لماذا ينظر إلى أعضاء الحكومة دائماً على أنهم فاشلون، ولماذا ينظر إلى النواب على أنهم مرتشون ومرتزقة.. وأسئلة أخرى يطرحها د. مبارك الذروة
زاوية الكتابكتب فبراير 19, 2011, 4:56 ص 2213 مشاهدات 0
عيون لا ترى النور
عندما يغيب الإنصاف والعدل يظهر الميل والظلم في الحكم على الأشخاص والجماعات والأمم.
لماذا لا ننصف الآخر بميزان العدل وبحسبة الحسنات والسيئات، ما المانع من ذكر محاسن المخالف، هل لأن السيئات قد طغت على كل ما هو جميل، ولماذا لا ننقد بعدل وتجرد فنذكر عيوب الموافق لنا عند وجودها، حتى لا نحجب بصائرنا عن أغلاطهم وخطاياهم، ولماذا لا نتقبل نقد ذواتنا ما دمنا بشراً يطرأ علينا الجهل والخطأ والنسيان! فنحن خطاؤون وهذا من أسرار الكينونة الإنسانية وتفردها، بل لولا القصور البشري وأغلاطه لما سعت الأمم إلى الإصلاح والتغيير فهي الطريق إلى الكمال الإنساني، ولولاها لما سلك البشر مدارجهم سلماً للوصول ومعراجاً للقبول.
نحن نبتعد كثيرا عن الاعتدال ونرتمي في أحضان الوهم الكاذب للذهن فتغيب الحقيقة، فنتوه بين إفراط الذم والتفريط في المديح! أليس من الإجحاف أن نختزل مجموع الألوان لنجعلها لونين اثنين هما الأبيض والأسود، أليس من الظلم أن تكون الاتجاهات إما يميناً وإما يساراً!
فعين الرضا الوردية لا تجعلنا نرى القصور والنقص فتصبح الصورة مشرقة مع أنها ليست كذلك، وعين السخط القاتمة كثيراً ما تعمينا عن جمال الصورة فنخرج من المشاهد كلها بلا بصائر أو نور. من الخطأ ان نرى دائماً النصف الفارغ من الكوب، بل من الظلم أن نتجاهل النصف الآخر المليء!
لماذا ينظر إلى أعضاء الحكومة دائماً على أنهم فاشلون، ولماذا ينظر إلى النواب على أنهم مرتشون ومرتزقة، ولماذا ينظر إلى «الإخوان» دائماً كميكافيليين، لماذا السلف دائماً ماضويون، لماذا الشيعة دائماً غير مأمونين، لماذا الليبراليون دائماً متفسخون؟ أليس في ذلك ظلم كبير.
من الذي يحاول أن يشوه الآخر ويبث الرماد في العيون، فهل كل ما تقوم حكومتنا به من ممارسات خاطئة يمكن إصلاحه من دون بعبع الاستجواب؟ بمعنى آخر لماذا كثيراً ما نلجأ إلى الكي ونحن نملك أدوات التطبيب جيدة المفعول!
نعم للوقوف أمام الفساد المستشري في بعض قطاعات الدولة التي أدت إلى مقتل المواطن الميموني، والتصدي لممارسات بعض التجار المفسدين للأغذية منتهية الصلاحية. نعم لكشف سراق المال العام والمرتشين وتطبيق القوانين، بل ومحاكمة كل وزير متسبب مسؤول، ولكن للنظر بعين العدالة فنقول... ألم يقم وزير الصحة بتقديم إصلاحات جيدة في وزارته، مثل مسألة الميكنة وأثرها على اكتشاف التواقيع المزورة ومنع الالتفاف على القانون. ألم يقم الوزير صفر بإصلاحات جيدة في كشف الفساد المتعلق بالأطعمة مثلاً ودك أوكار المخازن المليئة بالمعلبات منتهية الصلاحية!
فلنبحث إذاً عن جوانب إيجابية كثيرة في حكومتنا وسنجد ما نسعد به. لنرم عين السخط جانباً ونر بعيون الإنصاف والعدل والحكمة، لقد جاءت مبادرات يراها المراقب جيدة جداً بل تعد محفزة لمد الجسور ودافعة لحسن الظن والثقة إلى الأمام، كتلك التي بدأها صاحب السمو المتعلقة بالدكتور الوسمي، أو التي تلاها من إسقاط القضايا المرفوعة من قبل سمو الشيخ ناصر المحمد، أو كرد التعديلات المتعلقة بقانون المرئي والمسموع!
لسنا قطاع طرق لمسارات الإصلاح والمبادرات الحكومية، بل نحن من دعاة الجنوح إلى السلم وبرد التحية بأحسن منها، بل نحن من دعاة (الجزاء من جنس العمل، واتبع السيئة الحسنة تمحها).
ليست هذه دعوة الى التواكل والإمساك عن كشف الفساد، كلا فالواجب أن نكشف مواطن الخلل وننقد نقداً بناء لا يتجاوز حدوده. ولكن من جانب آخر يفترض فينا أن نكون منصفين غير متجاوزين حدود الموقف، فلا ننظر إلى ممارسات الحكومة بعين واحدة، ولا نضخم الخطأ فنشوه أداء وكيل، ولا نتصيد الزلات لنسقط بها وزير. نعم لنقد سلبيات الحكومة وإصلاح الخلل،، نعم لمباركة كل عمل طيب واداء مميز.
لابد إذاً من وجود الثقة ومد الجسور، ولن نجد الكمال المطلق سوى في خيالاتنا وما نحلم به. والمقصود أنه قد يكون هناك إصلاحات كبيرة في الجهاز الحكومي نتمنى أن تلقى ترحيباً عند القوى السياسية والإعلامية كافة لانتشال الوطن بعد فترات النزيف المؤلمة التي الحقت به!
د.مبارك الذروة
كاتب وأكاديمي كويتي
تعليقات