اليمن:خطيئتنا الاستراتيجية
عربي و دولينجحت في التحدي، واثبتت قدرتها على اللحاق بالركب
يناير 1, 2011, 5:10 م 3382 مشاهدات 0
في مدن الخليج المرفهة نصاحب افلاطون نهارا لزيارة موقع بناء مدينته الفاضلة ونسأله ان كان يريد مقاولا،ثم نتجول في الليل مع فولتير في صالونات باريس الادبية نحمل بدل اوراق الحرية عقود لصفقات تجارية،لنختم السهرة بالاشتباك مع هيجل ونظرية الجدل الديلكتيكية لخروجها عن اصول المفاوضات، وقبل ظهور الصباح تصيح علينا مذيعة وقحة الاناقة بأن الحكومة اليمنية قد أرسلت تعزيزات عسكرية إلى حبيلين في محافظة لحج جنوب البلاد، بعد مواجهات دامية،ومقُتل الناشط الجنوبي عباس طنباج و5 عسكريين، ما يثير المخاوف من تجدد المواجهات المسلحة ودعوة الانفصال والحرب الاهلية،التي تتزامن مع اكتشاف تعاون لوجستي بين حركة الشباب الصومالي الاصولية وتنظيم القاعده في جزيرة العرب الذي يتخذ من اليمن مقرا.فنتذكر ان قائد الحوثيين عبدالملك الحوثي مشغول فقط عن ساحة الحرب لانه في سرداق العزاء بعد أن انتقل الى رحمة الله والده الطاعن في السن الزعيم الروحي بدر الدين الحوثي .
إن استقرار اليمن وتنميته هي أحد الأهداف الإستراتيجية لمجلس التعاون، كما قال وزير مسئول ذات قمة خليجية،فهل تحركت لذلك غريزتنا الاستراتيجية ،مصالحنا، او ضمائرنا ؟.
إن الضمير لا يحول أبدا دون ارتكاب الخطيئة ولكنه يمنع من التمتع بها.وخطيئتنا التي لا نستطيع انكارها هي ترك اليمن يواجه مصيره كما واجهها الصومال وانهار بعدها مخلفا بؤرة أزمات يطالنا شررها بين الفينة والاخرى،ويواجهها السودان بنذر الحرب حال فشل الاستفتاء او إفشاله،ثم العراق بعد تلويح الاكراد مؤخرا بحق تقرير المصير وتبعات انفصالة .
بناءً على قراءة التغيرات المقبلة على الساحة الاقليمية وفي خطاب حول الاستراتيجية الأميركية في معالجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية في اليمن حماية لمصالحها الانانية الضيقة، أكد جون برينان إن 'اليمن يهمنا ويهم العالم.. واليمن مهم ليس فقط بسبب التهديدات الخارجة منه، بل بسبب موقعه الاستراتيجي أيضا'. وأضاف مستشار الرئيس الأميركي لمكافحة الإرهاب أن هناك استراتيجيتين، واحدة قصيرة الأمد لهزيمة تنظيم القاعدة، وثانية لمساعدة اليمن على التنمية الاقتصادية. لكنه لم يقل إن تحقيق الاولى سيتم بإعتماد دبلوماسية الطائرة بدون طيار ' Unmanned Aerial Vehicle' التي اثبتت قلة كلفتها ونجاحها في جبال افغانستان وحدود باكستان في وفاء لدبلوماسية غربية قديمة هي دبلوماسية البوارج ' Gunboat Diplomacy' التي اخضعتنا بها بريطانيا في القرن التاسع عشر دون ان تكلف نفسها عناء مشاهدة ماتخلفه من دمار فوضوي. أما الثانية فهي الدعم المالي لليمن و الذي كان 22 مليون دولار عام 2008 م ووصل إلى 300 مليون دولار عام 2010 م، لكنه لم يشر الى أن هذه الاموال هي من جيوب مجموعة الدول المانحة لليمن وليست من جيبه ،والتي من ضمها دول الخليج العربي ،كما لم يشر الى أنها ستذهب كغيرها لشراء الولاءات القبلية لحرب القاعدة بدل إنشاء مشاريع التنمية المستدامة .
و في الخليج فلم نكن مرتبكين تجاه اليمن استراتيجيا فحسب بل عاجزين عملياتيا،يدعمنا رأي خلقته وسائل الاعلام والمجموعات التجارية الخليجية لا رجال السياسة، ويذهب ذلك الرأي الى ان ضم اليمن لمنظومة أمن الخليج لن يكون قوة للمجلس،او يحمي اليمن من لانهيار،بل إن انضمام اليمن الى مجلس التعاون سيجر مجلس التعاون معه الى الأسفل.حيث إن عدم الترحيب الخليجي الشعبي كما تقول وسائل الاعلام مرده ان صورة اليمن في الشارع الخليجي ليست حسنة! فاليمن بتعداده السكاني الكبير وفقره، سيزاحمهم في مواردهم ولقمة عيشهم ! وفي ذلك تغييب لحقيقة ان هذا الرأي تأصل بسبب توجهات اقتصادية بحته غذاها قصر النظر الاستراتيجي الذي تروجه وسائل الاعلام لا مراكز الابحاث الاستراتيجية، وفي ذلك تجاهل لحقيقة صلبة تتمثل في ان انهيار استقرار اليمن يهدد استقرار دول مجلس التعاون كما هدده انهيار افغانستان وتلاميذ مسارح عملياتها وهي التي تبعد آلاف الاميال عن الخليج .
في نهاية دورة الخليج الـ20 في عدن تمسك فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بالكأس ورفعه عاليا للحظات معدودة قبل تسليمة لقائد منتخب الكويت، حيث ظهرت اللحظات وكأنها دهرا، فقد كان الرئيس صالح هو الفائز حين نجحت اليمن في التحدي،واثبتت قدرتها على اللحاق بالركب. وتكاد أن تلمس بيديك شعوره وهو يقول نحن منكم . حيث شعرنا بصدق بإن الضمير لا يحول أبدا دون ارتكاب الخطيئة ولكنه يمنع من التمتع بها.وخطيئتنا التي لا نستطيع التنصل منها هي قصر النظر وترك اليمن يواجه مصيره.
تعليقات