'لسانك حصانك' فقل خيرا أو اصمت
محليات وبرلماننوفمبر 26, 2010, 2:35 م 5079 مشاهدات 0
ان من أشد ما توعد الله به وحذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم هو اللسان، فهو أخطر جارحة في الإنسان، وهي أداة لكشف المستور وعمل بخفايا الأمور وجارحة تصعب على صاحبها إمساكها إلا من رحم الله سبحانه، وهي أداة كاشفة للصلاح والعيوب، وحذرنا منها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: (أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
فاللسان نعمة من الله سبحانه وتعالى جعلنا به ننطق ونتفاهم بين أجناس البشر، وهي أداة لنطق الشاهدين وأداة عظيمه وجرمها كبير، ويجب أن يحذر الانسان منه فهو السبيل به إلى الخير وهو لا يبعد عن الشر، أنت كما تريد تنطق بما تشاء، ولو فهمنا هذه الآية لما تكلمنا إلا بعد حساب عسير، ولم يتجرأ أحد أن يكتب إلا بعد تفكيرا طويل، لقوله سبحانه وتعالى بسورة ق (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) الآية: 18.
فاللسان آفة الأزمان ومهلك الإنسان وخطره عام وأجره للمحتسب كبير وصبره على الملذات والشهوات قليل، فمنا من يستغلها بطاعة الرحمن كقراءة القرآن، والنصيحة والطاعة والكلام الجميل المفعم بالفائدة، ومنا من يستخدمه بالشر كالكذب والغيبة والنميمة وإيذاء الناس والمرأة والجدال وشهادة الزور، فالحذر الحذر من شباكه ومصائده، كم من مسلم غيره الله بكلمة من اللسان، وكم تقطعت به الأرحام وتحطمت به الأوصال، وكم تفرقت به القلوب وكثرة الأوجاع.
وهناك آفة قد كثرة بمجالسنا وحامت حول رؤوسنا ولم تترك للإنسان نصيبا من الخير وهي 'الغيبة' فقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال : 'أترون ما الغيبة ؟ ' قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ' ذكرك أخاك بما يكره ، وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه ' رواه مسلم، فالغيبة هي ذكر المعايب والسيئات عن أخيك المسلم، ومن منا اليوم ليس فيه العيوب ومن منا اليوم لا توارده الشكوك، وكذلك 'النميمة' فعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم: 'لا يدخل الجنة نمام' رواه مسلم، فالنميمة هي نقل القول بين الناس ونقل الأخبار على سبيل الإفساد.
ومن اشد آفات اللسان القذف لقوله سبحانه وتعالى بسورة النور (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ(25)) وهي من أخطر الكبائر والذنوب عند الله سبحانه والتي تعجل عقوبة مرتكبها بالدنيا قبل الآخرة، وكذلك الهمز واللمز، فقد حذرنا الله سبحانه وتعالى منها لقوله سبحانه بسورة الهمزة (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)، وهي ذكر العيوب وهي تصنف من ضمن الغيبة أيضا، و'وَيْلٌ ' واد في جهنم أعاذنا الله وإياكم منه.
كذلك الكذب وشهادة الزور، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر) رواه البخاري، كذلك نذكر المثل المشهور ( لسانك حصانك ان صنته صانك وان اهنته هانك، وان خنته خانك) فالكلام الطيب يخرج بالطيب والسيئ لا يخرج إلا سيئا.
وقد امرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالصمت، فهي أداة ومنجاة من المهالك فقد قال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) متفق عليه، وقال أحد الصحابة: 'الصمت عبادة من غير عناء، زينة من غير حلي، هيبة من غير سلطان، به تستغني عن الاعتذار، وبه تستر عيوبك'.
ومن ثمرات حفظ اللسان الفوز بالجنة ورضوان الله سبحانه وتعالى من ثمرات حفظ اللسان قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتُبُ الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) .السلسلة الصحيحة، ولقوله أيضا (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة) رواه البخاري.
وعن أفضل المسلمين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أي المسلمين أفضل؟ قال (من سلم المسلمون من لسانه ويده) متفق عليه.
تعليقات