أحمد الديين يكشف أكاذيب القمع باسم القانون
زاوية الكتابكتب ديسمبر 12, 2010, 12:53 ص 1772 مشاهدات 0
عالم اليوم
أكاذيب القمع باسم القانون!
كتب احمد الديين
القمع الوحشي، الذي مارسته السلطة على المواطنين المجتمعين في ديوانية النائب الدكتور جمعان الحربش، يمثّل منعطفا خطيرا في طبيعة العلاقة بين السلطة والأمة ستكون له تداعياته وعواقبه، التي لا تقل عنه خطورة! هذا ما قد أتناوله في مقالات لاحقة، ولكن ما سأتوقف أمامه في هذا المقال هي أكاذيب القمع باسم القانون، التي لا بد من فضحها، حتى لا تنطلي على بعض السذج والواهمين.
الأكذوبة الأولى تكشفها المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات، التي تستثني الاجتماعات في الدواوين الخاصة من تعريف الاجتماعات العامة، والأهم أنّ هذه المادة من المرسوم بقانون تحدد الدواوين الخاصة بأنّها داخل المنازل أو أمامها... أي أنّ الديوانية الخاصة، وهذا ما جرى به العرف الاجتماعي الكويتي قبل المرسوم بقانون، يمكن أن تُقام داخل المنزل أو أمامه على هيئة “دجات” وكراسي أو بسطة أرضية، وبالتالي فإنّ حديقة المنزل أو ساحته الأمامية هي جزء من الديوانية وفقا للعرف مثلما هي جزء منها وفقا لتعريف المادة الثالثة من المرسوم بقانون، ولا يمكن أن يكون الاجتماع في الديوانية داخل المنزل مباحا بينما الاجتماع في الديوانية أمام المنزل محظورا، فالقانون لا يفرّق بينهما، لأنّ الديوانية يمكن أن تكون داخل المنزل أو أمامه... وغير هذا فإنّه يجب الانتباه إلى أنّ الوصف الوارد في المادة 12 من المرسوم بقانون في شأن المواكب والمظاهرات والتجمعات التي تقام أو تسير في الطرق والميادين العامة، لا يمكن أن يمتد ليشمل الاجتماع في الديوانية الخارجية، الممتدة أمام المنزل، فالطرق والميادين العامة شيء مختلف تماما عن الساحات الأمامية للمنازل، والخلط بينهما أكذوبة متعمّدة أخرى ومغالطة مكشوفة.
أما الأكذوبة الثالثة، فهي القول إنّ فضّ رجال السلطة العامة للاجتماع في ديوانية أمام المنزل إنما استند إلى حكم الفقرة الأولى من المادة 34 من قانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، ذلك أنّ الفقرة الأولى هذه المادة من القانون على سوئها، إلا أنّها تنصّ على أنّ “كل مَنْ اشترك في تجمّهر في مكان عام، مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل، الغرض منه ارتكاب الجرائم أو الإخلال بالأمن العام وبقى متجمهرا بعد صدور أمر رجال السلطة العامة بالانصراف، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين”... فهذا النوع من التجمّهر في مكان عام مختلف تماما عن الحضور إلى ديوانية خاصة مقامة داخل المنزل أو أمامه، ولا ينطبق الحكم إلا على التجمّهر في مكان عام عندما يكون الغرض منه ارتكاب الجرائم، أو الإخلال بالأمن العام، وشتان ما بين مثل هذا النوع من التجمّهر وبين المشاركة في ندوة مقامة في ديوانية خاصة أو تلبية الدعوة لحضورها!
إنّ مرسوم قانون الاجتماعات العامة والتجمعات، على ما فيه من عيوب صارخة، والقانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، على سوئه الواضح، لا يبرران إطلاقا القمع، الذي تعرّض له المواطنون العزل المسالمون المجتمعون في ديوانية النائب الدكتور جمعان الحربش، ولا يبرران منع أي اجتماع آخر في ديوانية خاصة، سواء أكانت هذه الديوانية داخل المنزل أم أمامه.
أخيرا، إنّ ما حدث لم يكن مجرد تصرفات فردية، وإنما هو بالأساس جزء من نهج حكومي يهدف إلى التضييق على حرية الاجتماعات، شهدنا بداياته في النصف الأول من شهر أكتوبر الفائت، عندما تمّ تطويق المناطق السكنية ومنع الوصول إلى الديوانيات، التي نظمت بعض الندوات، وشهدنا مساء الأربعاء الماضي الفصل الثاني منه... وحان الوقت الآن لأن نشهد نهايته، وإلا سنشهد أو بالأحرى سنكون شهود زور على نهاية حرية الاجتماعات العامة باسم الدستور والقانون!
تعليقات