أحمد الديين يدعو إلى محاسبة سياسية للخالد بصفته، ومحاكمة جنائية للمشاركين في جريمتي التعذيب الوحشي والقتل العمد

زاوية الكتاب

كتب 1644 مشاهدات 0



عالم اليوم


قبل أن يتحوّل التعذيب إلى نهج! 
 
كتب احمد الديين
التعذيب الوحشي البشع، الذي تعرّض له المواطن المحتجز في مخفر الأحمدي أثناء التحقيق معه، أصبح، مع الأسف الشديد، يمثّل ممارسة معتادة في بعض مراكز التحقيق، وهناك ضحايا كثيرون تعرضوا له منهم مَنْ سكت ومنهم مَنْ شكا... والفارق هذه المرة أنّ التعذيب الوحشي أفضى إلى موت المحتجز، وبذلك أصبحنا أمام جريمتين هما التعذيب والقتل العمد... والمؤسف أكثر من ذلك أنّ هذه ليست هي المرة الأولى، التي تُزهق فيها روح أحد المحتجزين أثناء التحقيق معه، وذلك بغض النظر عن تهمته أو جنسيته، وهذا ما يفترض أن يثير خشيتنا جميعا من أن يتحوّل التعذيب إلى نهج متّبع، مثلما هي الحال في الدول البوليسية والأنظمة القمعية!
إنّ هذه الجريمة الشنيعة يجب ألا تمر من دون محاسبة ومن دون عقاب... إذ لا بد من محاسبة سياسية سريعة للمسؤول السياسي وعقاب جزائي للمسؤول جنائيا... محاسبة سياسية لوزير الداخلية بصفته، ومحاكمة جنائية للمشارك أو المشاركين المباشرين في جريمتي التعذيب الوحشي والقتل العمد.
المحاسبة السياسية لوزير الداخلية بصفته، سندها المادتان 31 و34 من الدستور، فوفقا للمادة 31 “لا يعرّض أي إنسان للتعذيب أو للمعاملة الحاطّة بالكرامة”، ووفقا للمادة 34 فإنّ “المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمّن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع. ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا”... فهذه النصوص الدستورية ليست مجرد جمل وعبارات وكلمات نرددها أو نحفظها، وإنما هي مبادئ وأسس وأحكام يجب تفعيلها على أرض الواقع الملموس، وذلك بمحاسبة الوزير المسؤول سياسيا عن انتهاك جهاز وزارته لها... ولا يعفي الوزير من تلك المسؤولية السياسية استنكاره الجريمة أو قيامه بإجراء تحقيق شكلي حولها، خصوصا بعدما أصبح التعذيب نهجا متبعا، ولم يعد ممارسة فردية معزولة أو حادثة عابرة.
أما المسؤولية الجنائية، فيجب أن تطال رجل المباحث المشارك أو رجال المباحث المشاركين في الجريمة، وذلك بتقديمهم إلى القضاء على الفور وفقا لما قضت به المادة 53 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، التي تنصّ على أن “يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل موظف عام أو مستخدم عذّب بنفسه أو بواسطة غيره متهمًا أو شاهدا أو خبيرا لحمله على الاعتراف بجريمة أو على الإدلاء بأقوال أو معلومات في شأنها. فإذا أفضى التعذيب أو اقترن بفعل يعاقب عنه القانون بعقوبة أشد فيحكم بعقوبة هذا الفعل. وتكون العقوبة المقررة للقتل عمدا، إذا أفضى التعذيب إلى الموت”.
وما لم تتمّ مثل هذه المحاسبة السياسية السريعة للمسؤول السياسي والمحاكمة المستحقة للمسؤول أو المسؤولين جنائيا عن جريمتي التعذيب الوحشي والقتل العمد فإنّ التعذيب في مراكز التحقيق ولدى المباحث سيتحوّل إلى نهج معتاد وأسلوب متكرر، ولن تكون الجريمة الأخيرة آخر جرائم التعذيب.
وهذا واجب نواب الأمة، الذين يفترض ألا يكتفوا بإطلاق التصريحات، وإنما يجب أن يفعّلوا أدواتهم الدستورية... وواجب منظمات المجتمع المدني الناشطة في ميدان حقوق الإنسان، التي يفترض أن تبادر على الفور إلى تحرك عملي واسع يتجاوز ما اعتدناه من إصدار البيانات الاستنكارية... بل هو، قبل هذا كله، واجب كل فرد منا، وذلك قبل أن يصبح هذا الفرد أو ذاك، أنا أو أنت، أو أحد أبنائنا أو أقاربنا أو أصدقائنا أو معارفنا، الضحية المقبلة للتعذيب!
 
 

تعليقات

اكتب تعليقك