الشيوخ يتوقون لزمن السلطة المطلقة، والحضر يعيشون بعقلية السور ، والبدو مازالوا رهن الغزوات ، والشيعة يعانون عقدة الخلافة المغصوبة..لذا يرى فهد البسام أن الزهايمر مفيد أحيانا
زاوية الكتابكتب ديسمبر 24, 2010, 12:48 ص 2494 مشاهدات 0
الراى
فهد البسام / نقطة / الزهايمر مفيد أحياناً...
الألم على قدر عبثية المرحلة، ساحت المواقف على الرجال فما عدنا نعرف اتجاه بوصلتنا، مهما حاولنا الإضفاء على المشهد مصطلحات وتحليلات سياسية ودستورية وشعارات مبدئية فإنني أظل لست مقتنعاً بأنها صراعات سياسية حقيقية، لست حكيماً ولا مدعيها ولكنها بمنظوري المتواضع صراعات تاريخية مغلفة «بسوليفان» سياسي لا مبدأ فيها أو ثابت إلا التاريخ، الكل يُعلي من شأن موقفه بادعاءات المبدأ وحماية القانون والدستور وهو انتقائي يختار ما يشاء من مواد هذا الدستور المسكين وبما يناسب تاريخه الذي لا يريده أن يزول أو يريد الاستفادة منه قدر المستطاع، فالشيوخ أسرة الحكم يتوقون لزمن السلطة المطلقة والهيبة الاجتماعية الرادعة ويودون الحفاظ عليها، والحضر يعيشون بعقلية السور والأقدمية والتعب الذي عاناه أجدادهم، والتجار مازالوا يريدون الناس أن تقدرهم لعطايا أجدادهم قبل أكثر من قرن من الزمن، والبدو مازالوا رهن الغزوات والانتصارات والمعارك التي يودونها ألا تنتهي، والشيعة مع مظلوميتهم المستديمة حيث مازالوا يمارسون العمل السياسي في القرن العشرين بالكويت بعقدة الخلافة المغصوبة، أما السلف والمتدينون السنة فإنهم أكثر الأطياف وضوحا حيث لا يخفون رغباتهم بعودة التاريخ للوراء والعيش في كنف الصحابة، ارفعوا غشاوة الحداثة والاختراعات وستجدون أن بطل كل جماعة مازال يحتل عقولنا ويعيش بيننا بجزء منه على الأقل، وهكذا قس على الجميع مهما ادعوا خلاف ذلك وزادوا من المصطلحات الرنانة لتعطيهم شرعية سياسية حديثة، نحن في الحقيقة نعيش زحمة تاريخ ونستولوجيا وإسرائيليات وأساطير، فالكل يريد أن يفرض قيّمه وعاداته وأفكاره على الآخرين، ربما دون أن يعي هو أصلاً ذلك لكنها هذه هي الحقيقة المنكرة.
نريد قفزة للأمام لا عودة للخلف، فالدستور عندما جاء كان يفترض أن يكون هو الخط الفاصل عما سبق ومنصة الانطلاق الجديدة للدولة والمجتمع، ينظم علاقات وخلافات الناس بواقعية بعيدا عن التاريخ وخيالاته، ينظم علاقة المحكوم بالمحكوم قبل علاقة الحاكم بالمحكوم، فالناس وهذه طبيعتهم لن يتفقوا على شيء حتى بالجنة، فهناك من يريد أنهار الخمر وهناك من يسعى للحور العين ولو شاء الله لجعلنا أمة واحدة ونسخاً مكررة، في القرن الواحد والعشرين عصر القنابل الذكية والكتب الالكترونية و«التويتر» يفترض في من يريد العمل بالسياسة أو أي شأن آخر ويثق بصحة رأيه وسلامة منطقه وقوة حجته ألا يحتاج لإثارة النعرات القبلية والثأرات التاريخية والقصص الفلكلورية، فالحق دائماً قوي بذاته ولا يحتاج لأحد، أكاد أجزم بأن الكثير ممن يقرأني الآن متفق معي لكنه للأسف لن يجرؤ على السباحة عكس تيار جماعته أو الإفصاح عن رأيه، حتى ذلك الحين سيستمر الوضع على ما هو عليه وما على المتضرر إلا الدعاء وانتظار القضاء والقدر، ختاماً أكرر، لست حكيماً لكني أعرف يقيناً بأن من يريد المستقبل لا يضيع الحاضر بتقمص الماضي.
فهد البسام
تعليقات