أحمد الديين يكتب عن الاستفزاز الحكومي فى رفض إقرار الكوادر المالية ورفض الاضرابات العمالية

زاوية الكتاب

كتب 417 مشاهدات 0



المبادرة الأميرية... والاستفزاز الحكومي! 
 
كتب أحمد الديين

 

جاءت المبادرة الأميرية السامية بدراسة زيادة رواتب موظفي الدولة في وقتها المناسب تماماً، وهي بالتأكيد محل ترحيب واسع... ولكن المؤسف أنّ الحكومة أقدمت في جلستها الأخيرة على القيام بخطوتين استفزازيتين غير مقبولتين، عندما رفضت من جهة إقرار الكوادر المالية، التي سبق أن اعتمدها «مجلس الخدمة المدنية» يوم الثلاثاء 13 نوفمبر الجاري، لأفراد الهيئة الطبية العاملة في وزارة الصحة، وللعاملين في القطاع النفطي، وللعاملين في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية... وكذلك عندما أعلنت الحكومة رفضها للإضرابات العمالية ولوحت باتخاذ إجراءات مشددة ضد العاملين المضربين، وكأن الإضراب عن العمل بدعة وجريمة تستحق العقاب!

ولست هنا في صدد معارضة حق الحكومة في تأجيل إقرار أي كوادر جديدة للعاملين في الدولة إلى حين الانتهاء من الدراسة الموعودة لزيادة الرواتب، ولكن الأمر مختلف تماماً ويصبح استفزازاً غير مأمون العواقب عندما لا تكتفي الحكومة بذلك التأجيل، بل تتمادى فتلغي الكوادر، التي سبق أن أقرها مجلس الخدمة المدنية قبل نحو أسبوع للعاملين في الهيئة الطبية، والقطاع النفطي، والخطوط الجوية الكويتية... فهذه الكوادر الملغاة أصبحت بحكم الحقوق المكتسبة للعاملين في الجهات الثلاث، ولا يجوز التحلل منها وشطبها وكأنها شيئاً لم يكن، خصوصاً أنّ مجلس الخدمة المدنية، الذي أقرها مكوّن من سمو رئيس مجلس الوزراء، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ووزير المالية، ووزير المواصلات، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزير النفط، وهم ستة من خمسة عشر يشكلون في مجموعهم قوام مجلس الوزراء... فكيف يمكن أن تتم موافقة هؤلاء الوزراء الستة على الكوادر قبل أسبوع واحد فقط، ثم يجري التراجع فجأة عن تلك الموافقة وتُلغى تلك الكوادر؟!

وحتى لا يفترض أحد أنّ موافقة «مجلس الخدمة المدنية» على تلك الكوادر جرت بسرعة ومن دون دراسة كافية، أمامنا النصّ الحرفي لتصريح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الأخ فيصل الحجي، الذي نشرته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) في أعقاب اجتماع مجلس الخدمة المدنية المنعقد الأسبوع الماضي بعد إقراره الكوادر، الذي يقول فيه بوضوح: «إنّ المجلس ناقش موضوع زيادة العاملين في المؤسسة والقطاع النفطي والأطباء، التي أخذت وقتها الكافي للدراسة والتمحيص من جهات مختلفة خلال فترة زمنية تجاوزت ثمانية أشهر»... وهذا يعني أنّ الكوادر الثلاثة باعتراف نائب رئيس مجلس الوزراء قد أشبعتها الجهات المختلفة بحثاً ودراسة وتمحيصاً، وبالتالي فلا معنى ولا مبرر لرفضها بعد إقرارها!

أما الخطوة الاستفزازية الأخرى فتمثّلت في إعلان الحكومة رفضها أسلوب الإضراب عن العمل، وتلويحها باتخاذ إجراءات حازمة تجاه الإضرابات العمالية وضد العاملين المضربين... وكأنّ حكومتنا تعيش خارج العصر، ولا تدرك أنّ الإضراب عن العمل حقّ مشروع تقره الاتفاقيات الدولية، وتجيزه قوانين العمل في معظم بلدان العالم، بما فيها بعض دول مجلس التعاون كمملكة البحرين في قانون النقابات العمالية الصادر في 2002 ودولة قطر في قانون العمل الصادر في العام 2004، وهو ليس جريمة ولا عملاً غير مشروع بحيث يُعاقب عليه العامل المضرب... بل أنّ الحكومة حتى لو أرادت فإنّها لا تملك حتى الغطاء القانوني لمنع التجمعات والاعتصامات العمالية وليس الإضرابات عن العمل، وذلك بعد أن قضت المحكمة الدستورية في العام 2006 بعدم دستورية المرسوم بقانون في شأن الاجتماعات العامة... فهل هي في وارد التصرف خارج القانون؟!

أما المفارقة الغريبة فتتمثّل في أنّ التلويح الحكومي بمجابهة الإضرابات عن العمل صدر فقط بعد يوم واحد من نشر وكالة الأنباء الكويتية (كونا) تصريحاً لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير المواصلات الأخ عبداللّه المحليبي أكد فيه بالحرف الواحد حق العاملين في الإدارة العامة للطيران المدني بأن «يقاتلوا لإقرار كادرهم... فالاعتصام حق مشروع لهم»... ولنا بعد هذا أن نتساءل: كيف يحق للعاملين أن يقاتلوا لإقرار كادرهم، وكيف يكون الاعتصام حقاً مشروعاً ومكفولاً لهم وفق التصريح الرسمي الصادر عن أحد أعضاء الحكومة، ثم يتحول في اليوم التالي مباشرة إلى عمل مرفوض يجب اتخاذ الإجراءات القانونية تجاهه وضد المشاركين فيه؟!

لا تفسير لدي لهذا التخبّط الحكومي الذي ما قبله ولا بعده تخبّط!
 


 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك