موضة احتلالية جديدة..
عربي و دوليتصريح لكي يدخل المزارع الفلسطيني أرضه
نوفمبر 18, 2007, 11:20 ص 186 مشاهدات 0
'تخيل أنني ممنوع من دخول ارضي لأقطف محصولي الزراعي، إلا بعد أن احصل على تصريح من الجنود المحتلين، أليست هذه من عجائب الدنيا الجديدة التي لم يكتشفها أحد بعد!!'.. بهذه الكلمات التي تعبر عن مدى الظلم التي يعيشه الفلسطينيون جراء ممارسات الاحتلال، بدأ المزارع لطيف عليان من إحدى القرى القريبة على جدار الفصل العنصري حديثه معنا وهو يرفع بيده أوراقا مختومة بخاتم ما تسمى 'الإدارة المدنية' التابعة لسلطات الاحتلال الإسرائيلية تسمح له بدخول أرضه الواقعة خلف الجدار ليوم واحد فقط وإن شوهد فيها في الأيام التالية يعتقل ويزج به في السجن.
يقول المزارع عليان وهو من بلدة طورة الغربية قضاء محافظة جنين شمال الضفة الغربية: 'فقدت بلدتنا نصف مساحتها بسبب الجدار الفاصل الذي أقيم على أجزاء منها، وأصبح الجزء الأكبر خلف الجدار، الأمر الذي جعل جنود الاحتلال يتحكمون بمن يدخل إليها أو يخرج منها بعد أن وضعوا بوابات إلكترونية تحول دون الوصول إلى الأراضي إلا بعد موافقتهم'.
ويضيف 'مزاجية الجندي الذي يقف على البوابة هي الحكم، فقد يسمح لنا بأن نمر دون تفتيش أو عرقلة، وقد يمنعنا لمجرد أنه بحالة مزاجية سيئة وبالتالي يحرمنا من الوصول إلى أرضنا والاعتناء بها وقطف ثمارها في المواسم الزراعية'.
لكن عقلية الاحتلال تتفتق يوميا عن ممارسات غريبة، فقد بات الجنود يمنعون المزارعين من الوصول لأراضيهم إلا بموجب تصاريح صادرة عن 'الإدارة المدنية'، يخضع الذي يريد الحصول عليها على اختبار أمني، والعشرات ممن قدموا للحصول على رخصة منعت عنهم بذرائع أمنية، مما كبدهم خسائر مادية فادحة.
المزارع عليان ومنذ إقامة الجدار على أراضي قريته طورة الغربية يسعى جاهدا للحصول على تصريح للعمل بأرضه. يقول: خلف الجدار تقع أرضي البالغة مساحتها 50 دونماً ويعيش من خيراتها نحو 75 نفراً، ورغم ذلك ما زالت سلطات الاحتلال ترفض منحنا تصريحاً رغم أنها المصدر الوحيد لمعيشتنا.
وتبلغ مساحة الأرض التي اقتطعها الجدار من أراشي القرية وباتت خلفه أي ضمن أراضي 'دولة' الاحتلال حاليا نحو ألف و100 دونم، وغالبيتها زراعية. وتتحكم سلطات الاحتلال بعبور الأهالي إليها عبر بوابة يتحكم فيها جيش الاحتلال، بحيث يقيد الحركة ويمنعها في كثير من الأحيان، تارة من خلال إغلاق البوابة وأخرى من خلال منع التصاريح، ولكن في كل الأحوال فإنها مصدر لمعاناة الأهالي الذين يضطرون لقطع مسافة طويلة بسبب الجدار رغم أن الأراضي تقع بمحاذاة البلدة.
برطعة.. نموذج أخر
قرية برطعة نموذج صارخ لممارسات الاحتلال، فقد قسمها الجدار لنصفين وحرم عشرات المزارعين من أراضيهم التي باتت خلفه ولا يستطيعون الوصول إليها مطلقا.
المزارع سليم الشرقاوي (70 عاماً) لديه 100 دونم زراعية، لكنها لا تساوي الآن شيء لعجزه عن العمل فيها لكبر سنه وكذلك بسبب الإغلاق ورفض سلطات الاحتلال منحه تصريحاً.
يقول 'إنها سياسة التجويع والحصار التي تمارَس بحقنا بشكل مبرمج، خاصة في ظل المضايقات اليومية التي نتعرض لها من قبل دوريات الاحتلال التي تنتشر بشكل دائم على امتداد الجدار وقرب أراضينا'.
والأشد مرارة انه حتى الأراضي الواقعة جهة القرية وبمحاذاة الجدار لا يتمكن أصحابها من زراعتها بسبب إجراءات الاحتلال الذي يمنع الاقتراب من الجدار سواء للزراعة أم حتى لرعاية الماشية. ومؤخرا أطلق جنود الاحتلال النار على أحد المزارعين عندما كان يعمل في أرضه المتاخمة للجدار وطردوه منها، ما أثار حالة من الخوف والقلق لدى كل مزارع بحيث أصبحت المناطق المتاخمة للجدار داخل حدود القرية مغلقة ويصعب على أصحابها زراعتها أو الاستفادة منها.
هذه الإجراءات انعكست بشكل بالغ على حياة الأهالي. يقول رئيس المجلس القروي إن القرية تعتمد في مصدر دخلها على العمالة داخل الخط الأخضر، والتي توقفت بشكل كامل بسبب الإغلاق والحصار المحكم المفروض على الفلسطينيين منذ اندلاع انتفاضة الأقصى قبل 7 سنوات، الأمر الذي رفع معدلات البطالة بشكل لم يسبق له مثيل.
ويضيف: لذلك عادت غالبية هؤلاء المواطنين للعمل في أراضيهم والزراعة، ولكن سرعان ما جاء قرار إقامة الجدار الذي أجبر بناءه عدد كبير منهم على فقدان أراضيهم، لذلك فإن الوضع مأساوي في ظل تفشي البطالة وتدهور الأوضاع المعيشية.
مواطن أخر من القرية يشير إلى أن حياته أصبحت مأساوية لأنه لم يعد قادرا على توفير قوت عائلته المكونة من 6 أنفار، أحدهم في الجامعة. يقول واصفا حاله 'بعد فقداني لعملي داخل الخط الأخضر عدت لأرضي، ولكن الاحتلال شل كل حياتنا بالحصار أولا، والجدار ثانيا، ولا ندري كيف نتدبر أمورنا؟'.
وسط هذه المعاناة، بدأت قوات الاحتلال، بحملة لمنع الأهالي من البناء أو الإعمار قرب منطقة الجدار، فبينما ترفض إصدار تراخيص بناء في المنطقة كونها مصنفة كمنطقة 'ج' حسب اتفاقية أوسلو، فإنها أقدمت على هدم منزل أحد المواطنين المشيد منذ 15 عاماً، ثم سلمت قرارا بالهدم لأصحاب 'بركسات' (حظائر) زراعية وتجارية.
احدهم فقد عمله، فبعد أن شيد 'بركسا' لتربية الدواجن في أرضه، أصدرت سلطات الاحتلال قراراً بهدمه لقربه من الجدار. يقول 'لم يبق لنا سبيلا للحياة في ظل هذه الإجراءات التعسفية، ولم يعد أمام الاحتلال سوى منعنا من الطعام الشراب وتركنا نموت من الجوع'.
رئيس المجلس أكد أن المؤسسات والأهالي يواصلون العمل في إثارة قضيتهم لدى الجهات المعنية التي اتهمها بالتقصير في متابعة قضايا المواطنين وانتهاكات الاحتلال قانونيا، وطالب بتشكيل لجنة قانونية للدفاع عن أهالي القرى القريبة من الجدار وتحديدا طورة الغربية وبرطعة ووقف الهجمة المتواصلة عليهم، والتي تزداد شراسة في ظل الظروف الراهنة.
تعليقات