الخليج في المفهوم الاستراتيجي للناتو 2020
عربي و دولينوفمبر 22, 2010, 7:16 ص 2686 مشاهدات 0
لقد قيل انه يمكنك أن تعرف أجندة عمل وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين أولبرايت ' Madeleine Albright'من مجرد النظر إلى دبوس الصدر الذي تضعه،ومن ذلك انها كانت تهاجم سياسات صدام في التسعينيات بعنف شديد، مما دفع صحف عراقية لنشر قصيدة نعتتها فيها بـالأفعى، فقررت ارتداء دبوس بشكل ثعبان بشكل دائم كلما كان الموضوع عن العراق.
لكن أولبرايت أرتدت في فبراير 2010م كما نعتقد دبوس بطرفين الاول على شكل رأس زعيم طالبان، والثاني قاذف صواريخ باتريوت. حيث كانت على رأس الفريق الذي قام بمراجعة المفهوم الاستراتيجي لحلف الناتو.لكنها للاسف لم تضع دبوس صدر على شكل برميل نفط ولا على شكل جمل حتى نعرف في الخليج العربي اننا كنا ضمن خريطة القلق الاطلسي للعشر سنوات القادمة .
لقد كان محورالدفاع المضاد للصواريخ ومحور الانسحاب من افغانستان بحلول عام 2014م هما أهم محاور الاستراتيجية الجديدةلحلف شمال الاطلسي التي نوقشت 20 نوفمبر 2010م وإن كانت دول مجلس التعاون في ثنايا محاور اخرى نذكر منها :
1.محورالشراكات:حيث جاء إن الشراكات على اختلاف أنواعها ستتخذ مكانة مركزية في العمل اليومي وأنه يتعين على الحلف توضيح علاقاته بالشركاء الأساسيين وتعميقها وإقامة شراكات جديدة متى كان ذلك مناسبا وتوسيع نطاق نشاطاتها وفهم حقيقة أنه يتعين التعامل مع كل شريك وكل شراكة وفقاً للشروط التي تناسبها. وهنا تساءل كيف يتفق هذا الخطاب مع اختراع الحلف لمبادرة اسطنبول والتعامل مع دول مجلس التعاون كل دولة على انفراد بنظام 28+1 مع ان هذا لايناسبنا .
2.محورالإرهاب: وقد تحدثت الاستراتيجية عن ظرورة تطوير الحلف الى القدرة على تفادي ورصد الهجمات من قبل والمجموعات الارهابية او المتطرفة،والى شراكة أكثر فاعلية ومرونة اذا فشلت قوات التحالف في دحر الإرهاب والقضاء على الفوضى في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان، واعتبرت أن هذه المناطق تشكل أكبر خطر مباشر وجسيم على أمن جانبي الأطلسي وطالبت بمنع وقوع أية هجمات وضمان ألا تتحول هذه المناطق من جديد الى قاعدة للتهديدات. وفيما سبق تجاهل تام للجرح اليمني الاخذ بالتسمم بوتيرة تزداد باتجاهنا كلما تجاهل الغرب تنامي قوة القاعدة في جزيرة العرب .
3.محور أمن الطاقة:وفيه ضرورة تحقيق هدف حماية البنى التحتية للطاقة ومناطق العبور الحيوية وطرقها .
ومما يصيبنا بالحيرة أنه كان واضحا لنا منذ زمن طويل أختلاف نظرة الناتو بشقه الاوروبي لقضية أمن الخليج عن نظرتها لمجمل قضية الشرق الاوسط ،فقد كان التواجد الاوروبي التاريخي في الخليج اكثر وضوحا وافترضنا ان يكون اكثر قربا من قضاياه الامنية . من ناحية اخرى تختلف نظرة الولايات المتحدة للتقرب الاوروبي من قضية الشرق الاوسط عن نظرتها لتقربه من قضايا أمن الخليج فهي تريد التفرد بالاولى، وترحب بتدخل الناتو في الثانية، لكن ذلك لم يكن دافعا لان نكون في الاستراتيجية التي تم نشرها أمس الاول ، بل ان هناك من يرى ان الولايات المتحدة ترى امكانية فرض امن الخليج، بينما يرى الاوربيين استحالة انهاء الصراعات ،وان الحل الممكن هو باحتوائها فقط .
وفي استراتيجية الدفاع الوطني الأميركية 2010 ' U.S. National Security Strategy 'التي نشرت في النصف الاول من هذا العام وجدنا أن الخليج العربي كان حاضرا فيها بأسباب إيرانية،وفي استراتيجية الناتو 2020 كانت روسيا حاضرة فيها بأسباب ايرانية ايضا . فقد كانت روسيا تخشى نظام الدفاع الصاروخي،وتخشى تحول الحلف الى شرطة عالمية 'global NATO.' تضر بمصالحها. وقد تحدثت استراتيجية الناتو عن دوافع بناء الدرع الصاروخي دون أن تشير الى العدو المفترض،وكانت هناك خلافات بين اطراف عدة في هذا المحور فقد نجحت تركيا في أن تزيل اسم جمهورية ايران الاسلامية من خانة العدو المفترض الذي يقام هذا الدرع لصده . وفي نفس السياق صرح الأمين العام لحلف شمال الاطلسي أندرس فوغ راسموسن ان الناتو هو حلف نووي يسعى لجعل العالم منزوع السلاح النووي، ولايقصد بهذا إلا منع ايران من تحقيق طموحها النووي العسكري. كما ان فرنسا والمانيا لا زالتا في جدل حول دور الردع النووي والانظمة المضادة للصواريخ في الدفاع الجماعي الذي يشكل اساس الحلف الاطلسي منذ 1949م، فباريس تصر على ضرورة وجود الردع النووي، فيما تصر برلين على ضرورة انخراط الحلف في عمليات نزع السلاح النووي. وستشكل'NATO2020'النص المرجعي لنشاطات الحلف في السنوات العشر المقبلة، وقد تحول من خلالها من قوة دفاعية كما كان منذ قيامه إلى قوة للمهام الأمنية، لكنه لن يتردد في حماية مصالحه بمباركة قرارات مجلس الامن وبدونها ، وسوف يستخدم مبدأ ' coalition of the willing' عند الحاجة في خرقه للشرعية الدولية مماثل لما قام به في البلقان 1993م وما قام به جورج بوش 2003م. لقد انتهت قمة لشبونة 2010 على توافق وتناغم في المواقف و لم تظهر قرارات خارج الإطار المعتاد. إلا في وضوح الرئيس الأمريكي بضرورة إنعاش الحلف لحماية أوروبا من أي تهديد صاروخي بالتعاون مع روسيا، مما يعني ان العدو هو ايران ، كما شاركه في ذلك الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أعلن بكل وضوح ان خطر الصواريخ الباليستية المحدق بأوروبا مصدره ايران.
لقد قيل ان وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين أولبرايت قالت إن البروشات الماسية كانت شعار أجنداتها الدبلوماسية،فعندما قابلت حافظ الاسد ارتدت دبوس على شكل أسد، وعرفات نحلة، وسعود الفيصل حصان، وحين سُئلت ماذا سترتدي لو قابلت الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد؟ ردت: حمامة ونسر .
فمن كان سيفترس الاخر؟
تعليقات