أحمد الجار الله يستنكر أن تقتل مايصفها بـ 'ديمقراطية الغوغاء' الناس تحت شعار 'إلاّ الدستور'!
زاوية الكتابكتب ديسمبر 6, 2010, 1:02 ص 677 مشاهدات 0
السياسة
ديمقراطية الغوغاء تقتل الناس تحت شعار 'إلاّ الدستور'!
بقلم ¯ أحمد الجارالله:
المشهد الدموي المريع للمواطن محمد الجويهل و الذي شاهده كل الكويتيين في ندوة من يعتبر شيخ الديمقراطية لا تفسير له غير ان الديمقراطية الكويتية دخلت مرحلة من الفوضى والديماغوجية, توحي بأن البلاد أصبحت 'حارة كل من ايدو له', فالكويت ليست العراق او لبنان لتكون فيها مربعات أمنية وميليشيات تتحكم بالناس, أو عصابات لكسر الارادات, وهي من المفروض انها دولة يسودها الاستقرار وتحكمها الديمقراطية الحقيقية التي تقوم على تقبل الآخر ليثبت كل فريق شرعية وجوده, لكن ما حدث له دلالات خطيرة كثيرة تنفي كل التغني بالديمقراطية, ما يستوجب السؤال: الكويت الى اين?
هذا ما طرحناه على أنفسنا منذ سنوات, وكنا دائما نقول ان ما يجري ليس الديمقراطية التي يطمح اليها الشعب, وليست ايضا ما نص عليه الدستور الذي اريد له ان يكون شعار العبث ليس السياسي فقط, انما الامني ايضا, بل يريد بعض الغوغاء ان يفرض علينا منطقه الديكتاتوري من خلال البطش والترعيب وهو لم يقم وزنا لا لحكومة تحكم ولا لمؤسسات تؤدي دورها المنوط بها, هذا البعض الذي جعل من نفسه متحكما بالبلاد والعباد فقط لانه تخيل انه الوطني الوحيد, وان الدستور فصل على مقاسه, فاذا ما حاولت أي مؤسسة تطبيقه و ممارسة حقها المنصوص عليه في مواده هب مثيرا الضجيج ورافعا عقيرة الصوت ومتباكيا بزيف على الدستور فيما هو ابعد ما يكون عن ذلك, او ليس شعار'إلا الدستور' يستدعي اول ما يستدعي احترام نصوصه ومواده, أليس من حق اي مواطن حضور اي ندوة طالما هي عامة? لكن يبدو ان المراد من هذا الشعار الحق فرض باطل ديكتاتورية الابتزاز السياسي والنيابي, وهذا أخطر ما يمكن ان نتصوره.
مؤشرات الفوضى التي يريد بعض النواب تكريسها بدأت منذ اصبح لكل نائب 30 سكرتيرا وبضعة اعوان يرافقونه اينما ذهب, ويتصدرون كل الندوات التي يحضرها او يشارك بها, واذا ما عارضه احد هبوا في وجهه واعتدوا عليه كما حدث مع المواطن محمد الجويهل, لان تلك الميليشيا الصغيرة أصبحت اسيرة هذا النائب او ذاك, ولم تعد تهتم لامر القانون لان بعض النواب اعتادوا خرق القوانين او حماية من يخرقونها.
من حقنا ان نسأل: لماذا عقدت ندوة السعدون طالما ان القضية الاساس الدائر حولها الجدل هي تصرف دستوري وقانوني بحت, فلا القضاء خرق الدستور حين ادى دروه في القضية المرفوعة من بنك برقان ضد النائب فيصل المسلم, ولا الحكومة فرضت ارادتها على اي من المؤسسات, بل ان الساحة الطبيعية لتداول هذه القضية شهدت تخليا نيابيا واضحا عن الغوص في متاهة المصالح الشخصية للقلة النيابية, وعلى غير ما هو معهود في طلبات رفع الحصانة عن النواب التي كانت تعرض احيانا على الجلسات العادية لمجلس الامة ويبت فيها من دون اي ضجيج او محاولات ترهيب من هذا و ذاك, فما عدا مما بدا حتى يتحول طلب رفع حصانة عن نائب الى موقعة حربية, ويرفع الدستور على أسنة الرماح وكأن الكويت واحدة من جمهوريات الموز التي يتحكم بها الغوغاء وتفرض العصابات منطقها على الدولة.
لماذا يحدث كل ذلك?
نعم يحق لأي كان أن يلوم الحكومة اذا ما تخلت عن دورها, ونحن فعلا خصومها في هذا الشأن لأنها تنازلت عن صلاحياتها ومكنت هؤلاء, في السنوات الماضية, من ان يفرضوا منطق شريعة الغاب, وكانت ضعيفة عندما اتبعت سياسة'الهون ابرك ما يكون' امام طرحهم العنيف, وكان عليها منذ زمن طويل ان تستشف ما ستؤول اليه الامور اذا استمر هؤلاء على نهجهم بترهيب الاخرين وتخوينهم وان يزيفوا للناس كل شيء, لدرجة ان المعايير باتت غير واضحة حتى عند النخبة المفترض بها ان تضع المخارج من الازمات.
هذه نتيجة ترك الغوغائية تفرض ارادتها على الممارسة السياسية الكويتية وقد بانت بأبشع صورها واكثرها انحطاطا حين شاهد الشعب الكويتي بذهول مفرط القسوة والعنف والهمجية التي كانت مشروع جريمة لقتل مواطن أعزل, والاكثر ما يؤسف له ان المواطن كان يتعرض لهذا السيل من العنف بينما الندوة مستمرة وكأن شيئا لم يكن, وكأن الذي يسفك دمه ليس انسانا.
نعم نكرر السؤال مرات ومرات: الى اين? ونحن نشاهد بعض النواب يتخلون عن كل وقار مفترض بمن اوكلت اليهم مهمة التشريع و يهددون رئيس مجلس الوزراء بعبارات ينقصها التهذيب, وكأن الذي يحكم الكويت البيت الابيض في الخالدية وليس قصر السيف.
الى اين يريد هؤلاء أن يأخذوا البلاد?
الشعب الكويتي بدأ يخشى على مستقبله, ويخاف أن يتحول نواب القبائل والطوائف الى زعماء ميليشيات يثيرون الكراهية والعنف ويزرعون الفتن, فما شاهدناه في الخالدية يدل على ذلك ولم يكن ينقص المشهد الا السلاح لتكتمل الصورة الميليشياوية بكل بشاعتها.
من انتهك الدستور? هل يجيب على هذا السؤال من رفعوا شعاراتهم زورا وبهتانا لتجييش الناس بالباطل من اجل مراميهم الخاصة?
لقد حذرنا منذ زمن من زحف النواب على صلاحيات الحكومة والقضاء, وتمادوا اكثر وحاولوا الزحف على حرية الاعلام, حين اعتبروا الاعلام الذي لا يطبل لهم ولا يزين باطلهم على انه الحق انه اعلام فاسد, ورغم اننا لا نعمم في هذا الشأن الا اننا نقول لكل من على رأسه ' بطحة ان يتحسسها' فربما يدرك مخاطر ما يحاول فرضه بالقوة على الجميع, وربما تتنبه الحكومة الى ان ترك الحبل على الغارب يؤدي الى كارثة كبيرة جدا.
مرة أخرى إلى أين نتجه?
فالشعب الكويتي لا يريد ان يرى بلاده تتحول عراقا اخر او لبنان آخر او غزة او افغانستان او الصومال, وحتى اذا كان بيننا من يريد المفاضلة في هذا الشأن فان الصحيح المفاضلة مع الاحسن وليس مع الاسوأ مع احترامنا لخيارات كل الشعوب و الدول, و لكننا نريد القول اننا نطمح الى ديمقراطية على النسق البريطاني او الاميركي. الديمقراطية المتسمة بالسلوك الحضاري الذي عبره يصل من يريد الى ما يشاء بمنتهى الحضارة.
ربما لن يبقى امامنا في المستقبل المتسع لنطرح السؤال اذا لم تبادر حكومة سمو الرئيس الشيخ ناصر المحمد الى فرض سلطتها وتتخذ الاجراءات الصحيحة وان تحكم بالقانون والدستور الجميع من دون اي محاباة لهذا او ذاك, وبلا أي اعتبارات تجعلها متهاونة ازاء هوس بعض النواب بالتسلط على الناس, وعليها ان تصم آذانها عن كل الضجيج مهما علت الاصوات لأن التحدي الان هو بقاء الكويت مستقرة وآمنة وديمقراطية والا سيكون الانزلاق الى ما لاتحمد عقباه وهذا ما يرفضه الكويتيون جميعا وبلا استثناء.
تعليقات