سمو الرئيس: استقالتك أفضل مع التقدير!

محليات وبرلمان

15674 مشاهدات 0


رأينا


 حتى الآن، فإن عدد من أيدوا عدم التعاون مع سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح بلغوا  22 نائبا أي بأكثر من 80% ممن أيدوا عدم التعاون المرة الأولى قبل سنة بالضبط (الرابط: http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=43356&cid=30
 أي أن المعارضة لحكومة سموه وإدارته للحكومة في تصاعد واضح وليست في تراجع، بما يعني أن الحكومة لم تتعلم من أخطائها في الماضي، وحافظت على نفس الفريق الذي أوصلها للأزمات السابقة، ونفس الفريق المعاون والاستشاري الذي قادها إلى هذه اللحظة التاريخية الحاسمة.
ومع احتمال امتناع النائب حسن جوهر- والامتناع هنا يعني عدم منح الثقة للحكومة، أي أن 46% من ممثلي الشعب يرفضون التعاون مع سمو رئيس الوزراء. وإذا أخذنا في الاعتبار غياب النائب مبارك الخرينج وتوزير النائب روضان الروضان، فإن 25 نائبا أي 50% فقط يؤيدون التعاون مع حكومة سموه. ولكن الفارق كبير بين من هم مع الحكومة، وأولئك الذين ليسوا مع التعاون معها: فمن هم ضد الرئيس هم الكتل الثلاث الرئيسية: الشعبي والتنمية والإصلاح والوطني. وبالتالي فإن كتلة النواب الشيعة- مع اختلافاتهم- هي الكتلة البرلمانية الوحيدة التي تقف مع الحكومة، على اعتبار أن الآخرين مستقلين بلا امتدادات شعبية أو ربما مستغلين (بالغين) للوضع لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الشخصية والانتخابية، والمثل يقول: 'من حبّك على لقمة، أبغضك على فقدانها'.
 إن بقاء الحكومة عبر التصويت بهذه النسبة المتقاربة يعتبر نهاية عملية للحكومة بموجب المذكرة التفسيرية من الدستور والتي جاء فيها: ' أما رئيس مجلس الوزراء الذي يتكرر قرار عدم التعاون معه وفقا للمادة 102 فلا مندوحة من تطبيق المادة 103 في شأنه حتى لا يكون هناك فراغ وزاري ، والأغلبية المنصوص عليها في المادتين 101 و102 ( وهى أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء ) مقتضاها أنه إذا كان عدد الوزراء من أعضاء مجلس الأمة عشرة مثلا فالأغلبية اللازمة لسحب الثقة من الوزير هي أغلبية الأعضاء الأربعين غير الوزراء ، أي واحد وعشرون صوتا على الأقل .
ولقد تكرر تقديم الاستجواب لسمو الرئيس ست مرات، وحلت الوزارة بسبب تقديمها مرتين، والمجلس حل ثلاث مرات، والمذكرة التفسيرية بما نصت عليه أعلاه توجب وجوبا معنويا أن يتقدم سمو الرئيس باستقالته حتى قبل التصويت على طرح الثقة فيه يوم الأربعاء القادم.
 إن استقالة سمو الشيخ ناصر المحمد عن رئاسة الوزراء أفضل له من البقاء رئيسا للوزراء بأغلبية ضئيلة، فالاحتمالات أن من صوت مع عدم التعاون، لن يغير موقفه بالتعاون في حكومة سبق أن طالب بعدم التعاون معها، والاحتمالات أن من يصوت مع الحكومة اليوم –لسبب أو لآخر- قد يغير موقفه غدا، إمانزولا عند الضغط الشعبي برفض الحكومة، أو لأن مطالب البقاء في خندق الحكومة أصبح باهضا على الحكومة نفسها. ولو استمر سموه برئاسة الوزراء بأغلبية ضئيلة، فإنه سيبقي حكومته رهينة لمن وقف معها من النواب، وستكون عرضة لكافة أنواع الابتزاز السياسي والمالي وغيره.
 كما أن بقاء الحكومة بأغلبية ضئيلة لا يعني تحصين رئيسها من استجوابات قادمة، والأكيد بأنه لن يمنع استجوابات للوزراء تم تأجيلها لصالح استجواب الرئيس نفسه.
 إن حملة من النفاق السمج، والردح الغريب على تاريخ الحكومات الكويتية رافقت الممارسة الدستورية من قبل بعض النواب لاستجواب سمو الرئيس، وتجاوزت الحملة وحفلة التأييد المزعوم كل معايير الأخلاق والقيم والقانون، وادعت هذه الحملة المنافقة النادرة أنها تقف مع الحكومة ومع النظام ومع الشيوخ ضد من يعادونهم، وهو محض افتراء وفرية ما بعدها فرية، فالجميع يؤكد ولاؤه للنظام، والجميع ينضوون تحت لواء الشرعية الدستورية، والكافّة يكنون الاحترام والتقدير لأسرة الحكم- أسرة آل صباح الكرام.
  كان هذا النفاق الرديء ينطلي على بعض السذج في السابق-ربما في الاستجواب الأول أو الثاني أو حتى السادس، وكان سلاح النفاق والدجل السياسي في حينه، أنها استجوابات شخصانية، وتارة قبلية، وأخرى مصلحية، ولكن الجبهة النوعية العريضة من النواب في هذا الاستجواب، والشمولية السياسية للقوى الفاعلة، لا تترك مجالا للشك بأن موقفها هو انعكاس لرفض شعبي عارم للحكومة. هذه هي الحقيقية، وهذه هي القراءة الصادقة للأرقام مهما ردح الرادحون، ورقص المنافقون، واستعرض المرتزقة والكتبة ومساحو الجوخ.
 كثيرون- من بينهم خصوم الرئيس- يعتقدون بأن الشيخ ناصر المحمد لم يرتكب كل الأخطاء الجسام، وبأن فرقا أحاطت به منذ اليوم الأول لتسلمه رئاسة الوزراء، وحاكت كثيرا من الألاعيب، وصاغت لها مصالح خاصة على حساب الرئيس أو باسمه أحيانا، لكن الجميع متفقون بأن الرئيس هو المسئول الأول عن كل الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها الحكومة.
 إن خروج شخصية بمكانة سمو الرئيس مستقيلا بمحض إرادته، سوف تعزز فرصه بالعودة إلى أماكن قيادية في البلاد مستقبلا، ولكن التصويت بعدم التعاون –وإن بنسبة عالية وليست بكافية- لهي إضعاف لفرص سموه في لعب دور قيادي في المستقبل. فلقد خرج قادة من أسرة آل الصباح الكرام بمحض إرادتهم، ثم عادوا ليساهموا في قيادة البلاد، لكن التاريخ لا يسجل لنا إعادة من تم إبعاده قسرا وليس بمحض إرادته.
 إن استقالة سمو الرئيس، ستضعف من مواقف خصومه- سواء في البرلمان أو في أي مكان، وستجعل حججهم في المعارضة المستقبلية أضعف مما هي عليه اليوم، وسيرى المستقبل في ناصر المحمد مخلصا للبلاد من أزمات دستورية قادمة، ورجلا سد الذرائع وآثر الابتعاد حفاظا على العلاقة بين السلطتين واحتراما لإرادة الناس.
لذا نقولها بكل الاحترام والتقدير: الاستقالة يا سمو الرئيس!

رأينا
 
 


 

رأينا

تعليقات

اكتب تعليقك