تبنى التكتل الشعبى لقضية البدون يضع مصداقيته عل المحك، خصوصا فى ظل غياب أى رؤية حكومية لحل الأوضاع المأسوية لعشرات الآلاف من البدون..مقال عادل دشتي
زاوية الكتابكتب نوفمبر 17, 2007, 7:48 ص 380 مشاهدات 0
«التكتل الشعبي» والبدون
أخيراً، وبعد عقود، رفعت كتلة برلمانية لواء حل قضية البدون، وذلك وفق مشروع واضح ومحدد ونتاج جهد مشترك مع «اللجنة الشعبية لقضايا البدون» التي تضم نخبة مميزة من رجال ونساء هذه الأرض الطيبة، يجمعهم الحرص على إنهاء معاناة إنسانية استمرت عقوداً لعشرات الآلاف من البشر ممن يعيشون بين ظهرانينا، إذ يركز اقتراح القانون المقترح على البعد الإنساني فقط لهذه القضية تاركاً موضوع التجنيس لمرحلة لاحقة، فإقرار الحقوق القانونية والمدنية لغير محددي الجنسية، كالحق في إصدار شهادات الميلاد والتعليم، ورخص القيادة، وجوازات السفر، والتملك، والعمل، وتوثيق عقود الزواج والأحوال الشخصية، والعلاج الطبي وغيرها أصبح مطلباً ملحاً لا يحتمل أي تأخير من قبل مجلس الأمة، خصوصاً مع عدم وجود أي رؤية حكومية لحل الأوضاع المأسوية لعشرات الآلاف من البدون، فالحكومة الفاقدة لروح المبادرة لأي من مشاكل وهموم المواطنين هي أعجز من أن تقدم حلاً وتصوراً لمشاكل وهموم سواهم.
من هنا، فإن تصدي كتلة «العمل الشعبي» لهذه المهمة الخطيرة تضع مصداقية الكتلة على المحك، فقد تلاعب الكثيرون وتاجروا بأحلام شباب البدون ودموع شيوخهم ودعاء عجائزهم. فمع كل انتخابات برلمانية ترتفع أصوات المرشحين من مختلف التيارات والكتل بشرح معاناة البدون وضرورة حل قضيتهم، ويتباكى الجميع على هول المصائب التي تعصف بهم إلى الحد الذي يبكي معهم البدون حزناً وحسرة وأملاً. وبمجرد أن ينتهي العرس الديموقراطي، ويطير الفائزون بأرزاقهم وكراسيهم، يقفل الحديث عن الموضوع إلى الجولة الانتخابية المقبلة.
ولذلك، فإننا لا نتمنى أن تكون كتلة «العمل الشعبي» كهؤلاء، بل إننا نشد على أيديهم، فالآمال عليهم كبيرة كبر قضية البدون وآهاتها، بضرورة أن تتضافر جهودهم مع جهود باقي النواب والكتل البرلمانية لإنجاز هذا الاقتراح بقانون وبأسرع وقت ممكن، وبطلب عقد جلسة خاصة لإقراره، لأن الموضوع أُشبع بحثاً وقتل دراسة ولا يحتاج إلا لقرار شجاع وحاسم ينهي ليل البدون الطويل المتعلق بالحقوق القانونية والمدنية، والتي يتفق عليها غالبية النواب، خصوصاً أولئك الذين تعهدوا وأقسموا بأغلظ الإيمان غير مرة أنهم مع حل قضية البدون، فالقانون إن تم إقراره فهو إنجاز يحسب لجميع الموقعين عليه، وليس لتيار أو كتلة واحدة، لأن الهدف إنهاء عقود الحرمان والتيه التي عاشها البدون، وليس تجيير المكاسب وتوزيع المغانم.
من هنا، فإن الكرة الآن في ملعب «التكتل الشعبي» ومن خلفهم يجب أن يصطف البدون أصحاب المشكلة أنفسهم في توجيه مسار الأحداث، ذلك أن التواصل مع باقي النواب والتكتلات البرلمانية وتشجيعهم على ضرورة حسم الموضوع أقل ما يمكن أن يقوم به أصحاب القضية، خصوصاً مع القبول الكبير المتوقع لهذا الاقتراح، ولا معنى لاستمرار سلبية البدون تجاه قضيتهم المصيرية، إلا إذا كانوا لا يشعرون بأحقيتهم لأي من المطالبات التي يطالبون بها، وبهذا الاقتراح يكون النداء الأخير للبدون قد أطلق فهل هناك من مجيب؟ ذلك ما سيكشفه لنا البدون أنفسهم في الأيام المقبلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
عادل حسن دشتي
تعليقات