعني تدخل حلف شمال الاطلسي برمته ، فما هي القوات التي ستنتظرهم على الارض الليبية وما نوع العمليات المطلوبة ؟
ليس في القوة الجوية الليبية طائرات حديثة من الجيل الخامس او حتى الرابع المتطور . والطائرات العاملة في سلاح الجو الليبي حاليا هي 12 طائرة ميراج الفرنسية(Mirage F-1BD/ED من صنع السبعينيات ، ومثلها 25 طائرة ميغ MiG-21 ، و 125 طائرة ميغ 23 MiG-23BN/MS/ML/UM Flogger ، و 40 طائرة سوخوي22 Su-22M3/UM-3K Fitter، و 12 طائرة سوخوي 24 Su-24MK Fencer . لكن تحقيق السيادة الجوية للقوات الغازية لن يتطلب اكثر من يوم أو نصف يوم . ويبقى خطر وسائط الدفاع الجوي اكثر جدية من الطائرات . حيث يتمركز الدفاع الجوي في مدينة هون بمنطقة الجفرة وهي منطقة تبعد عن البحر حوالي 330 كلم تقريبا، وعن مدينة طرابلس حوالي 650 كلم تقريبا. ويضم 90 بطارية سام 2 (SA-2) و 10 سام 3 (SA-3) و 48 سام 6 (SA-6) وصواريخ رابير (Rapier) ونظام جرناس (Jernas). أما القوة البحرية الليبية المتواجدة في القواعد ببنغازي و طبرق وطرابلس و مصرانة ودرنة ، فصغيرة مقارنة مع قوات دول البحر المتوسط، وتتألف من عدد محدد من الفرقاطات ذات الصواريخ ومجموعة من زوارق الدوريات لحماية السواحل ، والامر الجدي في سلاح البحرية الليبي هو 6 غواصات من نوع فوكستروت كلاس 'Foxtrot class' ، والتي شكلت تهديدا رئيسيا للبحرية الأمريكية المتواجدة في البحر المتوسط عندما ضرب رونالد ريغان في الثمانينيات النظام هناك ضربات موجعة .
وعلى الارض لايوجد مايشكل خطرا على مشاة البحرية، الا القوات الخاصة الليبية التي يترأسها نجل القذافي الاصغر خميس وتتكون من عناصر الحرس الثوري من قبيله الرئيس والقبائل القريبه منه، بالاضافة الى مرتزقة من بعض الدول الافريقية والاسيوية .وهي قوات صفوة، قامت بتدريبها القوات الخاصة البريطانية في صفقة عسكرية سرية أثارت سخطا على حكومة جوردن براون بسبب صلتها بالإفراج عن المقراحي.
لذا يبقي القصف الجوي المنتقى للقوات الخاصة الليبية هو العمل الممكن المفضل ، حتى يستطيع الليبيون الخروج للشوارع وادارة الامور من هناك ، كما يخلق انشقاقات في قوى الامن والجيش فينهار النظام .
لقد حكم القذافي ليبيا 42 عاما ،لكنه رغم ذلك سيبقى ضمن شخصيات بالغة الصغر أمام نافذة التاريخ الواسعة، وسيخلد التاريخ تدخل المجتمع الدولي أكثر من اسم القذافي ، بل ان التاريخ سيساعد المجتمع الدولي في سعية هذا حين يسترجع لنا تدخل المجتمع الدولي لاسقاط الطاغية صدام حسين في بغداد وإسقاط سلوبودان ميلوزوفيتش في بلغراد .لكن لهذا التدخل جوانب سياسية وعسكرية ، وإن كانت الكلفة العسكرية أغلى ثمنا ألا انها اسهل من الكلفة السياسية التي ستأخذ وقت ثمينا من حياة الشعب الليبي الذي ييفتك به القذافي وزمرته .
اما اضعف الايمان فهو الحظر الجوي ' No-fly zones' كالذي طبق على الطاغية صدام حسين لحماية الاكراد . لكن التردد في عدم تطبيقة اليوم قبل غدا ،يعني استخدام القذافي لطائرات الهليوكبتر لقتل شعبه كما فعل صدام في انتفاضة الجنوب بعد حرب تحرير الكويت 1991م ، بالاضافة الى أن الحظر الجوي سيوقف تدفق المرتزقة الى ليبيا ، وهي عملية كما تقول مصادر عسكرية مستمرة بوتيرة كبيرة منذ بدأت ثورة الغضب الليبية .
تعليقات