الغياب الحكومي - النيابي المتعمّد عن جلسة الأمس يمثّل محاولة سلطوية لاختطاف دستور البلاد عبر تكتيك مفضوح!.. أحمد الديين محذرا

زاوية الكتاب

كتب 905 مشاهدات 0


 


اختطاف الدستور..! 
 
كتب احمد الديين
صحيح أنّ رفع جلسة مجلس الأمة المقررة يوم أمس لم يكن الأول في تاريخ الحياة النيابية بسبب عدم توافر النصاب... وصحيح أيضا أنّ الحكومة سبق لها أن مارست أكثر من مرة تكتيك الغياب المتعمّد عن الجلسات أو الحضور الرمزي بوزير واحد لتعطيل انعقاد بعض جلسات المجلس، سواء أكانت جلسات عادية أم جلسات خاصة، مثلما حدث مع جلسات نفوق الأسماك وقانون المعاقين وقانون البدون... وكذلك صحيح أنّه سبق للحكومة أن دفعت بعض النواب المحسوبين عليها للغياب عن جلسات معينة لم تكن جلسة أمس أولها ولن تكون آخرها... وصحيح أنّ غياب نواب آخرين أو تأخرهم عن الحضور لأسباب بعضها تافه أو شخصي أدى إلى فقدان النصاب وعدم انعقاد بعض الجلسات الهامة لمجلس الأمة... صحيح ما سبق، ولكن ما حدث أمس يتجاوز ذلك كله ويتخطاه لأنّ الغياب الحكومي - النيابي المتعمّد عن جلسة المجلس المقررة يوم أمس، وربما الغياب المتوقع تكراره في الجلسة المقررة اليوم، لا يهدف فقط إلى تعطيل إقرار قانون غير مقبول حكوميا؛ أو تأخير جلسة مناقشة برلمانية مستحقة لموضوع مهم، مثلما حدث في المرات السابقة، وإنما الغياب الحكومي - النيابي المتعمّد عن جلسة الأمس يمثّل محاولة مكشوفة للاعتداء على الدستور، وليس فقط محاولة للالتفاف عليه، وذلك عبر النفاذ من ثغرة إجرائية في اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، من شأنها إن مرّت أن تهدر مبدأ حصانة النواب الموضوعية ضد المسؤولية البرلمانية، وأن تنتهك حكمي المادتين 108 و110 من الدستور المقررين لهذا المبدأ الديمقراطي!
فالحكومة أدركت أنّ رأيا عاما قد تشكّل في المجتمع الكويتي يمكن أن يمنع النواب المحسوبين عليها من التصويت بالموافقة على طلب رفع الحصانة البرلمانية عن النائب الدكتور فيصل المسلم تمهيدا لمحاكمته في أمر يقع في دائرة عمله البرلماني وأقواله داخل مجلس الأمة، الذي لا سلطان لأي هيئة عليه ولا تجوز مؤاخذته عنه بأي حال من الأحوال... فكان أن نصحها مستشارو السوء بتعطيل انعقاد جلسة مجلس الأمة لتنتهي مهلة الشهر المقررة في المادة 20 من اللائحة الداخلية للمجلس، ويتحوّل عدم اتخاذ المجلس قراره في شأن رفع الحصانة البرلمانية بالموافقة أو الرفض إلى إذن تلقائي برفعها، وهنا يتحقق للحكومة ما أدركت عجزها عن تحقيقه عبر التصويت!
إنّ تعطيل جلسة مجلس الأمة يوم أمس لم يكن مجرد اختطاف لتلك الجلسة، مثلما صدق في وصفه جزئيا الأخ النائب الدكتور حسن جوهر، بل أنّ التعطيل لم يكن اختطافا للمجلس، فمجلسنا الحالي مختطف حكوميا منذ أصدرت الغالبية النيابية بيانها الغريب العجيب السابق لانعقاد جلسة مناقشة طلب إعلان عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، الذي أعلنت فيه ثقتها فيه على نحو مخالف للدستور وللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وإنما الأمر أخطر من ذلك، إذ أنّ تعطيل جلسة يوم أمس محاولة سلطوية لاختطاف دستور البلاد عبر تكتيك مفضوح!
إنّ مرور هذه المحاولة - إن قُدِّر لها أن تمر - من شأنه إلغاء مبدأ الحصانة الموضوعية لأعضاء مجلس الأمة ضد المسؤولية البرلمانية؛ وهذا ما سيفتح الباب أمام إخضاع نواب الأمة للمساءلة قانونيا وقضائيا عن أعمالهم البرلمانية وعن أقوالهم داخل جلسات المجلس ولجانه... ولنا أن نتصوّر حال البرلمان عندما يتحوّل إلى مجرد “برلم”؟!   
 

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك