النواب برأى فهيد البصيري قبضوا روح المادة 110 ونسوا الشعب، ونسوا الله فأنساهم أنفسهم

زاوية الكتاب

كتب 805 مشاهدات 0



الراى

فهيد البصيري / المجلس نسي نفسه!

 
نختلف أو نتفق، نتعاتب أو نتقاضى، لا يهم، الأهم هو أن نحتكم في النهاية إلى مبدأ ثابت لا يقبل التغيير ولا ينحني أمام التزوير، لذا احتكم آباؤنا إلى الدستور، الذي حدد قواعد اللعبة السياسية بين الحاكم والمحكوم، ووزع الأدوار، ورسم الخطوط العريضة لكي لا يختلط الحابل بالنابل، أو لكي لا نصل إلى ما وصلنا له اليوم، فلم نعد نعلم ما هو دستوري، وما هو غير دستوري، أو ما يجوز ما لا يجوز، ورغم كثرة القانونيين والخبراء الدستوريين إلا أنهم في الشدائد قليل.
وسأنتهز فرصة غياب الخبراء الدستوريين وأفتي لكم في قضية رفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم وكان الله في عونكم، فمهما قيل في حيثيات القضية، إلا أنها ليست كافية لهدم ركن من أركان الدستور، فالنائب وبحسب المادة 110 حر فيما يبديه من الآراء والأفكار في المجلس ولجانه، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك، وكما ترون فالنص واضح وصريح ولا يحتاج إلى خبير دستوري، ولا خطيب جهوري، والمادة 110 لم تأت من فراغ بل جاءت لتعطي النائب فرصة في التعبير عن رأيه، ولتعطيه مساحة من الحرية المشروعة في مراقبة أداء الحكومة دون حرج أو خوف، وما حدث للنائب فيصل المسلم مخالف للعقل والمنطق، فما قام به هو حق مشروع ومن صميم عمله، و لو لم يقم به لطالبه الشعب بالقيام به، فهذا هو دور النائب الأصيل، بل ان قانون الجزاء الكويتي، وعلى مستوى الفرد العادي، يعاقب أي شخص يرى أو يسمع عن جريمة ولا يقوم بالإبلاغ عنها، كما أن القانون الكويتي يجيز لرجل الأمن أن يستعين بمصادر سرية لا يكشف عنها للنيابة في كثير من الجرائم حرصاً على سلامة المصدر، لذا فإن ما قام به النائب كان من صميم عمله وليس بدعة، ولكن البدعة هي في رفع قضية ضده تحت ذريعة إفشاء سر من أسرار العملاء في البنك. وهو تبرير هزيل إذا عرفنا أن للداخلية وللبنك المركزي الحق في معرفة أرصدة الأفراد ومتابعة عملياتهم المصرفية عند مجرد الشك في فائدتها في التقصي عن وجود جريمة ما، وأبسط مثال على ذلك هو جريمة غسيل الأموال، فكيف لا يجيز القانون ذلك للنائب وهو رأس السلطة الرقابية والتشريعية وتحت قبة البرلمان؟
المهم أن الفأس وقعت في الرأس وحصل ما حصل، وأصبحت رأس النائب فيصل المسلم مطلوبة، ورغم أن الحكومة كانت طرفاً في الخصومة إلا أنها تصرفت بكل مثالية ومنطقية، وحضرت بشكل دستوري، وتركت الكرة في ملعب النواب (الدفاشه)، ولكن المصيبة أن المجلس لم يحضر لكي يدافع عن نفسه، لقد تخلى النواب عن أنفسهم! وعن الحقوق الدستورية للشعب وبيدهم قبضوا روح المادة 110 ونسوا الشعب، ونسوا الله فأنساهم أنفسهم.
وقد نتفق مع النائب فيصل المسلم أو نختلف معه حول أسلوبه وآرائه التي يطرحها في المجلس أو خارجه، إلا أن رفع الحصانة عنه بسبب ممارسة دوره الرقابي في مجلس الأمة يعتبر سابقة خطيرة، ستهز الركن الرقابي لمجلس الأمة، وسيعود ذلك بالضرر على الشعب والمجلس وحتى الحكومة، في وقت يحتاج فيه الجميع للشفافية، وقد يزعجنا كشف الحقيقة مرة، ولكننا نحتاجها في كل مرة.


فهيد البصيري

 

تعليقات

اكتب تعليقك