نحن نعانى من التصحر الديمقراطي ، كما أرضنا منذ السبعينيات، برأى فيصل الرسمان

زاوية الكتاب

كتب 1141 مشاهدات 0


 
عالم اليوم

حوار الطرشان 
التصحر الديمقراطي 
 
كتب فيصل الرسمان
كانت الاشجار فيما مضى -ايام الزمن الجميل- تغطي مساحة كبيرة من أرض الكويت، الا ان هذه المساحة اخذت بالنقصان من دون ان نشعر، فمنذ بداية سبعينيات القرن الماضي تحديدا قام بغزونا -شبح التصحر- الذي اخذ يقتلع الاشجار من دون رحمة،  وشيئا فشيئا أخذت مساحة التصحر تزداد ونحن ننظر غير مكترثين لهذا العبث الذي تجنى به علينا هذا الشبح من دون ان نردعه الى ان غادرنا في نهاية الامر مخلفا وراءه صحراء قاحلة لاتسر عين الناظر اليها.
*كذلك ديمقراطيتنا شبيهة هي الاخرى بأرضنا-التي طالها التصحر-ففي السابق كانت مساحتها الخضراء كبيرة نوعا ما كنا نستظل تحت اشجارها من هجير التسلط والغلو،  وكنا نظن ان نعمة الظلال الذي نتفيأ به ستدوم، إلا اننا أخطأنا كما كنا نخطئ دائما فتصحر من نوع آخر «التصحر الديمقراطي» كان لنا بالمرصاد،  فهذا الشبح اللعين أكثر فتكا وعنفا من سابقه، لأن معوله الذي يحمله بين يديه لايهدم به سوى كيان المجتمع، كما انه لايغادره حتى يجعل افراده شيعا.
ففي البداية أخذ هذا التصحر، بجس نبضنا قبل ان يقوم بالهجوم علينا فلما تأكد من اننا لانؤمن بديمقراطيتنا ولا نقيم لها وزنا، بل انه تيقن تماما من اننا من الزاهدين بها، عد عدته الفتاكة التي تتكون من الطائفية، العصبية القبلية، والفئوية، يسانده في ذلك الهيجان، التجريح، والريبة والشك في الآخرين، فهجم علينا بشراسة، فمنذ تسعينيات القرن الماضي وهذا الشبح يعربد ونحن ننظر لعربدته مطبلين غير مكترثين لتلك الهمجية التي كان يرمي بظلالها علينا بكل وقاحة بمناسبة او من غير مناسبة، فسكتنا وطال سكوتنا حتى بلغ «التصحر الديمقراطي» مبلغه، نعم ان التصحر الديمقراطي وصل حدا لايمكن السكوت عليه والتهاون معه.
*ان الديمقراطية ليست حرية رأي وفكر ومعتقد فحسب، ولكنها فضلا عن ذلك ترتدي ثوب العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، فهذا الثوب هو الذي يعطيها معناها الحقيقي، لانه الساتر لعورتها، والمجمّل لقوامها، والمحصّن لمبادئها -وهذا الشيء لم يره المواطن في اي يوم من ايام الديمقراطية المزعومة- فهذه الاشياء الجميلة التي ابتلت فيها الديمقراطية المجتمعات الغربية، ارادت ان تبلونا بها ايضا لتخرجنا من ظلمات الجهل الى نور العلم، فبدلا من ان نقبلها ونشكر من اراد ان يبلونا بها لنسير على نهجها، ابتليناها نحن بجهلنا المخيف لتعاليمها وعدم تقديرنا لمبادئها، فتبرأت منا وتنكرنا نحن معرفتها.
فأصبحنا والحال هذه بلا أساس نقف عليه ودعائم نستند عليها، فحلت الفوضى محل النظام المفترض، وامام هذا الفشل الذريع اخذ كل منا باجترار مايحقق مصلحته الفردية، التي اضرت بالمصلحة العامة ضررا كبيرا رأيناه ولمسناه ومازلنا نراه ونلمسه.
لقد حاولنا مرارا وتكرارا تقبل الديمقراطية لكن نفوسنا المعلولة لم تقبلها، جلبنا احساسا وشعورا مستعارين لنبين عشقنا واخلاصنا لها، لكنه ظل شعورا كاذبا واحساسا مخادعا، بدليل خيانتنا الدائمة لها، فنحن لم نفهمها الفهم الذي يجب، وعدم الفهم هذا جعلنا مضطربين مرتبكين على الدوام قلقين، شاكّين بأنفسنا لاننا نشك فيمن حولنا، فأخذنا نلتفت نحو اليمين خوفا من الطائفية تارة، ونحو الشمال خوفا من عصبية القبيلة تارة ثانية، وللوراء خوفا من الفئوية تارة أخرى.
وكانت النتيجة «تصحر ديمقراطيتنا» التي لم يبق من مساحتها الخضراء مايكفي لموضع قدم، وحتى نواري سوءة ديمقراطيتنا ونغطي عظيم فعلنا، سلكنا مسارا كانت الشعوب المتخلفة تسلكه، فأخذ مدعون الزعامة بنشر الأحلام للمواطنين لكي يهيموا بفضاء الخيال لينضووا تحت لحافهم بعد عناء التحليق، كما قاموا برفع الشعارات الخالية في حقيقتها من كل مضمون، لأن الشعار مصدره العاطفة، التي بدورها تخاطب العاطفة، وباحتدام هذا التخاطب يضيع «الفكر بين العاطفتين» فتحطم الاساس الذي كانت تقوم عليه الديمقراطية لانه مصنوع من  «زجاج» اما الثوب الذي أملوا الديمقراطية بارتدائه لم يجهز بعد، فبقي جسدها عاريا.
*ومن نافلة القول-أود ان ابيُن لسيدي وولي امري، درة تاج هذا البلد وحصنه الحصين، سمو امير البلاد حفظه الله ورعاه،  «ان الضرورة تقدر بقدرها» وأنت ياسيدي وحدك من يقدر ذلك، لأنك ابو السلطات، فالأمر لك فيما تراه صالحا لهذا البلد الصغير الجميل، واعلم أطال الله عمرك وأبقاك، اننا رعيتك نأتمر بأمرك لاننا جنودك المخلصون كل بحسب موقعه....والسلام
 

تعليقات

اكتب تعليقك