الجدار يفقد الفلسطينيين بهجتهم بموسم الزيتون
عربي و دولينوفمبر 22, 2007, 10:51 ص 385 مشاهدات 0
أفقدت اعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين ومصادرة الأراضي لبناء الجدار على المزارعين الفلسطينيين بهجتهم بحلول موسم قطف الزيتون في الأراضي الفلسطينية، ففي الوقت الذي تعرضت عشرات آلاف الكليومترات التابعة للقرى والبلدات في الضفة الغربية للتجريف والسلب والنهب لبناء الجدار الفاصل، يتعرض المواطنون لمضايقات الجيش والمستوطنين ومنعهم من الوصول لأراضيهم بهدف جني ثمار الزيتون.
فقد انتظر أحمد حبيب وأشقاؤه الأربعة من قرية نزلة عيسى -20 كيلومترا غرب جنين-، طويلاً قدوم موسم الزيتون هذا العام، آملين أن يساعد في سد نواقص كثيرة سببها فقدان العديد منهم لعمله بسبب الحصار، لكن يبدو أن أملهم لن يتحقق، فثمة جدار وإجراءات إسرائيلية معقدة تفصل بينهم وبين حقولهم.
وكانت هذه العائلة، شأنها شأن باقي أصحاب الأراضي في القرية والقرى المجاورة، تقدمت بطلبات للحصول على تصاريح دخول إلى أراضيها الواقعة خلف الجدار لتقطف ثمار زيتونها، لكن السلطات لم تنمح التصاريح سوى لثلاث نساء فقط من العائلة.
وقال أحمد الذي يملك وإخوته حقل زيتون مساحته 50 دونماً خلف الجدار: قدمنا طلبات بأسماء 14 شخصاً من العائلة، وفوجئنا بمنح ثلاثة تصاريح فقط، وهن لزوجتي وزوجة أحد إخوتي وابنته، فيما رفضت طلبات الـ11 الآخرين.
وكانت سلطات الاحتلال أبلغت الهيئات الحقوقية والدولية المعترضة على بناء الجدار بأنها ستوفر بوابات عبور وتصاريح لأصحاب الأراضي الواقعة خلفه، لكن بعد إقامة الجزء الأكبر منه، فرضت قيوداً شديدة على عبورهم وصلت إلى حد حرمان أعداد كبيرة منهم من الوصول إلى أراضيهم وفلاحتها.
قمة المعاناة في 'قلقيلية'
'لا أستطيع الوصول إلى ارضي، وان تسللت إليها وقطفت حبات الزيتون لا أجد الوسيلة لنقلها إلى معاصر الزيتون في القرى المحيطة' بهذه الكلمات جسد المزارع محمد عنتر من قلقيلية معاناة المزارعين هناك بعد إقامة مناطق عازلة خلف الجدار العنصري ومنع الجيش الإسرائيلي لمئات المزارعين من السماح لهم بالذهاب إلى أراضيهم وقطف ثمار لزيتون لعلهم ينقذون ما يمكن إنقاذه.
وتابع عنتر قائلا: 'المدينة مغلقة بشكل محكم ولا نستطيع نقل ثمار الزيتون من طرق فرعية كما كان في السابق وندفع تكاليف باهظة تتمثل بإحضار أيدي عاملة كثيرة لقطف الثمار بحيث نستغل فترات عدم تواجد الجيش بكثافة، وفي نهاية اليوم قد نفلح باستئجار تراكتور زراعي ينقل الأحمال بسرعة متناهية إلى داخل المدينة، وبعد ذلك نبدأ بالبحث عن وسيلة لنقل الثمار إلى المعاصر في القرى المجاورة ونضطر للانتظار طويلا حتى نجد طريقة تؤمن ولو جزء منها على مراحل'.
وأضاف: كل هذه المعاناة التي نتكبدها من الناحية النفسية والمادية تؤكد أننا قد لا نفلح العام القادم في الوصول إلى أراضينا لان الجدار العنصري يلف المكان وهذا ما اخبرنا به المقاولون الإسرائيليون الذين يتجولون في المنطقة الشمالية لقلقيلية، حيث يتبجح هؤلاء بان وجودنا في الأرض مسألة وقت وهذه ارض إسرائيل.
مورد رئيسي للعائلات
ويمثل الزيتون -الذي دمرت القوات الإسرائيلية عشرات الآلاف من أشجاره منذ بداية انتفاضة الأقصى- محصولاً رئيساً للاقتصاد الزراعي الفلسطيني، وترتبط به صناعات كمعاصر الزيت وإنتاج الصابون. وتحتفظ هذه الشجرة دائمة الخضرة برمزية خاصة في الوعي الجمعي والتراث الفلسطيني، ترمز للارتباط بالأرض الواقعة تحت الاحتلال؛ ما يجعل العدوان على شجرة الزيتون شديد الوطأة على نفوس الفلسطينيين، زيادة على ما يلحقه بهم ذلك من خسائر اقتصادية فادحة.
وتصل مساهمة الزيتون في بعض السنوات أكثر من 20% من قيمة الإنتاج الزراعي، وتحتل شجرة الزيتون حوالي 50% من مساحة الأرض المزروعة في الضفة الغربية ويصل عددها ما يقارب 10 ملايين شجرة زيتون، والتي تشكل مصدر دخل رئيسي لحوالي 100 ألف عائلة فلسطينية.
الزيتون كنز للفلسطينيين
وحسب مركز أبحاث الأراضي فإن الزيتون يشكل النوع الزراعي الأكبر مساحة والأكثر أهمية في الأراضي الفلسطينية. يقول وليد أبو محسن الباحث في المركز: 'تبلغ مساحة الزيتون في الضفة 750 كيلومترا مربعا، ما يشكل 5.12 % من مجموع أراضي الضفة والقطاع، وهي أكبر بقعة زراعية من نوعها في الأراضي الفلسطينية'.
وأضاف 'يعزل الجدار الغربي الذي شارف على الانتهاء ألفا ومائة كيلومتر مربع، تشكل 20 % من مساحة الضفة'.
ويشير أبو محسن إلى أن الزيتون يشكل 22% من المساحة المعزولة خلف الجدار، موضحا أن 37% من مساحة الزيتون في محافظة طولكرم تقع خلف الجدار، وتنخفض هذه النسبة قليلاً في سلفيت 33%، وقلقيلية 13%، وجنين 10%.
الجدار يسرق الشجر
وترك إقامة الجدار الفاصل على خطوط التماس ظلاله القاتمة على شجرة الزيتون، ووفقا لإحصائية اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي، فإن 170 قرية فلسطينية تقع في مناطق تسمى 'الارتداد الأمني للمستوطنات'، تضررت بشكل كلي نتيجة اعتداءات المستوطنين المستمرة على أراضيهم ومنعهم من الوصول إليها. وازداد قلق المواطنين على الموسم الذي انتظروه بفارغ الصبر لما يشكله من أهمية اقتصادية، خاصة في هذا الوقت الذي أنهك فيه العدوان الإسرائيلي الاقتصاد الفلسطيني.
وقالت وزارة الزراعة الفلسطينية في تقرير صدر عنها مؤخرا إن الجدار أدى إلى خسائر كبيرة في القطاع الزراعي، إضافة تهديد البيئة الفلسطينية وعزل عدد كبير من القرى والبلدات الفلسطينية، وخصوصا قرب طولكرم وجنين وقلقيلية.
وأظهر التقرير أرقاماً وإحصاءات تتحدث عن الخسائر الناجمة عن هذا المخطط، حيث تبين أن إنتاج الزيتون سينخفض بسبب تقطيع آلاف الأشجار المثمرة والمعمرة بمعدل 2200 طن من الزيت في الأعوام المقبلة، إضافة إلى انخفاض إنتاج ثمار الفواكه بمعدل 50 طناً، والخضراوات بمعدل 100 ألف طن سنوياً.
إسرائيليون يشاركون بقطف الزيتون
ويشارك في هذه الأيام مئات الناشطين في كتلة السلام الإسرائيلية المزارعين الفلسطينيين في قطف زيتونهم، بعد تعرضهم للعنف والتنكيل تحت أنظار جنود الاحتلال. وقال اوري أفنيري إن المستوطنين ينكلون ويعتدون على المزارعين الفلسطينيين بعنف وذلك لسرقة زيتونهم.
وأضاف 'هدف المستوطنين واضح، وهو إرغام الفلسطينيين على ترك كرومهم ليتسنى لهم الادعاء أنها متروكة وتوسيع مستوطناتهم وابتلاع هذه الكروم، وبعدها يستمرون في توسعهم للكرم الثاني والثالث، وبالتالي يفقد القرويون الزيتون الذي يعتاشون منه، وتابع 'كل من عنده ضمير يجب الوقوف إلى جانب الفلسطينيين الذين يتعرضون لهذه الهجمة'.
تعليقات