ماذا لو قفزت 'ويكيليكس' بين الدول الخليجية ؟!

عربي و دولي

3328 مشاهدات 0


لقد خاب أمل الكثير من المتابعين الذين راهنوا على قوة وثائق ويكيليكس بسبب الانقلاب الذي توقعوا أن تحدثه في المشهد الاستراتيجي الخليجي خصوصا ، لكن ذلك لم يحدث، فلم  تكن اكثر من وجبة سريعة لوسائل الاعلام فحسب ،وسيزول صداها دون القدرة على خلق موقف سياسي أو استراتيجي يذكر. ويعود ذلك لاسباب لعل من ابرزها فشل الاطراف الخليجية في توظيفها لصالحها  في قضايا أمنها القائمة على زوايا مثلث القلق الخليجي في مفاعل بوشهر وفراغ القوة في  العراق وهشاشة الامن في اليمن .

فبإنحناءات دبلوماسية تبادلت طهران والعواصم الخليجية النفي بدل تبادل الاعتراف بأن ما نشرفي وثائق ويكيليكس هو (مايجول في الخاطر)من توجس وقلق. وربما تكون ردت الفعل الحالية مجرد موقف مرحلي قد يمهد لتبني الخليجيين مستقبلا لموقف أكثر صراحة حيال الطموح النووي الايراني ،بعد تحريض السيدة كلنتون لنا في منتدى حوار المنامة 3-5 ديسمبر 2010م لنكون ضد ايران في صورة اكثر وضوحا .

هذا فيما يخص جوارنا الاقليمي في الجهة الشرقية من الخليج،أما في الشمال فقد كشفت الوثائق التي نشرها  جوليان اسانجي ' Julian Assange' والبالغة 400 الف وثيقة أن بغداد قد استبيحت بوحشية أميركية لا مثيل لها،مزقت نسيجه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ،حتى أصبح من العسير رتق اللحمة واعادة الثوب العراقي كقطعة واحدة،وإن عاد فسيكون موشى بالزخارف الفارسية ،حيث تقول الوثائق الاميركية ان كل واحد من بين خمسة من دبلوماسيي طهران في العراق هو من رجال الحرس الثوري الايراني . أما في جنوب الخليج العربي  فقد اظهرت الوثائق ان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لا يمانع في دخول الشيطان الى اليمن خلسة طالما التزمت القنابل والصواريخ الموجهة والطائرات الاميركية بدون طيار بعدم ذكر اسم الرئيس صالح حتى ولو خلفت ورائها  دوي الانفجارات الذي يشيب منه الرضيع .وهذا بالضبط هو السيناريو الذي دخلت به الولايات المتحدة الاميركية الى مستنقع فيتنام في عهد جونسون ،حيث شارك  طيارو البحرية الاميركية بالهجمات على ثوار الفيتكونغ على انها طائرات فيتنام الجنوبية .
 
ويذهب إرنست ساتو'Ernst Sato ' ان الدبلوماسية هي إستعمال الذكاء والكياسة في إدارة العلاقات الرسمية بين حكومات الدول المستقلة. فماذا لو غادرت الكياسة إحدى حفلات السفارة الاميركية،أوالاجتماعات المغلقة والاحاديث الودية بين مسؤل اميركي ومسؤول خليجي أراد ان يمارس صراحته إرضاء للاميركان، وراح في انتقاد دولة خليجية شقيقة اخرى ؟.

أكاد اجزم ان وثائق ويكيليكس كانت  ستكون نقطة بداية الحوار بين المسؤولين الخليجيين في قمة أبوظبي الـ31 بدل التحدث عن تأخر أمطار الوسم هذا العام . كما اجزم ان القادة ماكانوا ليمارسوا التهديد  بدبلوماسية مقاطعة القمم العتيدة التي تبنيناها في عالمنا العربي اكثر من الذين ابتدعوها .  وماكان ليحول دون عقد القمة شيء  لو قفزت ويكيليكس بيننا لسبب قوي، وهو ان جروح مسيرة العمل المشترك التي تعود عليها جلد مجلس التعاون قد زادته صلابة ، ولست في حاجة الى القول بأن دول المجلس قد تجاوزت قضايا شائكة مثل قضايا الحدود، والسيادة والعملة الموحدة،والاتحاد الجمركي،والالتزامات المالية ، والخلافات على طيران الخليج ، وحتى على قوة درع الجزيرة . فكم من  مسؤل خليجي صدرت عنه في حضرة رجال واشنطن مايعد انتقاص من قدر دولة خليجية اخرى،بل و اتبعها بضحكة مجلجة ووصلت الى الطرف الاخر فتجاوزها ؟.

د. ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك