عودة المالكي رئيسا للوزراء:
عربي و دوليما بين المأساة والمهزلة والمصادفات المذهلة
نوفمبر 14, 2010, 8:19 م 4780 مشاهدات 0
يعيد التاريخ نفسه مرتين، في المرة الأولى كمأساة وفي المرة الثانية كمهزلة، وتلك مقولة شهيرة لكارل ماركس. لكن ان يعيد التاريخ في وطننا العربي نفسه ثلاث مرات في يوم 26 في كل مرة، فتلك قضية تتعدى المأساة والمهزلة لتصبح مصادفات مذهلة،أو دليل على ربط الصفات الجينية للحمض النووي السياسي لنا بحب الاستحواذ على السلطة.
ولو أخذنا فسحة عن العلم و ثوابته حيال الجينات، لوجدنا إن الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر قد فازت فوزا ساحقا في يوم 26 ديسمبر 1991م حيث حصلت على 853 بلدية من بين 1539 بلدية، و 32 ولاية من بين 48 ولاية. وكانت انذاك حزب سياسي معترف به من الحكومة الجزائرية، لكن انقلاب عسكري حرمها من الوصول الى السطة التي كسبتها عبر صناديق الاقتراع،فسالت الدماء في شوارع ذلك البلد وقفزت جبهة الانقاذ بعملياتها الدموية لتحتل مكانة لها في قائمة المنظمات الارهابية. وتستمر المصادفة المذهلة أو قوة جينات الاستحواذ العربية، ففي يوم 26 يناير 2006م فازت حركة المقاومة الإسلامية ' حماس ' في انتخابات المجلس التشريعي وحصلت على 76 مقعد من أصل 132 مقعد، مما أعطاها أغلبية في المجلس، فتحركت جينات الاستحواذ حيث رفضت حركة فتح النتائج، وجرت بينهم صراعات طويلة سالت فيها الدماء مرة اخرى حتى عزلت غزة في كيان بائس،و قفزت حماس الى قائمة المنظمات الارهابية في المضبطة الغربية كحال جبهة الانقاذ الجزائرية .
وتكررت المصادفة المذهلة، ففي يوم 26 مارس 2010م أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية فوز 'قائمة العراقية' برئاسة رئيس الوزراء العراقي الاسبق الدكتور اياد علاوي على منافستها' قائمة ائتلاف دولة القانون' برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي اذ نالت 91 مقعدا مقابل 89 لقائمة المالكي، و70 مقعدا للائتلاف الوطني العراقي. كما نال التحالف الكردستاني 43 مقعدا، لتتحرك جينات الاستحواذ مرة ثالثة وتحول دون وصول علاوي وطروحاته العروبية لتشكيل حكومة عراقية .
لقد اجهضت الكتل العراقية المتنافسة المبادرة السعودية وقبلها القطرية وكل الفرص العربية الاخرى لتقاسم السلطة،مما دفع رئيس كتلة العراقية د .اياد علاوي لنعي الاتفاق الجديد لاقتسام السلطة الذي تم قبل ايام ووصفه بالميت،متوقعا مزيدا من العنف. وقد اضاف علاوي ان بعض اعضاء القائمة العراقية ربما ينضمون للحكومة، لكن السواد الاعظم منهم لن ينضموا اليها. وبين علاوي انه يفكر في تشكيل معارضة برلمانية، بدلا من المشاركة في الحكومة. لكن اخطر ماقاله هو ('ان العراق سيشهد على الارجح توترات وأعمال عنف.)
وفي دراسة استشرافية بعنوان ' أثر الانسحاب الأميركي من العراق ' توقعنا في 28 يوليو2010م إن من ضمن السيناريوهات الثلاث لما بعد الانسحاب، استمرار الوضع الراهن كما هو بما يحمله من سمات عدم استقرار وفي السيناريو المحتمل الثاني، سوف يتم احتواء الفوضى في العراق. أما السيناريو المحتمل الثالث، فذكرنا انه يتمثل في عراق غارق في الفوضى ومنقسم على نفسه.
لقد توقعنا في السيناريو الأول (الازمة الممتدة) واستمرار عدم الاستقرار، و الإخفاق في تشكيل حكومة عراقية مستقرة، وضياع معاني نتائج الانتخابات النيابية بين الكتل السياسية، وزيادة تعقيد المشهد العراقي لتشرذم القوى السياسية وإنعدام الثقة بين كافة الفرقاء، وتضارب المصالح الوطنية أو الخاصة فيما بينها، ومع دول الجوار، بالإضافة إلى المصالح الأميركية والصراعات الطائفية، وإستمرار غياب الدور العربي هناك.
للمزيد، أنظر أدناه:
http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?cid=52&nid=56334
لقد عاد نوري المالكي كرئيس للوزراء بإصراره وتشبثه بموقفه بناء على دوافع لا دخل للصدفة فيها، بل بناء على حسابات شخصية، وطائفية، وأقليمية ،وليس في وصوله للسلطة نجاح يحتفل به جميع العراقيون،فوثائق ويكيليكس' wikileaks.org' عن تجاوزات القوات الامنية التابعة للمالكي،والسنوات العجاف التي حكم العراق خلالها، والدعم السياسي الايراني له ضد منافسيه، والجفوة بينه وبين محيطه العربي، كلها تشير بألف أصبع الى انه سيكون هناك غياب لقدرته على إدارة الاختلافات ليس مع جوارة الاقليمي فحسب بل مع مواطنيه أيضا.وتلك تتعدى المأساة والمهزلة وتستقر في وفائه لجيناته السياسية في حب الاستحواذ على السلطة، على الرغم من تصريحه يوم الانتخابات بنيته تسليم السلطة بشكل سلمي،ولايبقى ألا ردة فعل مؤيدي القائمة العراقية، فهل سيمثل يوم 26 مارس 2010م لهم ما مثله يوم26ديسمبر1991م لجبهة الانقاذ و26 يناير 2006م لحماس ؟ لايتمنى احد ذلك ، ولكن نتمنى ان نرى حكومة غير التي وصلت للسلطة في بغداد اول مرة عام 2006م.
تعليقات