طلب رفع الحصانة عن المسلم يجب ان يُرفض لتعارضه الصارخ والفاضح مع الدستور والنظام العام برأي أحمد الديين
زاوية الكتابكتب نوفمبر 28, 2010, 12:57 م 1142 مشاهدات 0
على حصانة سلطة الأمة!
كتب احمد الديين
عندما تجتمع لجنة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الأمة صباح اليوم لتنظر في طلب رفع الحصانة البرلمانية عن النائب الدكتور فيصل المسلم في القضية رقم 963/ 2009 فإنّها ستبحث أمرا غير معهود يمثّل سابقة مختلفة تماما عن طلبات رفع الحصانة عن أي نائب آخر من أعضاء مجلس الأمة الحالي أو أعضاء مجالس الأمة المتعاقبة منذ العام 1963، ذلك أنّ التصرف المنسوب إلى النائب المسلم في طلب رفع الحصانة عنه مشمول أساسا بالحصانة الدستورية الموضوعية المطلقة... فالنائب أثناء حديثه في جلسة مجلس الأمة المنعقدة في 4 نوفمبر من العام الماضي 2009 وبهدف دعم حديثه بالبرهان الملموس، قام بعرض صورة الشيك الصادر عن رئيس مجلس الوزراء بمبلغ مئتي ألف دينار إلى النائب السابق ناصر الدويلة على شاشة القاعة، ثم سلّم نسخة من صورة ذلك الشيك إلى وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء... وفجأة أصبح النائب المحصّن ضد المسؤولية البرلمانية عن أقواله داخل قاعة المجلس متهما في جريمة لا تُغتفر، هي جريمة إفشاء أسرار مصرفية، وذلك على خلاف مبدأ الحصانة البرلمانية، الذي استقرت عليه التقاليد والأعراف البرلمانية المتّبعة وثبّتته الدساتير الديمقراطية!
إنّ الحصانة البرلمانية، التي يفترض أن يتمتع بها أعضاء مجلس الأمة وبينهم النائب الدكتور فيصل المسلم ليست امتيازا مقررا لأشخاصهم، وإنما هي استثناء من القانون العام يهدف إلى صيانة التمثيل النيابي وضمان منع تعدي السلطات الأخرى على أعضاء البرلمان، وخصوصا نواب الأقلية المعارضة... ولمزيد من التوضيح فإنّ الحصانة البرلمانية نوعان: أولهما، حصانة موضوعية تمنع مساءلة أعضاء البرلمانات جنائيا أو مدنيا عن أفكارهم وآرائهم وأقوالهم الصادرة عنهم داخل الجلسات العامة للبرلمان أو في لجانه أثناء ممارستهم مسؤولياتهم البرلمانية، مثلما هي حال النائب الدكتور فيصل المسلم، وهذه الحصانة ضد المسؤولية البرلمانية حصانة مطلقة ودائمة تستمر إلى ما بعد انقضاء عضوية النائب، وقد أشارت إليها المادة 108 من الدستور، التي قررت أنّ عضو مجلس الأمة يمثّل الأمة بأسرها و”لا سلطان لأي هيئة عليه في عمله بالمجلس أو لجانه”، وأكدّتها المادة 110 من الدستور التي تنصّ على أنّ “عضو مجلس الأمة حرٌّ فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه، ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال”، بل أنّ هناك دساتير ديمقراطية تقرر امتداد الحصانة البرلمانية لتشمل من بين ما تشمل الأقوال الصادرة عن النائب خارج جلسات البرلمان ولجانه ما دامت متصلة بعمله البرلماني... أما النوع الآخر من الحصانة فهي الحصانة الإجرائية، التي تهدف إلى منع اتخاذ إجراءات جنائية ضد أي عضو من أعضاء البرلمان في غير حالة التلبّس في الجريمة، إلا بإذن من البرلمان نفسه، وقد نظمت أحكامها المادة 111 من الدستور.
والمؤسف في الأمر أنّ طلب رفع الحصانة عن النائب الدكتور فيصل المسلم لا ينحصر في الطابع الكيدي له، الذي يمس الجانب الإجرائي من الحصانة، وإنما هو يمس مبدأ الحصانة البرلمانية في جانبها الموضوعي، وهذه سابقة خطرة... وبالتالي فإنّ رفض هذا الطلب يفترض أن يتجاوز نطاق البحث في مدى كيدية التهمة الموجهة ضد النائب المسلم من عدمها، مثلما هي العادة المتّبعة عند اتخاذ قرارات مجلس الأمة بالموافقة على طلبات رفع الحصانة أو رفضها، إذ يجب أن ينطلق الرفض هذه المرة من تعارض طلب الحصانة تعارضا صارخا وفاضحا مع الدستور والنظام العام!
تعليقات