د. يعقوب الشراح يخشي من أن يؤدى تعديل الدستور إلى المجال للتلاعب فيه وادخال العيوب على مضمونه
زاوية الكتابكتب نوفمبر 28, 2010, 12:25 ص 401 مشاهدات 0
الراىد. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / لماذا تعديل الدستور؟
د. يعقوب أحمد الشراح
تثار هذه الايام وعلى وتيرة مرتفعة الحدة مطالبة بعض الكتل السياسية مثل «التكتل الوطني» بتعديل الدستور الذي وضعه الرواد الاوائل من الكويتيين وعلى رأسهم ابو الدستور رحمه الله الشيخ عبدالله السالم الصباح، فكان دستور 1962 من اكثر الدساتير شمولية ومناسبة لحياة الناس وعلى نحو لا يعالج مرحلة تاريخية معينة، وانما هو دستور وسطي مرن هدفه معاصرة التغييرات والتحولات المجتمعية مهما امتد الزمن. ونظرا لعموميته في الكثير من بنوده فإن الدستور ترك المجال لتفسير مواده في لائحته الداخلية التي تدل على درجة عالية من الوضوح دون الاخلال في الجوانب العامة على حساب الخاصية التفصيلية.
ان الدعوة لتعديل الدستور لابد ان توجد لها مبررات دستورية وليس مزاجية او سياسية او تحت اي هدف آخر يراد منه الانتفاع لجهة على حساب جهة اخرى، وقد يكون من الافضل، كما يحدث في بعض الدول العريقة جس نبض الشارع ومعرفة رأي الغالبية من الشعب في التعديل، وقد يتم ذلك من خلال ادوات مختلفة ومقبولة مثل الاستفتاء العام. وحالما تتضح المبررات وتؤخذ بالاسباب بمطالبة الرأي العام لتطوير الدستور وليس مطالبة الحكومة او بعض نواب المجلس النيابي، فانه من الحكمة ان تجرى التعديلات اللازمة على تلك المواد الدستورية التي تحتاج فعلا إلى تغيير يصب في المصالح العليا.
الناس تتوجس الخيفة من تعديل الدستور لان الدستور بالنسبة لهم شريان حياتهم، وهو ليس بقانون او مشروع او برنامج تنموي او غير ذلك من مسائل لا بأس من تغييرها كلما جاءت المستجدات وحدثت التغيرات في حياة الناس. فتغيير الدستور له خاطره، خاصة إذا كان هدفه مواءمته لاغراض معينة مثل تقييد حق النواب في الاستجوابات، او منع توجيههم للاسئلة المغلظة للوزراء لمحاسبتهم على ادائهم في اعمالهم ومسؤولياتهم، او يهدف التغيير لتقييد الحريات العامة، والحد من الديموقراطية التي تثني عليها الدول وتعتبرها سمة كويتية اساسها النهج الدستوري الكويتي لانه يتيح الحرية في الفكر والتعبير والممارسة الحياتية في اطار المشروعية القانونية وليس الفوضى والانفلات والممارسات الشاذة التي يزاولها البعض.
ولاشك ان الخوف الاكبر من اقرار التعديل الدستوري ان يفتح المجال للتلاعب فيه وادخال العيوب على مضمونه، وربما المطالبة من مختلف الكتل السياسية والطائفية والاطياف الاجتماعية ان تدخل ايضا تعديلات اخرى لاحقة في المستقبل ما دام التعديل اصبح حقا مشروعا لمن يطالب بالتعديل من الكتل السياسية او الحكومة في اي وقت... نريد ان نحافظ على هيبة الدستور والا ندخله في خضم خلافاتنا ومشاكلنا التي لا تنتهي، فنحن في حاجة ماسة إلى تهذيب سلوكنا السياسي وليس تعديل الدستور، خاصة في هذا الوقت الذي يعكس الخلافات والتوترات وتكاثر المشاكل التي تحتاج إلى حلول عاجلة وفورية.
د. يعقوب أحمد الشراح
تعليقات