أحمد الديين يخشي أن نشهد اليوم محاولة حكومية جديدة لتكريس سطوة “سلطة الأمر الواقع” وتأكيد تفوقها على سلطة الدستور..!

زاوية الكتاب

كتب 764 مشاهدات 0



عالم اليوم


محاصرة بيت الأمة! 
 
كتب احمد الديين
هناك دستور ولكن الأهم أنّ هناك “سلطة أمر واقع”... هذا مع الأسف ما آلت إليه أحوالنا في الكويت... فالدستور وفقا للمادة 118 منه ينصّ على أنّ “حفظ النظام داخل مجلس الأمة من اختصاص رئيسه، ويكون للمجلس حرس خاص يأتمر بأمر رئيس المجلس. ولا يجوز لأي قوة مسلحة أخرى دخول المجلس أو الاستقرار على مقربة من أبوابه إلا بطلب رئيسه”...  ومن هنا فلئن كان صحيحا الجزء الأول من تصريح رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي أمس حول الإجراءات الأمنية التي تحيط حاليا بمبنى مجلس الأمة، من أنّ “صلاحيات الرئيس هي داخل المجلس”... فإنّ ما جاء في الجزء الآخر من التصريح لم يكن دقيقا، أو لنقل ليس كاملا، وذلك عندما قال أنّه ليس من اختصاص الرئيس الإجراءات الخاصة خارج المبنى، وإنما هي من اختصاص الحكومة، ذلك أنّ هذه الإجراءات الأمنية لا تتم في أي شارع أو طريق أو ميدان عام، حتى تكون من اختصاص الحكومة، وإنما الواقع أنّ هناك قوة مسلحة أخرى غير حرس مجلس الأمة تستقر على مقربة من أبوابه، على خلاف الفقرة الأخيرة من المادة 118 من الدستور، وهذا تصرف غير دستوري إذا لم يكن بطلب من رئيس مجلس الأمة... ومن الواضح أنّ  رئيس المجلس حاول عبر تصريحه إن يعلن بطريق غير مباشر أنّه لم يطلب استقرار هذه القوة المسلحة على مقربة من أبواب مجلس الأمة، وبالتالي فإنّ استقرار هذه القوة بالقرب من المجلس من دون طلب رئيسه إنما يمثّل مخالفة دستورية صارخة تضاف إلى سابقاتها من مخالفات، والمفارقة أنّ هذه المخالفة تتمّ في الوقت الذي تنعقد فيه جلسة مجلس الأمة المقررة لمناقشة استجواب رئيس مجلس الوزراء حول انتهاك الحكومة أحكام الدستور والتعديّ على الحريات العامة، وهذا ما يثبّت بالملموس وبالشواهد الحيّة وعلى مرأى أعضاء مجلس الأمة جميعهم ما جاء في محور الاستجواب في شأن انتهاك الحكومة الدستور وتعديها على الحريات العامة، بل أنّه يمثّل إصرارا حكوميا على تكرار الانتهاك ومواصلة التعدي!
ومع الأسف الشديد فإنّ هناك سابقتين خطيرتين لمحاصرة قوات الأمن مبنى مجلس الأمة والمرابطة على مقربة من أبوابه، وما كان ينبغي لهما أن تمرا، السابقة الأولى تمت يوم الثلاثاء 16 مايو من العام 2006 عندما رابطت قوات الشرطة أمام أبواب مجلس الأمة لمنع المواطنين من حضور جلسة المجلس المنعقدة يومذاك لمناقشة موضوع الدوائر الانتخابية... وتكررت تلك السابقة على نحو أسوأ يوم الخميس 10 ديسمبر من العام 2009 لمنع التجمّع أمام مجلس الأمة عندما كان مقررا أن يناقش موضوع البدون في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حيث أدّى ذلك الحصار الأمني لمبنى مجلس الأمة إلى عرقلة وصول العديد من النواب إلى الجلسة، وتسبب في عدم توافر النصاب فتمّ رفعها، وهذا ما كانت الحكومة تسعى إليه!
إنّ مبنى مجلس الأمة ليس دائرة حكومية ولا هو مقر وزارة من وزارات الدولة وإنما هو بيت الأمة، الذي حصّنه الدستور بمنع أي قوة مسلحة غير حرس المجلس من دخوله أو الاستقرار على مقربة من أبوابه إلا بطلب من رئيسه... ومن حقّ أفراد الأمة حضور جلسات مجلسهم، التي لا يمكن أن تبدأ سرية، وإنما تبدأ علنية، ويمكن أن يحضرها الجمهور، وعندما تنعقد الجلسة السرية فإنّ الإجراء المقرر في المادة 70 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة هو أن تُخلى قاعة المجلس وشرفاته فقط، ولم تنصّ اللائحة على إخلاء المبنى من المواطنين وطردهم خارج بيت الأمة.
الخشية أن نشهد اليوم محاولة حكومية جديدة لتكريس سطوة “سلطة الأمر الواقع” وتأكيد تفوقها على سلطة الدستور..!
 

 

تعليقات

اكتب تعليقك