قراءة خليجية في إقالة وزير الخارجية

عربي و دولي

6675 مشاهدات 0

نجاد لمتكي 'جزاك الله خيرا'


 سلم وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي رسالة الى الرئيس السنغالي عبدالله واد من الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، وبعد ساعة واحدة بعث نجاد الى متكي رسالة يعفيه فيها من منصبه  ويختمها بالكلمات التالية ' آمل ان تنال جهودكم الجزاء من عند الله وان تنجح في سائر حياتك في خدمة شعب الامة الاسلامية'.فهل غامر الرئيس الايراني باعطاء اعداء  بلاده مجالا وفرصة دعائية  لترويج عدم استقرار السلطة في طهران دون ان تكون هناك مبررات كافية لاقالة متكي الذي كانت آخر اعماله الوطنية إدارة ظهره لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون في منتدى المنامة قبل ايام  . لم تشر وكالة الانباء الايرانية الى اسباب الإقالة ، لكن المراقب للشأن الايراني يمكن ايجازها في النقاط التالية :
أولا:  يرى البعض ان الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد يحاول خلق ظرف سياسي  يؤدي الى  تعطيل أو تاخير المباحثات النووية الايرانية مع مجموعة 5+1 ، ولعل أكبر تأكيد على هذا الاحتمال هي مخاوف وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الذي  دعا طهران الى الاستمرار في التفاوض مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي المثير للجدل  رغم اقالة منوشهر متكي .
 ثانيا : نية نجاد ان تكون سياسة ايران الخارجية منصبة على موضوع طموحها النووي ويسند هذا التفسير إختيار مدير الوكاله الذريه الإيرانيه علي اكبر صالحي  ليكون وزيرا للخارجية ولو بشكل مؤقت قد يطول كما يشتهي نجاد  .
 ثالثا : الخلاف بين وزارة الخارجية ورئاسة الحكومة،وقد ظهرت الخلافات اكثر من مرة  وعلى أكثر من صعيد،سواء كخلافات شخصية بين نجاد ومتكي والتي وصلت حد تفكير نجاد بإقالة متكي قبل عامين لولا نجاح وساطة بين الطرفين . أو بسب خلافات عمل تمثلت في ان متكي قد عارض رغبة الرئيس الايراني في قيام  دبلوماسية موازية  لوزارة الخارجية تسلم الى مجموعة صغيرة من مستشاريه القريبين. بالاضافة الى انزعاج متكي من  تدخلات  بعض المحيطين بنجاد في الخارجية. ثم التدخل السافر لنجاد في اعمال وزارة الخارجية  و تعيينه مبعوثين خاصين له إلى بعض الدول بدون التنسيق مع الوزارة ،خصوصا عندما ارسل نجاد  نسيبه  سفنديار رحيم مشائي الى الاردن حاملا رسالة للملك عبدالله بن الحسين، وقد كانت هذه الحادثة وقود لانتقاد حاد تلقاه نجاد من اعضاء في البرلمان قبل ايام من إقالة متكي . 
رابعا: الصراع بمعناه الواسع بين البراغماتية والايديولوجية في تسيير السياسة الخارجية الايرانية ، حتى انه قيل ان اسباب اقالة متكي تنحصر في تعامله اللطيف مع الشيطان الاكبر عندما وصف تصريح وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خلال منتدى المنامة  حول امكان السماح لايران بتخصيب اليورانيوم بشروط معينة.بـ(خطوة الى الامام) .يضاف الى ذلك الخلاف بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وبين عدد من الوزراء في حكومته بشأن الاهتمام أكثر بالسياسة الداخلية على حساب السياسة الخارجية.
خامسا : الخلافات بين سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية  و الرئيس محمد أحمدي نجاد،فعندما أعلن  نجاد  في العام الماضي موافقته على امكانية تبادل اليورانيوم، أعترض خامنئي على ذلك علانية، وكان متكي متحالف مع خامنئي في هذا الشأن لذا ازاحه نجاد عن طريقة لتنفيذ مايراه .أوهي رسالى لخامنئي  مفادها انني سازيل المقربين منك عن حكومتي .
سادسا: الخلافات بين رئاسة الحكومة والبرلمان الايراني ،حيث إن متكي قريب من علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى والمعارض لاحمدي نجاد. وقد ذهب متكي ضحية لنزاعات داخل المعسكر المحافظ  .
 
 لقد ذهب من يجهل السياسة الداخلية الايرانية الى القول بأن نجاد  قد  فجر مفاجأة دبلوماسية بإقالة متكي، وفي ذلك قصور في متابعة الشأن الايراني، وأسلوب عمل الرئيس نجاد الصارم ، ففي منتصف عام 2007م عزل وزير نفطه كاظم وزير هامانه، في خطوة اعتبرها محللون محاولة للسيطرة على وزارة توفر أكبر جزء من الإيرادات الحكومية، كما أقال وزير الصناعة علي رضا طهمسبي. وفي العام الماضي عزل نجاد أربعة وزراء دون انذار مسبق وهم وزراء الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد حسين سفر حاراندي والعمل والشؤون الاجتماعية محمد جهرومي والصحة كامران باكيري لانكاريني والاستخبارات غلام حسين محسني إجيي.
 
فأين نحن مما يجري في السياسة الخارجية لأكبر وأقرب وأخطر وأهم جار لنا في الخليج العربي ؟
 
لقد ملأ الرجال العرب الدرجة المُقرّرة لهم في تاريخ وزارات الثورة الايرانية كأسوأ من يتعامل مع إخوانهم العرب على الضفة الاخرى. وهذه النظرية قد  تبدأ من فرضية هشة ،فليس لدينا لاثباتها الا وزير الدفاع السابق علي شمخاني،لكن يكفينا ما له من دور بارز في القضاء على الحركات العربية في الاحواز، ثم لقائه المشهور على قناة الجزيرة مع الاخ علي الظفيري حيث بدأ اللقاء بكلمات عربية بلهجة اهوازية  واضحة قال فيها 'سلام عليكم مسالكم الله بالخير'  نافيا جهله بالعربية ليكمل حديثه لنا بالفارسية عن عمد  رغم عدم تقلده آنذاك لمنصب يحتم عليه البروتوكول ان يتحدث بلغة بلاده . وليبشرنا بعدها  قائلا أن دول الخليج ستكون هدفا للصواريخ البالستية الإيرانية،وأن إيران لن تضرب القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة فحسب بل ستستهدف أيضا أهدافا استراتيجية لدول الخليج.
الدرجة المُقرّرة للعرب في تاريخ وزارات الثورة الايرانية يشغلها الان الدكتور علي اكبر صالحي، فقد عينه الرئيس نجاد وزيرا للخارجية، وهو من مواليد العاصمة العراقية بغداد من مدينة الكاظمية ، وينتمي لأسرة عراقية هجرها الطاغية صدام الى ايران في سبعينات القرن الماضي، و حصل صالحي على درجة البكالوريوس من الجامعة الأميركية في بيروت، وعلى درجة الدكتوراة في الهندسة الميكانكية، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية. وفي 2003م وقّع صالحي على البروتوكول الإضافي لاتفاق الضمانات، نيابة عن إيران. وفي 20 يناير 2004، تم ترشيح صالحي لمنصب المستشار العلمي لوزير الخارجية الإيراني.ثم الوكاله الذريه الإيرانيه. وفي 5 ديسمبر 2010م اعلن صالحي بلغة عربية سليمة لمندوب قناة العالم إن ايران قد  انتجت اول دفعة من مسحوق اليورانيوم المكثف المعروفة بالكعكة  الصفراء .
ويبقى اختيار صالحي افضل من المرشحين الاخرين وهم سعيد جليلي أو سفنديار رحيم مشائي نسيب نجاد و مستشاره ورئيس مكتب رئاسة الجمهورية فيما مضى . ونتمنى ان يكون تعيين صالحي إدراك ولو متأخر من نجاد بضرورة مد جسور الثقة مع دول الخليج العربي من خلال تعيين خريج للثقافة العربية، فالمرحلة الراهنة مع مطالبة دول مجلس التعاون في ان تكون جزء فاعل من المفاوضات بين ايران والمجتمع الدولي حيال برنامجها النووي، يحتاج الى ان يكون شاغل منصب وزير الخارجية على ألفه بالمصطلحات الخليجية التي تظهر اهتمامنا وقلقنا مما يجري على الضفة الاخرى من الخليج العربي.

--

http://gulfsecurity.blogspot.com

الآن: د. ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك