لم يسمح حتى الآن للمواطنين الشيعة بإقامة جامعة أومدرسة أو حوزة فقهية، ووزارة الأوقاف لاتبنى لهم مساجد، وتُصادر كتبهم..لماذا؟ تساؤلات يطرحها علي المتروك
زاوية الكتابكتب نوفمبر 29, 2007, 7:44 ص 690 مشاهدات 0
هل الولاء للوطن أو للجماعات؟
كتب:علي يوسف المتروك
تحت هذا العنوان تابعت باهتمام بالغ برنامج 6/6، والذي بثه تلفزيون الكويت مساء السبت الفائت الموافق 2007/11/24 وكان من المفترض ان اكون احد المشاركين في البرنامج، الا ان تواجدي خارج البلاد حال دون ذلك، وكالعادة فقد ادار الاستاذ يوسف الجاسم البرنامج بلباقة ونجومية كعادته دائماً.
كانت اسهامات المشاركين في البرنامج موضع تقدير واستسحان، الا ان الوقت لم يكن كافيا للاحاطة بكل ما يخص هذا الموضوع، فقد سبق ان ذكرت للاستاذ الجاسم بأن هذا الموضوع الهام والمتشعب يحتاج الى اكثر من حلقة، لارتباطه بماضي الكويت وحاضرها، وما طرأ على المجتمع من تغيرات على كافة الاصعدة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والنقلة السريعة التي صاحبت مسيرة المجتمع الكويتي بفضل الطفرة الاقتصادية، التي قلبت موازين المجتمع، واختزلت الزمن ا لمطلوب لتطوره، فحصل من جراء ذلك فاصل بين ماضي الكويت وحاضرها، فلم يبق على الصعيد الميداني من الكويت القديمة شيء يُذكر الاجيال الحالية والناشئة بماضي الكويت، وكيف نشأت؟ ودور الرواد الأوائل في بناء هذا الوطن العزيز.
لقد حرص المرحوم الشيخ جابر الاحمد ـطيب الله ثراهـ احساسا منه بالابقاء على جزء من الماضي ان يترك منطقة الصوابر وقيصرية فهد السالم (التي تعرف بسوق البشوت) وقيصرية السوق الداخلي (المباركية) فانتدب لهذا الغرض في اواسط الخمسينيات مجموعة من المهندسين، لترميم المباني، الا انهم اوصوا بازالتها لضعف اساساتها فأزيلت.
لقد لفت نظري في البرنامج والحديث يدور حول تركيبة المجتمع تعليقا للشيخ احمد الفهد بصفته رئيسا للأمن القومي، بأن هناك لجنة تدرس التغيرات والثغرات التي تكتنف مسيرة المجتمع الكويتي، والعمل على سد تلك الثغرات، وهذا بحد ذاته يعتبر عملا جيدا ومطلوبا بإلحاح لأهميته، وبما ان هذه اللجنة لا تزال تدرس هذه الحالة فلدي بعض الملاحظات ارجو ان تأخذها اللجنة بعين الاعتبار إن ارادت ان تضع يدها على الجرح وتشخص امراض المجتمع ومشكلاته.
ـ1 لقد عاش الكويتيون متحابين متعاونين سنة وشيعة، اخوة تجاوروا وتصاهروا وركبوا البحر معا، وذاقوا شظف العيش سويا، لم يفرقهم اختلاف المذاهب، وخير دليل مساجدهم المتجاورة في الكويت القديمة في ذلك المجتمع البسيط.
كان المرحوم الشيخ عبد الله الجابر رئيس المحاكم آنذاك يرسل المتخاصمين من الشيعة إلى علماء الدين ليفصلوا بينهم، فإذا أصدروا أحكامهم أرسلوها إليه لتنفيذها، ومع تطور المجتمع فقد أنشئت محكمة للأحوال الشخصية للمواطنين الشيعة للدرجة الأولى من الأحكام، وهي تعاني من فقر الإمكانات والنقص في عدد القضاة وهذه المحكمة لم تنشأ بمرسوم أميري، بل بقرار من وزير العدل، فهي عرضة في أي وقت للحل بقرار مماثل، وغالبا ما تتعرض أحكام هذه المحكمة للنقض في محاكم التمييز لعدم وجود محكمة تمييز خاصة بالمواطنين الشيعة، لتمييز تلك الأحكام، مما يؤثر على أحكام الطلاق والميراث والنفقة والحضانة وغير ذلك من الأحكام الفقهية الجعفرية.
2ـ لم يسمح حتى الآن للمواطنين الشيعة بإقامة جامعة أومدرسة أو حوزة فقهية لتدريس المذهب الجعفري، فمن أين يأتوا بوعاظ وأئمة مساجد ودعاة وقضاة كويتيين شيعة إذا منعوا من تدريس مذهبهم؟ وإذا كانت السعودية الشقيقة الكبرى قد سمحت لمواطنيها في القطيف بإقامة حوزات فقهية وهناك بالفعل أربع حوزات فقهية بالوقت الحاضر فكيف لا يسمح بإقامة واحدة بالكويت؟
إنني أتساءل ويتساءل معي الكثيرون: من الذي اختطف اعتدال ووسطية وتسامح هذا البلد ليجعل التطرف وأحادية الرأي والتزمت سمة من سماته المميزة؟ سؤال يحتاج إلى أكثر من جواب حين تتسيد المجتمع فئة متطرفة وتفرض أجندتها الخاصة على كافة فئاته الأخرى.
3ـ من المعروف أن وزارة الأوقاف هي الوزارة المختصة ببناء المساجد في مناطق السكن النموذجية، والتي أنشئت مع تطور وإنشاء مناطق السكن، ولكن هذه الوزارة لا تعترف بأن هناك مواطنين شيعة في هذا البلد فقد أنكرت وجودهم بدءاً من الموسوعة الفقهية إلى تخصيص المساجد، ولو أنها خصصت في كل منطقة نموذجية بين كل عشرين مسجداً للمواطنين السنة أربعة أو خمسة مساجد للشيعة لما واجهنا هذه المشكلة، ولما تحدثنا عنها في هذا المقال، فلقد رأيت الاسبوع الماضي وبالتحديد يوم الجمعة في منطقة بيان المصلين وهم يفترشون الأرض في مواقف السيارات، خارج المسجد الوحيد في تلك المنطقة، ومع الأسف الشديد فلقد التفت الحكومة على هذه المشكلة بأن خصصت بعض المساجد لبعض النواب الشيعة لإسكاتهم، ويا ليت هؤلاء النواب لم يقبلوا هذا الالتفاف الساذج، وطالبوا بحل حاسم لهذه المسألة استناداً إلى ما قرره الدستور من حقوق المواطنين بالتساوي، وعدم التمييز بين فئة وأخرى، وحافظوا على حقوق ناخبيهم بتخصيص مساجد لهم في مناطق تواجدهم.
4ـ هناك حملة شعواء لمصادرة ومنع كتب الشيعة حتى وصل المنع للصحيفة السجادية للإمام زين العابدين، ونهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب، وكتاب عبد الله بن عباس، وكتب أخرى لم يكن ممنوع تداولها حتى عهد قريب، ولا ندري ما ستجر هذه الإجراءات من أمور أخرى في المستقبل، فربما امتد المنع للحسينيات والمنتديات الدينية طالما أن التطرف والاستفزاز هو سيد الموقف، والسؤال: هل في هذه الأعمال الاستفزازية ما يجعل المواطن مطمئنا إلى عدالة وطنه والشعور بالأمان في كنف هذا الوطن الذي هو كالأم الرؤوم تحوط أبناءها بكل ما تملك من محبة وحنان؟
5ـ إن انحسار التمثيل النيابي الشيعي في مجلس الأمة شبه الكامل بانضواء النواب الشيعة تحت جناح التكتل الشعبي، وعدم من يدافع عن مصالحهم لايعني على الإطلاق انعدام الوسيلة للتعبير عن ظلامتهم، والمطالبة بحقوقهم خارج البرلمان، فإن هناك مشاورات ونقاشا يتمان بين فعاليات ورجالات الشيعة، لإقامة مؤتمر أو مهرجان يدعى له لفيف من المهتمين بالشأن العام، وجمعيات حقوق الإنسان في البرلمان وخارجه، والصحف المحلية والأجنبية، للحديث عن هذه المظالم بالصوت والصورة، والمطالبة بتطبيق المادة 7 و8 من الدستور الكويتي، الذي نص بصراحة على حرية المواطنين في العبادة والتعبير، دون الالتفات إلى انتماءاتهم السياسية أو المذهبية، فمن حق كل إنسان إذا ما لزمه الظلم أن يعبر عن نفسه بكل الوسائل المشروعة، التي نص عليها الدستور والفطرة الإنسانية وبينها الباري جل شأنه في كتابه الكريم فقال عز من قائل: (لايحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما) النساء آية 148.
فعسى أن يلقي هذا القول آذانا صاغية، وقلوبا واعية، صيانة لهذا الوطن، وإعزازاً لأمنه الاجتماعي، ونشرا لروح الإخاء والمساواة بين أفراده على السواء، والله الموفق إلى سواء السبيل.
تعليقات