أحمد الجارالله يتهم من يصفهم بـ'نواب التخريب والترهيب' بإطلاق سهام التجريح والتجني ، ويعتبر مايجري ديكتاتورية نيابية, تريد اعادة الدولة الى زمن السيف والمنسف

زاوية الكتاب

كتب 989 مشاهدات 0




نواب القانون الأعور إلى متى?!
 

ثمة معادلة غريبة وغير عقلانية يحاول بعض النواب فرضها في البلاد, وهي ان يجعلوا القانون أعور لا يرى الا بعين مصالحهم الشخصية وان يخدمهم وحدهم فقط عبر محاولتهم فرض مفهوم الصيف والشتاء على سطح واحد, بمعنى ان يطالب هؤلاء الحكومة بتنفيذ القانون وحين تعمل على تطبيقه يثورون عليها ويستنكرون ذلك ويتهمونها بالتجني وبالتسييس ويشككون بنزاهة القضاء وعدالته.
هؤلاء لا يريدون فقط تقييد القضاء بأصفاد مصالحهم الشخصية, بل يمعنون في تعطيل مؤسسات الدولة ومنعها من ممارسة ما هو مرسوم في الدستور والقانون, وهم لم يتوانوا لحظة عن خرق القانون اذا تيسر لهم ذلك, وعمدوا في مناسبات كثيرة الى استخدام أسلوب الترهيب ومخالفة النظم علنا عبر الوساطات التي يجرونها من اجل تمرير معاملاتهم او منع المؤسسات من ممارسة اعمالها بالشكل الصحيح, وحماية بعض المجرمين او دفع البعض الى ارتكاب المخالفات والجرائم, واعتبروا ذلك من حقوقهم المكتسبة متسترين بالحصانة النيابية ومتسلحين بارهاب الاستجواب, ما أشاع الفوضى في المؤسسات كافة, وأثر بشكل مباشر على العمل في كل قطاعات الدولة.
هذه الحفنة من النواب لم تستطع استيعاب التغير الحاصل في الممارسة الحكومية التي جعلت القانون مسطرتها تقبل بما يفرضه عليها من حقوق وواجبات لايمانها المطلق ان الممارسة الديمقراطية الصحيحة هي التي تبني الدول, وان من أبسط القواعد في النظم البرلمانية ان يمارس النائب دوره الرقابي على عمل الوزارات استنادا الى مدى التزامها بالقانون وعدم التمييز بين مواطن وآخر, لأن في ذلك الضمانة لنيل الناس حقوقهم بالكامل.
لكن المؤسف حقا ان يكون ما يجري في الكويت هو تغييب لمفهوم النيابة الصحيح وجعل النائب مجرد مخلص معاملات او حاميا لمخالفي القانون او وسيطا لا يقيم وزنا للانظمة في سبيل تحقيق أهدافه الخاصة, وهذا في جوهره ديكتاتورية نيابية, وممارسة تريد اعادة الدولة الى المرحلة البدائية القائمة على السيف والمنسف والتي تخطتها الكويت منذ اختارت ان تكون دولة مؤسسات تعمل ضمن القانون لا من خلال الأزلام والمحاسيب, ولا عبر شراء الاصوات بالخدمات التي يقدمها بعض النواب, لان المرجعيات العليا في الدولة تعرف ان هذا الاسلوب في الحكم لا يمكن ان يخدم مسيرة البناء والتحديث, بل ان الذين يمارسون هذا الدور يعملون على تقويض الدولة وإضعافها, وجعلها مجرد مؤسسة محاصصة قبلية وطائفية وفئوية, مكبلة بقيود بالية عفى عليها الزمن, وهذا من أخطر ما تواجهه الدول, ولنا في بعض الدول العربية وما أدت اليه ديكتاتورية المصالح الضيقة المغلفة بالممارسات النيابية من خراب مهد الى انهيارها وانكشافها أمام الخارج أبرز دليل.
ان من أخطر ما شهدناه في الفترة الماضية رمي الناس بالاتهامات الجنائية الباطلة تحت ستار ما يسمى »حرية التعبير« او هكذا حاول البعض تصوير المسألة, وهو في حقيقة الامر إما جهل بمعنى هذا المفهوم, او الايحاء للناس ان الدولة محكومة بأحصنة طروادة تعمل للخارج, وهذا مس مباشر ومقصود ليس بالاشخاص فقط, بل ببيت الحكم ككل, وهو خرق فاضح للقانون لا يمكن القبول به لأن مجرد السكوت عنه يعني سقوط الدولة برمتها.
وهذه الممارسات المنافية لأبسط قواعد العقل والمنطق والقانون والدستور مورست في سبيل تحقيق مصالح شخصية, والأشد خطرا منها قيام جبهة دفاع نيابية عن الباطل والمجاهرة علنا بذلك, واطلاق ثرثرات مجافية للحق والمنطق طاولت القضاء الذي هو ملح الدولة, واقل ما يقال في كل ما نشهده من تلك الممارسات أنها عملية إضعاف لأهم مؤسسة في الدولة, وهي القضاء, اي إفساد للملح الذي إن فسد فسدت معه كل المؤسسات الاخرى, وذلك يجري عن سبق إصرار, وعبر الايحاء للناس في الداخل والخارج ان القضاء الموصوف والمشهود له بالنزاهة والحيادية يخضع لضغط من المتنفذين او من مرجعيات في الحكومة, في الوقت الذي يتناسى فيه من يعملون بهذا الاسلوب ان تلك المرجعيات رضيت في العديد من المناسبات بما حكم به القضاء وخضعت لأحكامه ونفذتها, وقبلت بها بكل صدر رحب, لانها تعمل ضمن إطار القانون, بل ان هذه المرجعيات تنازلت عن حقوقها في مرات عدة بينما لم تكف حفنة نواب التخريب والترهيب عن إطلاق سهام التجريح والتجني عليها في كل المناسبات وبلا اي سند منطقي او قانوني.
نقول هزلت?! هذا أضعف الايمان!
أحمد الجارالله

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك