نقطة مزعجة من عبدالرحمن المناعي لجميع السلطات الحاكمة التي استشرت بها امراض السلطة: الثورة تتسم بطابع المفاجأة والمباغتة!

زاوية الكتاب

كتب 667 مشاهدات 0


حديث الثورة 

كتب عبدالرحمن نبيل المناعي : 

 
عامل البؤس وحده لا يفسر قيام الثورة واستمرارها وتحقيقها لنتائجها، بل هي مجموعة عوامل، اذا ما اجتمعت في مجتمع معين، وصادف اجتماعها وجود ظرف تاريخي يشكل البيئة الخصبة لتفاعل هذه العوامل، فإن الثورة واقعيا في حيز التنفيذ، وما تنتظره فقط هو انطلاقة شرارتها الاولى، وهو ما حصل مع بائع الخضار محمد البوعزيزي عندما حرق نفسه ايذانا ببدء الثورة التونسية التي اطاحت برئيس البلاد.
كان للقهوة المستوردة من اميركا تأثيرها التحريضي على مزاج المواطن الفرنسي قبل احداث الثورة الفرنسية، اذا انها روجت لانتشار المقاهي، حديث راح الناس يجتمعون ويتكلمون، ويعبرون عن استيائهم في شؤون البلاد العامة، ويتحدثون عن حقوقهم المهدرة، بعد ان كان حق الحديث عن الشأن العام وعن الحقوق في فرنسا محصورا في طبقة النبلاء والبرجوازيين، وما يؤكد هذا هو عدم وجود صحف ومجلات سياسية قبل قيام الثورة، في حين انها بلغت ما يقارب الالف صحيفة ومجلة سياسية بعد 10 سنوات من نجاح الثورة.
ان معرفة الشعب لحقوقه الاساسية، المعطاة منها والمسلوبة، هي الشرارة الاولى في معظم ثورات المجتمعات، ولنا في تجارب الثورة الفرنسية والتونسية الحديثة مثال، حيث ان انتشار الاكاديميات التعليمية الشعبية في فرنسا قبل الثورة، وكذلك ارتفاع نسبة المتعلمين في تونس الى درجات مرتفعة، جعل من تساؤلات افراد المجتمع عن حقوقهم المسلوبة سؤالا بلا اجابة حاضرة، مما جعل من مقولة الثورة على السلطة ضرورة ملحة وليست مجرد مزحة سياسية.
الثورة السياسية المشروعة ليست مجرد هرطقة سياسية، بل هي عمل استثنائي اضطراري، لا تقوم به المجتمعات الا اذا ظهرت واستشرت اسبابها، وهي: استفحال امراض السلطة، وتخلف نظم الحكم.
اما عن امراض السلطة فهي موزعة ما بين العجز وسوء الاستخدام والتسلط، ولا يستدعي الامر اي ثورة اذا كانت هذه الامراض مجرد اعراض سطحية بسيطة تظهر هنا وهناك، لان العقل الواقعي لا يتصور وجودا للدولة المثالية الخالية من العيوب، ولكن في المقابل فإن الثورة تصبح ضرورة ملحة اذا ما تحولت هذه الامراض الى مكون اساسي في عمل السلطة السياسية، مما يجعل من ثورة المجتمع على السلطة الحاكمة مجرد اجراء دفاعي، يستخدم العنف ردا على العنف الذي تمارسه السلطة الحاكمة تحت شعار القانون والنظام.
النقطة المزعجة لجميع السلطات الحاكمة التي استشرت بها امراض السلطة، هي ان الثورة تتسم بطابع المفاجأة والمباغتة!

 

 

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك