أحمد الديين يرصد 5 خطوات مطلوبة من الحكومة لتجاوز الأزمة وطيّ صفحتها، وإلا فـ“لا طبنا ولا غدا الشر”!

زاوية الكتاب

كتب 2193 مشاهدات 0


عالم اليوم

تعديل النهج وليس التعديل الحكومي! 
 
كتب احمد الديين
يتردد الحديث في بعض الأوساط النيابية والإعلامية عن الحاجة إلى إجراء تعديل حكومي بعد أن انتهت جلسة التصويت على طلب عدم إمكان التعاون إلى ما انتهت إليه، وما انطوت عليه من إشارات ودلالات... وهناك مَنْ يناقش الأمر من زاوية التوقيت المناسب لمثل هذا التعديل، وغير ذلك من تفاصيل وجزئيات لا صلة لها بجوهر الأزمة السياسية المحتدمة في البلاد ولا بأسبابها الحقيقية وأبعادها المختلفة، التي لا يصح اختزالها في الاستجواب الأخير لرئيس مجلس الوزراء ونتائج التصويت النيابي على طلب عدم إمكان التعاون معه، مثلما لا يمكن معالجة هذه الأزمة وحلّها عبر الاكتفاء بإجراء تعديل حكومي واسع أو محدود على تركيبة مجلس الوزراء، فالمشكلة ليست مشكلة هذا الوزير أو ذاك أو استمراره في منصبه أو استبداله أو تدويره، وإنما هي مشكلة أكبر من ذلك بكثير، إنّها بالأساس مشكلة نهج خاطئ وضار يجب أن يتغيّر قبل أن يتغيّر الأشخاص، بمَنْ فيهم رئيس مجلس الوزراء نفسه، الذي لا يكفي أن يتغيّر شخصه من دون أن يتغيّر نهجه، فما بالك بالوزراء وتغييرهم أو تدوير حقائبهم؟!
وربما كان مثل هذا الحديث عن التعديل الوزاري مناسبا لتجاوز أزمات سياسية محدودة شهدتها البلاد في أوقات سابقة بين المجلس والحكومة، أما اليوم فإنّ الأزمة أكبر من أن تنحصر في نطاق العلاقة بين السلطتين، إنّها أزمة سياسية عامة، وبالتالي فإنّ الحديث عن التعديل الحكومي حديث فاقد لمعناه وبعيد تماما عن الواقع المأزوم... كما أنّ التعديل الوزاري إن تحقق مع بقاء النهج الحالي على ما هو عليه، لن يعني سوى استبدال وجوه بوجوه وأسماء بأسماء وحاملي حقائب بحاملي حقائب، أما الأسباب الأعمق للأزمة فستبقى على ما هي عليه، كامنة أو متفجرة!
إنّ المطلوب قبل أي حديث عن تغيير الأشخاص، سواء أكان الشخص رئيس مجلس الوزراء أم أحد نوابه أم أيٍّ من الوزراء، هو الاعتراف بالخطأ، والتراجع عن النهج الخاطئ والضار؛ وتصحيح السياسات؛ وتعديل التوجهات؛ وإلغاء الإجراءات، التي أوصلت البلاد إلى ما أوصلتها إليه.
وإذا كان مطلوبا تحديد ما يفترض تحقيقه لحلّ الأزمة ومعالجتها، فإنّ المطلوب أولا أن يتم التراجع عن نهج الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني لمعارضي رئيس مجلس الوزراء من الكتّاب والنواب والناشطين... والخطوة الأخرى هي التراجع عن خطيئة إهدار مبدأ الحصانة الموضوعية المطلقة للنواب تجاه أعمالهم البرلمانية داخل مجلس الأمة، بحيث لا يكون رفعها غير الدستوري عن النائب الدكتور فيصل المسلم سابقة مفروضة قابلة للتكرار... والمطلوب ثالثا، أن يتم التأكيد على احترام حرية المواطنين في الاجتماع العام، التي هي أحد أهم الحريات الأساسية... والمطلوب رابعا، اتخاذ إجراءات لمعاقبة المتسببين المباشرين في قمع النواب والمواطنين المسالمين المجتمعين في ديوان النائب الدكتور جمعان الحربش ، حتى لا يتحوّل القمع البوليسي إلى نهج معتاد وأسلوب مقبول... والمطلوب خامسا، أن تسحب الحكومة مشروعي قانونيها الأخيرين لتعديل قانوني المطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع، لما ينطويان عليه من قيود ثقيلة مكبلة لحرية الإعلام، فما يتضمنه القانونان الحاليان من قيود وعقوبات تفي بـ “الحاجة” وتزيد، ولكن الحكومة تطبقها انتقائيا على معارضيها ومنتقديها وتتجنّب تطبيقها على القنوات المثيرة للفتن؛ والحاضّة على كراهية بعض فئات المجتمع؛ والمزدرية للنظام الدستوري في البلاد.
باختصار، هذه هي الخطوات الخمس المطلوبة من الحكومة لتجاوز الأزمة وطيّ صفحتها، ولن يجدي تجاهلها نفعا، ولا جدوى من أي تعديل حكومي، حتى وإن شمل رئيس مجلس الوزراء نفسه، مالم يتغيّر أولا النهج، الذي يتّبعه، وتُصحح الأخطاء وتُفتح صفحة جديدة حقا لنهج جديد ولسياسات وتوجهات جديدة... وبعد ذاك يمكن الحديث عن تغيير الأشخاص، بما يتناسب مع مثل هذا النهج والسياسات والتوجهات... وغير ذلك، ينطبق عليه المثل الشعبي “لا طبنا ولا غدا الشر”!

تعليقات

اكتب تعليقك