عندما قبلت اليد التي صفعتني ؟!

زاوية الكتاب

كتب 1791 مشاهدات 0


في طفولتي حينما كنا لا نعرف معنى للتلون والمكر والحيل وكان جل ما نبحث عنه أن نديم البهجة عبر لعبنا مع أترابنا، حصل ذات مرة جدال بيني وبين أحد أبناء الجيران وأثناء هذا الخصام قام بشتمي فرديت عليه الشتيمة وحصل أن والدي مر بالصدفة ورأى ماحصل وبمجرد دخولي إلى البيت قام والدي بصفعي صفعة ألصقتني بالحائط وعندما سألته لماذا فقال: 'صفعة من يد والدك المحب في الدنيا خير لك من أن تكويك نار جهنم في الآخرة اليوم لي سلطان عليك أما غدا فليس لي حيلة لأنتصر لك'، غادر والدي وتركني لأشعر بالحزن وظننت أنه ظلمني في تفكير عقلي الصغير آنذاك وكان لابد لي من اللجوء لأحضان جدي لعله يساعدني في محنتي أو أنه سينتصر لي إن كنت مظلوما وكعادة الأجداد استقبل حفيده بالأحضان والقبل فرويت له ماحصل حتى ابتسم وقال لي بالحرف الواحد ' يا بني إنه لايوجد أرحم من قلب والديك عليك وغدا ستعرف السبب وستقبل اليد التي صفعتك وتتمنى انها صفعتك في مواضع أخرى ' ، توفي جدي رحمه الله وأكملنا عمرنا بما فتحه الله علينا ورأيت كيف أن هذه الصفعة ساهمت في تقويم خلقي وسلوكي مما انعكس ايجابا على سلوكي وعرفت كيف أن والدي وجدي كانوا على حق وصرت أقبل اليد التي صفعتني كلما جاز لي هذا.

عندما تأتي الصفعة من القلب الحنون للأب وصاحب السلطة فإن هذه الصفعة خير من ألف مجاملة أو تجاهل لسوء السلوك فهو يرى من منظور الحكمة على المدى البعيد ونرى نحن المصفعون الصفعة من المنظور قصير المدى ، لغة الضرب ليسة محببة ولكنها سبيل عندما تسد أبواب السبل الأخرى ولا يعني هذا أن من ضربك هو ظالم لك أو عدو بل إنه لم يضربك إلا لمصلحتك التي أعرضت عنها فهو في رأس الهرم يرى الجميع من منظوره الواسع بينما نحن نرى ما نراه فقط في طريقنا دون أن نلتفت للمصالح أخرى ، يزول الألم ويبرأ الجرح ولكن إصرارنا على الخطأ لن يوصلنا إلا للهلاك فصفعة في الدنيا خير من نار لا تبقي ولا تذر في الآخرة.

*** من عبق الشعر والحكمة ****

لا تلمني إن قسوت حينا من الدهـر *** فالفتى نال الوعظ من لوعة الضربِ

تشد وثاق يديك بنفسك ولاتـدري *** أن الهلاك مهدت له سيلا من السببِ

فاظفر لنفسك دربا للنجاة إليه تجري *** فغدا لن يجدي نوحي عليك ولا العتبِ

هاوي شعر عبدالرحمن الحسيني


ولدكم

عبدالرحمن الحسيني

الآن - رأي: عبد الرحمن الحسيني

تعليقات

اكتب تعليقك