(تحديث1) في حكم تاريخي تنفرد بنشره ((الآن))
أمن وقضاياالاستئناف تؤكد أن ممثل الأمة لا يمكن مساءلته جنائياً أو مدنياً عن أفكاره وآرائه وأقواله التي يبديها داخل مجلس الأمة أو لجانه
ديسمبر 2, 2010, 4:56 م 10678 مشاهدات 0
وسط أجواء سياسية ملتهبة على خلفية طلب رفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم بسبب قيامة بعرض 'شيك' تحت قبة البرلمان، حصلت على نص حكم تاريخي لمحكمة الاستئناف في القضية المرفوعة من الشيخ علي الخليفة الصباح ضد النائب مسلم محمد البراك، وقضت خلاله المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات ومائة دينار مقابل أتعاب المحاماة الفعلية، وذكرت محكمة الاستئناف في حكمها 'أيا كان وجه الرأي في تلك العبارات لا يسأل المستأنف ضده جنائياً ولا مدنياً عنها طالما أنه أبداها داخل المجلس وبمناسبة وظيفته النيابية مما تكون الدعوى أقيمت على غير سند من أحكام الدستور خليقة بالرفض'. وفيما يلي نص الحكم:
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو أمير الكويت
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
محكمة الاستئناف
الدائرة : المدنية الثالثة
بالجلسة المنعقدة علنا بالمحكمة بتاريخ 17 ذو القعدة 1431هـ الموافق 26/10/2010م
برئاسة الأستاذ المستشار / عبدالرحمن نمش النمش وكيل المحكمة
وعضوية الأستاذين
المستشار / عبدالقادر أحمد عبدالقادر
والمستشار / أحمد صلاح نور الدين
وحضور السيد / أحمد عبداللطيف عبدالله أمين سر الجلسة
صدر الحكم الآتي
في الاستئناف المرفوع من :
علي خليفة العذبي الصباح
ضد
مسلم محمد البراك
والمقيد بالجدول برقم 1278/2010 مدني 3
المحكمة
بعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق والمداولة قانوناً :
وحيث إن وقائع النزاع ودفاع الطرفين ومستنداتهما فيه سبق وأن أحاط بها الحكم المستأنف ومن ثم تحيل إليه المحكمة في ذلك باعتباره جزءاً مكملاً لقضائها الماثل وتوجز الوقائع في أن المستأنف أقام على المستأنف ضده الدعوى رقم 2599/2009 مدني كلي /4 بصحيفة قال فيها أنه أثناء مناقشة استجواب المدعى عليه لوزير الداخلية بمجلس الأمة يوم 23/6/2009 وحال توجيه المحور الأول من الاستجواب والخاص بالتجاوز على المال العام في عقد توريد الإعلانات الإرشادية للناخبين لانتخابات مجلس الأمة عام 2008 إدعى عليه دون سند أنه شريك في استباحة المال العام وذلك بقوله أن للوزير شركاء في إبرام الصفقة المشبوهة قاصداً إياه وإن لم يذكر اسمه وفي موضع آخر من الاستجواب قال أن حديد الإعلانات الإرشادية مخزن في ثلاث قسائم مملوكة له في منطقة أمغرة وذكر اسمه صراحة .
ولما كانت القسائم التي بينها المدعى عليه في الاستجواب مملوكة للدولة ولم يسبق له أن استأجرها منها وليس له شأن من قريب أو بعيد في إبرام عقد توريد اللوحات الإرشادية مما يكون المدعى عليه اختلق تلك الوقائع التي لو صحت لأوجبت عقابه وتحقيره أمام المواطنين قاصداً من ذلك التشهير به والحط من كرامته وخروجاً عن حدود الرأي أو الفكر الذي تحميه الحصانة البرلمانية وهو ما يوفر في حقه ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية ولما كان هذا الخطأ ألحق به أضرار تمثلت في التشهير بسمعته والتأثير في اعتباره محلياً ودولياً سيما وأنه كان وزيراً لوزارات النفط والمالية والصناعة لمدة قاربت العشرين عاماً مما دعاه لإقامة الدعوى طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغ -/5001 دينار تعويضاً مؤقتاً عن الأضرار المادية والأدبية وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية وشمول الحكم بالنفاذ دون كفالة .
وحيث إن الدعوى تداولت أمام محكمة أول درجة وفيها قدم وكيل المدعي صورة من مضبطة مجلس الأمة للفصل التشريعي الثالث المنعقد بوم 23/6/2009 وصورة من جريدة الدستور الكويتية وجريدة الرأي وجريدة القبس الصادرة يوم 24/6/2009 . وقدم وكيل المدعى عليه مذكرة رد فيها على الدعوى .
وحيث إنه بجلسة 24/2/2010 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى وإلزام رافعها المصاريف وخمسين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة الفعلية تأسيساً على أن المدعى عليه عضو بمجلس الأمة وأن العبارات التي أبداها كانت أثناء استجوابه وزير الداخلية فلا يجوز مؤاخذته عنها فضلاً عن أن تلك العبارات لا تشكل سباً وقذفاً في حق المدعي مما لا يترتب عليها أية مسئولية التي هي قوام التعويض .
وحيث أن المدعي لم يرتض ذلك الحكم فطعن عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة وقعها محام أودعت إدارة كتاب المحكمة بتاريخ 28/3/2010 أعلنت قانوناً طلب في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإلزام المستأنف ضده بأن يدفع له مبلغ -/5001 دينار تعويضاً مؤقتاً عن الأضرار المادية والأدبية وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي . وبني الاستئناف على سببين أولهما : بطلان الحكم المستأنف للإخلال بدفاع جوهري والخطأ في تطبيق القانون والتناقض في التسبيب . ذلك أنه أبدى دفاع في الدعوى مؤداه أن الغرض من الحصانة البرلمانية من المسئولية المقررة بنص المادة 110 من الدستور هو توفير الشعور بالحرية والطمأنينة للنواب لأداء مهامهم وإبداء الآراء والأفكار التي لا يندرج فيها وقائع كاذبة يختلقها عضو المجلس فإذا انحرف العضو عن هذا الغرض فيعامل معاملة الشخص العادي وكان المستأنف ضده حال مناقشة الاستجواب تعرض له بعبارات وألفاظ تعد قذفاً في حقه وهو ما يؤكد الخروج عن حدود الحصانة البرلمانية وهو ما يوجب مسائلته إلا أن الحكم المستأنف لم يرد على هذا الدفاع وهو ما يشوبه بالبطلان . كما أن الحكم استند في قضائه برفض الدعوى على دعامتين الأولى : ما نصت عليه المادة 110 من الدستور من أنه لا يجوز مؤاخذة عضو المجلس على الآراء والأفكار التي يبديها بالمجلس أو لجانه . أما الدعامة الثانية فهي عدم توافر عبارات السب والقذف فيما أبداه المدعى عليه في مجلس الأمة ولا يترتب على هذه العبارات أية مسئولية . وكانت كل دعامة متناقضة مع الأخرى وهو ما يبطل الحكم مما يوجب إلغائه . أما السبب الثاني فحاصله بطلان الحكم المستأنف لخلوه من التسبيب وقيامه على الظن والافتراض . ذلك أن الحكم استند في رفضه التعويض المطالب به على أن المدعي وهو عضو مجلس أمة أناط به الدستور حرية إبداء الرأي والأفكار بالمجلس أو لجانه ولا يجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال وكان ما أبداه من عبارات أثناء الاستجواب الموجه لوزير الداخلية لا تشكل سباً أو قذفاً في حق المدعى عليه . فهذا السبب الذي استند إليه الحكم المستأنف هو سبب ظني وافتراضي لم يعرضه المستأنف ضده في دفاعه وهو ما يبطل الحكم مما يتعين إلغائه .
وحيث أن الاستئناف تداول أمام المحكمة وبجلسة 11/5/2010 حضر الطرفان كل بوكيل عنه محام وقدم وكيل المستأنف حافظة مستندات طويت صورة من قرار لجنة التحقيق الخاصة بمحاكمة الوزراء الصادر في 4/4/2010 بشأن البلاغ المقدم ضد وزير الداخلية . وصورة من جريدة الدستور الكويتية الصادرة يوم 19/3/2009 المنشور فيها المرسوم الأميري بحل مجلس الأمة . كما قدم مذكرة أضاف فيها سبب للاستئناف وهو أن الحكم المستأنف خالف الثابت بالأوراق ذلك أن البين من مضبطة مجلس الأمة الوارد بها الاستجواب وصحف الدستور والرأي والنهار المنشور فيها الاستجواب خروج المستأنف عن مدلول الآراء والأفكار وقام بتوجيه عبارات القذف والسب وإذ قضى الحكم المستأنف برفض الدعوى يكون قد خالف الثابت بالأوراق . وبجلسة 8/6/2010 قدم وكيل المستأنف ضده مذكره رد فيها على الاستئناف طالباً الحكم برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية .
وحيث إنه بجلسة 28/9/2010 قدم وكيل المستأنف حافظة مستندات جاء بها : شهادة صادرة من الهيئة العامة للصناعة . وصورة من حكمين لمحكمة التمييز . وصورة من المراسيم الأميرية التي عين بموجبها المستأنف وزيراً لعدة وزارات . كما قدم مذكرة ضمنها الدفاع والطلبات المبينين بصحيفة الاستئناف والمذكرة المؤرخة 11/5/2010 فقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم بجلسة اليوم وصرحت للطرفين بتقديم مذكرات بدفاعهما في اجل أسمته فات دون تقديم مذكرات منهما .
وحيث إن الاستئناف قدم في الميعاد واستوفى أوضاعه المقررة قانوناً ومن ثم تقضي المحكمة بقبوله شكلاً .
وحيث إنه عن الموضوع وكان من المقرر وفقاً لنص المادة 110 من الدستور الكويتي أن عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال . وكان من المستقر عليه أن قاعدة عدم المسئولية عن الأعمال البرلمانية من القواعد التي استقرت عليها التقاليد البرلمانية فبدونها يستحيل على النائب أن يشعر بالحرية والطمأنينة وهو يؤدي عمله وتعني هذه القاعدة أن ممثل الأمة لا يمكن مساءلته جنائياً أو مدنياً عن أفكاره وآرائه وأقواله التي يبديها داخل مجلس الأمة أو لجانه وتكون لازمة لأداء وظيفته النيابية وإن تضمنت سباً أو قذفاً في حق الغير فلا النيابة العامة تستطيع أن تحرك الدعوى العمومية ولا المضرور يستطيع أن يطالب بتعويض عما أصابه من سب وقذف ولكن المجلس يستطيع مؤاخذة النائب في الحدود التي تقررها اللائحة الداخلية إذا وجد أنه قد تعدى الحدود المشروعة . لما كان ذلك وكان المستأنف يطالب المستأنف ضده بالتعويض عن الأضرار التي أصابته من العبارات التي بينها بصحيفة الدعوى واعتبرها سباً وقذفاً في حقه وكان الثابت من العبارات بما تضمنته وألفاظ قد أبدائها المستأنف ضده حال استجوابه وزير الداخلية بشأن التجاوز على المال العام بخصوص اللوحات الإرشادية للناخبين لانتخابات مجلس الأمة 2008 وذلك بجلسة المجلس المنعقدة يوم 23/6/2009 فأيا كان وجه الرأي في تلك العبارات لا يسأل المستأنف ضده جنائياً ولا مدنياً عنها طالما أنه أبداها داخل المجلس وبمناسبة وظيفته النيابية مما تكون الدعوى أقيمت على غير سند من أحكام الدستور خليقة بالرفض . وإذ انتهى الحكم المستأنف إلى رفضها فتؤيده هذه المحكمة في ذلك للأسباب التي ساقتها على نحو ما سلف وبما لا يخالفها من أسبابه ومن ثم يكون الاستئناف أقيم على غير سند متعيناً رفضه والحكم المستأنف في محله واجب التأييد وهو ما تقضي به .
وحيث إنه عن مصروفات الاستئناف ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية فالمحكمة تقدر الأتعاب بمبلغ مائة دينار وتلزم المستأنف بها وبالمصروفات عملاً بنص المواد 119 ، 119 مكرر ، 147 من قانون المرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات ومائة دينار مقابل أتعاب المحاماة الفعلية .
أمير سر الجلسة
رئيس الدائرة
وفي تصريح خاص أدلى به لـ قال الممثل القانوني للنائب مسلم البراك المحامي ثامر الجدعي ان هذا الحكم تم استلامه حديثا، وفي يحقق الرأي السائد بحصانة النائب في ما يبديه من أراء تحت قبة البرلمان.
وأضاف الجدعي ان عضو مجلس الأمة قد حظي بحماية الدستور، من اجل ان يحاسب الوزراء، بما فيهم رئيس الوزراء، ولو تلك المحاسبة فيها شي من العنف والتخوين والإتهام كما جاء برأي المرحوم عثمان عبدالملك، ايمانا من الواقع الدستوري، وأهمية دور النائب التشريعي، فلو ان الأمور سارت فوق ما تريده الحكومة لإيقاف محاسبة النواب في حال تجاوزهم حدود المحاسبة، لفرغنا الدستور من محتواه، ولكنا احتجنا لوجود مخفر بمجلس الأمة، وهذا ما لا يليق بدولة تحترم الدستور، وبنيت على أساس ديمقراطي.
وأشار الجدعي إلى ان عضو مجلس الأمة يمارس هذا الدور بتفويض من الأمة، ولا تجوز محاسبته بأي حال من الأحوال، واما الأفعال المجرمة فيأتي دور المجلس بضبط دور النواب، وتطبيق اللائحة الداخلية.
وبين الجدعي ان هذا الحكم التاريخي الرائع يثبت ان القضاء الكويتي اتجه إلى رأي غالبية الفقهاء الدستوريين القائلين بأن مجلس الأمة لا يجوز فيه مسائلة وأفكار وأراء النواب، ومن ثم كمحصلة نهائية لا يجوز محاسبة النائب د.فيصل المسلم على ما أبداء بقضية الشيك.
تعليقات